الوقت- هناك أسباب كثيرة تدفع "اسرائيل" لكي تلعب بالنار في هذه المرحلة، على أمل الاصطياد في الماء العكر وخلط الأحداث والحصول على أفضل النتائج بأقل العواقب، فالتحديات التي تواجهها اسرائيل وأمريكا كبيرة جداً وهي تنذر بسقوط حُكام هنا وهناك وفوضى غير مسبوقة وكلّ ما يحصل في الداخل الاسرائيلي والأمريكي يؤكّد هذا الكلام، لذلك كان لا بدّ من الهروب إلى الأمام وايجاد طريقة للخروج من الأزمات التي تلاحق المسؤولين الأمريكيين والاسرائيليين، والضربة الجوية والصاروخية الأخيرة على سوريا تأتي في هذا السياق، ولا نعلم إلى أي درجة كيان العدو متأهّب لاستقبال الرد من محور المقاومة الذي يبدو أنّه قادم لا محالة بعد أن تمادت "اسرائيل" في انتهاك السيادة السورية واستباحت أرضها، يضاف إلى هذا استهداف مقاتلي "حزب الله" اللبناني واستشهاد "علي كامل محسن" في الغارة الأخيرة، ونستبعد جداً ان يمرّ استشهاد "شهيد الحزب" دون ردّ حتمي كان قد توعّد به الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله في أكثر من مناسبة.
السيد نصرالله أكد على معادلة الردع والاسرائيلي يعلم هذا الأمر، وعلى هذا الأساس أعلن حالة التأهب في صفوف قواته خوفاً من ايّ ردّ لحزب الله، وأغلقت اسرائيل المجال الجوي لهضبة الجولان، وكتبت القناة 12 العبرية: "استنفار عالي الوتيرة في الشمال، وذلك بعد القصف على العاصمة السورية، أنباء عن أن حزب الله يرفع درجة الاستنفار على الحدود، ويرسل رسائل تهديد لإسرائيل، وفي الشريط خلية مضادة للدبابات تستعد لعملية إطلاق، بشكل مشابه لعملية الرد الأخيرة".
وتابعت القناة 12 العبرية، الهجوم والاستعدادات، استنفار على الحدود الشمالية في أعقاب تهديد حزب الله بالانتقام من "إسرائيل"، وذلك على خلفية القصف ليلة الاثنين الماضي في سوريا والذي نسب ل "إسرائيل".
لم يجن جنون الاسرائيليين بعد الضربة وانما بدأ الخوف يتسلل إلى قلوبهم بعد أن أعلن "حزب الله" في بيان رسمي استشهاد "علي كامل محسن"، وبدأت البرامج الحوارية واستضافة المحللين العسكريين والسياسيين، وكررت هذه القنوات مقطع فيدو للسيد حسن نصرالله يقول فيه: " إن قتل أو اغتيل مجاهد من المقاومة فإن على كيان الاحتلال تحمّل التبعات ومسؤولية النتائج، وإن الردّ سيكون حتمياً والبادئ أظلم.
واستذكر اللبنانيون كلام السيد حسن نصر الله للجيش الإسرائيلي بمناسبة عيد التحرير الثاني قائلاً، "قف على الحائط على اجر ونص وانطرنا"، يوم أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة".
أسباب القلق الإسرائيلي.. وغاية الضربة الجوية
أولاً: التحالف الأمريكي_الاسرائيلي وجد انه من المستحيل فك الشراكة والتحالف بين دول محور المقاومة بعد توقيع الاتفاقية العسكرية الأخيرة بين سوريا وايران التي أشعلت غضب الاسرائيليين الذين وجدوا ان كل ما فعلوه في سوريا ذهب هباءً منثورا، حيث نصت الاتفاقية على تعاون عسكري بين البلدين تضمنت بنداً صريحاً ينص على التزام ايران بتحديث وتطوير الدفاعات الجوية السورية الامر الذي أثار قلقاً في أوساط المحللين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين الذين اعتبروه اتفاق إعلان نوايا بين البلدين يحمل نوايا عدوانية تجاه اسرائيل.
يضاف إلى هذا الاتفاق تفوق الجيش السوري في ارض الميدان واستعادته لأكثر من 80% من مساحة البلاد، وتخشى الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك اسرائيل أن يتمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة على بقية المناطق، خاصة وان اسرائيل والولايات المتحدة غير قادرتين على مساعدة الارهابيين كما كان عليه الحال في السابق لذلك قررت اسرائيل وبضوء أخضر امريكي توجيه ضربة استباقية غير محسوبة النتائج نحو سوريا.
ثانياً: كورونا يتغلغل في اسرائيل وينتشر بكثرة بين الاسرائيليين، وغالبية العسكريين الاسرائيليين في الحجر الصحي وبالتالي المؤسسة العسكرية غير متأهبة اليوم لخوض معركة مباشرة مع محور المقاومة، وفي حال رد حزب الله وهذا هو المؤكد ستكون اسرائيل في ورطة كبيرة، حيث ان الاقتصاد الاسرائيلي في اسوء ايامه ولن تتحمل اسرائيل تكلفة اي معركة جديدة وكذلك لن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على التمويل في ظل الوضع الاقتصادي التي تمر به هي الاخرى.
ثالثاً: نتنياهو يعاني من ازمات داخلية ومهدد بأن يخضع للمحاكمة في اي وقت على خلفية قضايا الفساد التي لحقت به وبزوجته، يضاف الى هذا المظاهرات التي عمت شوارع فلسطين المحتلة والتي تطالب برحيله، وبالتالي توريط الصهاينة في اي حرب غير محسوبة النتائج سوف تقضي على مستقبل نتنياهو السياسي، ولكن في الوقت نفسه قد يكون نتنياهو وجه الضربة الاخيرة لسوريا للهروب من مشكلاته الداخلية وابعاد الانظار عما يحصل في الداخل الاسرائيلي بعد ان تأزمت الامور كثيرا هناك.
رابعاً: حزب الله سوف يرد وهذا ما يقلق اسرائيل، خاصة وانهم لا يعلمون كيف ومتى واين، وما الاعلان عن استشهاد مقاتل من حزب الله في بيان رسمي الا دليل على ان الانتقام قادم، وهذا ما اكده السيد نصر الله في اكثر من مناسبة.
في الختام؛ اقدام اسرائيل على الخطوة الأخيرة قد يكلفها الكثير، خاصة وان جميع محاولات الاسرائيليين باءت بالفشل في الفترات السابقة، حيث لم يتمكنوا من فك التحالف بين سوريا وايران وبالتالي سيبقى "حزب الله" في اوج قوته وهذا ما يدفع اسرائيل للجنون بعد كل هذه الغارات التي أقدمت عليها، وكانت تظن أمريكا أنها باغتيالها الشهيد قاسم سليماني ستتمكن من توجيه ضربة قاصمة لايران وللمقاومة ولكن النتيجة جاءت على عكس ذلك، خاصة وان قائد الثورة الاسلامية علي خامنئي ذكر رئيس الوزراء العراقي اثناء استقباله له، بأنّ اغتيال الحاج قاسم سليماني ورفاقه جرى على أرض العِراق، ومن قِبَل العدو الأمريكي، وأنّ إيران ستثأر لدِمائه. وعليكم تخيل النتائج في المستقبل.