الوقت- يزداد حجم التوتّر القائم منذ عقود بين الجزائر والمغرب بشكل مستمر، وقد أجّج إعلان الجيش المغربيّ، في أيار المنصرم، عن بناء قاعدة عسكريّة في إقليم "جرادة" بالقرب من الحدود الجزائريّة نار التوتر، حيث عبّر الرئيس الجزائريّ، "عبد المجيد تبون"، مراراً عن قلق بلاده من القواعد العسكريّة التي يشيدها المغرب على طول الحدود المشتركة، كما أنّ حرب التصريحات لا تتوقف بين البلدين، كان آخرها تصريحات للقنصل المغربيّ في "وهران"، وصف فيها الجزائر بالـ "بلد العدو" ما دفع الخارجيّة الجزائريّة لاستدعاء السفير المغربيّ من أجل تقديم توضيحات بشأن ما حدث، إضافة إلى كل ذلك قام الجيش الجزائريّ بمناورات عسكريّة في ناحية "تندوف" قرب الحدود مع المغرب.
تصعيدٌ مغربيّ خطير
أوضح الرئيس الجزائريّ، "عبد المجيد تبون"، في حوار مع صحيفة "لوبينيون" الفرنسيّة، الثلاثاء الماضي، أنّ هناك ما أسماه "تلاسنا دائماً" بين بلاده والمغرب، مشدداً على أنّ شعبيّ البلدين الجارين لديهما تاريخ مشترك طويل، ومحكوم عليهما بالتعايش.
وفي هذا السياق، وللمرة الثانيّة خلال أقل من عشرة أيام ركز الرئيس الجزائريّ على قضية القواعد العسكريّة المغربيّة، وقال: "ليس لدينا أيّ مشكلة مع المغرب ونحن نركز على تنمية وطننا، ويبدو أن أشقاءنا المغاربة ليسوا في هذا الخط"، واصفاً تشييد المغرب للقواعد العسكريّة على الحدود مع بلاده، بالـ "تصعيد" الذي يجب إيقافه.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الجزائر تدرك بشكل جليّ الأهداف المغربيّة التي ازدادت بشكل خطير منذ مدّة، لتعزيز وجودها العسكريّ في عدد من النقاط جنوب شرقيّ البلاد، وهذا الأمر لا يتوقف عند إعلانها عن بناء القاعدة العسكريّة على الحدود الجزائريّة، كما ترى الجزائر في الوجود العسكريّ المغربيّ استفزازاً أو تهديداً لأمنها القوميّ، وقد أسهبت المواقع الإخباريّة الجزائريّة في الحديث عن المخططات المغربيّة والغربيّة والإسرائيليّة، لاستهداف بلادهم.
وما ينبغي ذكره، أنّ المملكة المغربيّة لديها عدة نقاط مراقبة عسكريّة على طول الحدود البريّة المشتركة مع الجزائر، بالإضافة إلى بعض القواعد التي تعود إلى عقود ومنها قاعدة عسكريّة في مدينة "وجدة" شرقيّ البلاد، كما أنّ لدى الجزائر قواعد عسكريّة على الحدود المشتركة، وكانت قد ضاعفتها إبان الحرب الأهليّة غير المعلنة خلال فترة التسعينات، بحسب تقارير إعلاميّة.
أكثر من ذلك؛ منذ 20 عاماً يستمر سباق التسلح بين البلدين، ويتجلى في اقتناء طائرات مقاتلة وغواصات وسفن حربيّة متطورة وإجراء مناورات متعددة، أما في الفترة الأخيرة انتقل البلدان إلى نوع جديد من التوتر يتمثل في بناء القواعد الحدوديّة.
النقطة الفارقة
اشتعلت حرب "القواعد العسكريّة" بين المغرب والجزائر بعد أن وقع رئيس الحكومة المغربيّة "سعد الدين العثمانيّ"، قبل مدة، مرسوماً يقضي بتخصيص أرض لبناء قاعدة عسكريّة جديدة، شرقيّ البلاد، حيث نشرت الصحيفة الرسميّة، في 21 مايو/أيام المنصرم، المرسوم الحكوميّ القاضي ببناء الثكنة على مساحة 23 هكتاراً.
وكانت القوات المسلحة المغربيّة، قد ذكرت في بيان لها، أنَّ الثكنة العسكرية المزمع إنشاؤها ليس لها مواصفات القاعدة العسكريّة، وأشارت إلى أنَّ إحداث الثكنة الجديدة في إقليم "جرادة" يأتي في إطار مشروع وضعته القوات المسلحة المغربيّة منذ سنوات من أجل نقل البنية التحتيّة العسكريّة الموجودة في مراكز المدن بجميع أنحاء المملكة، وقد انطلق العمل بها في الأعوام الماضية، وأضافت أنَّه سيتم تشييد الثكنة الجديدة على بعد 38 كيلومتراً عن الحدود الجزائرية، وستخصص لإيواء الجنود، وليس لها أي هدف عملي.
جذور الخلافات
تشهد العلاقات الجزائريّة-المغربيّة انقطاعاً شبه تام على خلفية ملف الحدود البريّة المغلقة منذ عام 1994، بالإضافة إلى قضيّة "الصحراء الغربيّة"، التي يُسيطر المغرب على أجزاء كبيرة منها، و المتنازع عليها بين الرباط وجبهة "البوليساريو"، التي أعلنت في وقت سابق عن تأسيسها لما أسمته "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" و شكلت حكومتها في "تندوف" بالجزائر.
ويشهد إقليم الصحراء منذ عام 1975 نزاعاً بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، وذلك بعد انتهاء فترة وجود الاحتلال الإسبانيّ في المنطقة، ليتحول إلى مواجهة مسلحة بين الجانبين، توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، حيث تقترح الرباط حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيطرتها، فيما تطالب جبهة "البوليساريو" باستفتاء يقرر مصيرهم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي عشرات آلاف اللاجئين من منطقة الصحراء الغربيّة.