الوقت- عادت التوترات بين الجزائر والمغرب إلى الواجهة مجدداً، بعد تصريحات على لسان وزير الخارجية المغربي "ناصر بوريطة"، الذي اتهم الجزائر بطريقة غير مباشرة بما قال أنَّه " مواصلة تغذية الانفصال" ، وعلى صعيد متصل و خلال قمة "دول عدم الانحياز"، التي جرت عن بعد، 4 مايو/آيار الإثنين المنصرم، ، دعا الرئيس الجزائري "عبد المجيد تبون" مجلس الأمن الدولي إلى اجتماع عاجل، واتخاذ قرار لوقف الأعمال العدائية في العالم، وفي ليبيا على وجه الخصوص، مؤكداً ضرورة عدم إغفال أوضاع الأراضي المحتلة، كما هو الحال في فلسطين، والصحراء الغربية.
أساس الخلاف
"الصحراء الغربية" هي منطقة مُتنازع عليها، تقع في شمال أفريقيا، و يُسيطر المغرب على أجزاء كبيرة منها؛ فيما تَعتبرها دول أخرى منطقة مُستعمَرة تسعى الأمم المتحدة لإيجادِ حلٍ لها، يحدها المغرب من الشمال بينما تحدها الجزائر من الشرق، وموريتانيا من الجنوب، والمحيط الأطلسي من الغرب، وتبلغ مساحتها حوالي 266,000 كيلومتر مربع، وتعد واحدة من المناطق ذات الكثافة سكانية القليلة، عدد سكانها يتجاوز الـ 500.000، يعيش 40% في منطقة "العيون" كبرى مدنها.
ظلت الصحراء الغربية تحت الاحتلال الإسباني حتى أواخر القرن العشرين، وهي اليوم ضمن قائمة الأمم المتحدة للأقاليم غير المحكومة ذاتياً، وفي عام 1975، تخلت إسبانيا عن "الرقابة الإدارية" للمنطقة ومنحت الرقابة لإدارة مشتركة من قبل المغرب وموريتانيا ، لكن المغرب ادعى فيما بعد أن الإقليم تابع له بشكل رسمي.
اندلعت حرب بين البلدان حول ملكية المنطقة، فتأسست حركة قومية صحراوية عُرفت بجبهة "البوليساريو" والتي أعلنت في وقت لاحق عن تأسيسها "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" و شكلت حكومتها في "تندوف" بالجزائر.
وكانت موريتانيا قد انسحبت من الصحراء الغربية عام 1979، ليُسيطر المغرب فعليا على معظم مساحة الصحراء الغربية، إلا أن الأمم المتحدة تعتبر جبهة "البوليساريو "الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، وتطالب الأمم المتحدة السلطات المغربية بضرورة ترك حق تقرير المصير للصحراويين أنفسهم.
في العام 2016، أعلن الاتحاد الأوروبي أن "الصحراء الغربية" ليست من الأراضي المغربية وفي آذار/مارس 2016 طرد المغرب حوالي 70 عاملاً في منظمة الأمم المتحدة بعد أن صرح "بان كي مون" أن ضم المغرب للصحراء الغربية يعد احتلالاً لدولة ذات سيادة، إضافة إلى أنه لا يوجد أي دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بشكل رسمي بسيادة المغرب على كل أجزاء الصحراء الغربية، منذ العام 2017، وقد تعرض المغرب لانتقادات لاذعة من منظمات حقوق الإنسان الدولية بسبب أعمال العنف في الصحراء الغربية .
موقف حازم
تتهم المواقع الجزائرية دولة المغرب بالانخراط في تحالفات استخباراتية مع كل من فرنسا والكيان الصهيوني، لاستهداف البلاد، وإشغالها عن الأمور المصيرية وإبقائها بعيدة عن القضايا العربية والإفريقية، وثنيها عن مواقفها العادلة المناهضة للاستعمار والمؤيدة لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
وقد جاءت تصريحات الرئيس الجزائري "عبد المجيد تبون"، الأسبوع المنصرم، لتؤكد رفض الجزائر المطلق لرهن سيادة البلاد من خلال العودة للاقتراض الخارجي، الذي يفقد البلاد استقلاليتها في دعم القضايا العادلة ومن بينها القضيتين المحوريتين، القضية الفلسطينية وبالإضافة إلى حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ما أثار موجه غضب أصابت المسؤولين في المغرب، وشرعوا في استهداف الجزائر، متناسين جرائمهم البشعة التي ارتكبت بحق الشعب الصحراوي، لتحقيق أهدافهم التوسعية.
كذلك، شدد عضو البرلمان الجزائري "عبد الكريم قريشي" على أن ملف الصحراء الغربية أممي بامتياز، وأضاف في حديث له مع وكالة "سبوتنيك"، أن الجزائر تنطلق من مبادئها الراسخة في مساندة الشعوب المناهضة للاستعمار، وأكد أنه على الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحمل مسؤولياتهما الكاملة بما يخص هذا الموضوع، وقال" إن المغرب يتناسى أن هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لا يعترفون بسيادة المغرب على الصحراء الغربية".
إذن؛ الجزائر ماضية في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب التي ترزح تحت الاحتلال، رافضة كل ما يمكن أن يثنيها عن مواقفها وخياراتها، وأن قضية "الصحراء الغربية" بالنسبة للجزائر تعادل قضية فلسطين "إن صح التعبير" ، ولن تضعف مواقفها مع الانشغال الدولي بمواجهة فيروس كورونا، مؤكدة على ضرورة تحمل المسؤولية القانونية الكاملة في تطبيق الشرعية الدولية.