الوقت- تشير المعطيات المتعلقة بكيان الاحتلال الصهيونيّ، إلى تفكك واضح المعالم في البنية الداخلية للعدو، حيث يشير المشهد الإسرائيليّ العام، خاصة على الصعيد السياسيّ، إلى الحال الذي وصل إليه الكيان الغاصب من الترنح العميق في كل السلطات في آن واحد، بدءاً من الكنيست أو السلطة التشريعية، وصولاً إلى الحكومة أو السلطة التنفيذية، وليس ختاماً عند السلطة القضائية ممثلة بالمحكمة العليا وبالمستشار القضائيّ للحكومة الصهيونيّة.
صراع السُلطات
على الأقل يجب توافر القليل من التوازن بين مختلف السلطات في أيّ حكومة تماشياً مع أساليب تحقيق التكامل في الصلاحيات المحددة لكل منها، أما داخل النظام السياسيّ الإسرائيليّ يكون المشهد مختلفاً، مع مسألة "تكسير العضم"، إن صح التعبير، بين السلطات الثلاثة.
وبالاستناد إلى نتائج آخر استطلاعات الرأي التي نُشرت قبل مدة قريبة والتي تشير بشكل واضح إلى تراجع نتنياهو وحزب "الليكود" من 40 مقعداً إلى 36 مقعداً، فإنّ الساحة الحزبيّة الاسرائيليّة شهدت هزات مؤثرة داخل إطار المجمع الحزبيّ اليمينيّ الذي يقوده رئيس الوزراء الصهيونيّ "بنيامين نتنياهو".
وفي هذا الصدد؛ تبيّن أنّ هناك أعضاء كنيست من "الحريديم" يشتعلون غضباً من سياسة نتنياهو الرعناء على المستوى الداخليّ وأخذوا بالتقرب من وزراء داخل الحكومة والكنيست خاصة وزراء حزب "أزرق – أبيض"، أي كلاً من بيني غانتس وغابي اشكنازي وآفي نيسانكورين، ومن المهم أنّ الاستطلاع الأخير يشير بوضوح إلى أنّ تزايد أعداد ناخبي تحالف "أحزاب اليمين المتطرف" ممن سيدعمون حزب يميناً برئاسة "نفتالي بينت"، الذي سيضاعف مقاعده لتصل إلى 12 مقعداً وهو ما يفسّر نسبياً تراجع عدد مقاعد الليكود، بحسب مواقع إخبارية.
معركة داخليّة
في خضم المعركة الدائرة بين سلطات الاحتلال الغاشم، خاصة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بعد أن نجحت السلطة التنفيذية في نشل ونهب صلاحيات من السلطة التشريعيّة، يحدث ذلك بالتزامن مع الانفراد الحكوميّ الصهيونيّ باتخاذ القرارات حول إعلان حالة الطوارئ أو تمديدها، بالإضافة إلى تحويل جهاز الأمن العام الإسرائيليّ، "الشاباك "، التابع بشكل مباشر لرئيس الحكومة، بمراقبة المواطنين عبر تطبيقات أجهزة الهاتف الخلويّ دون الرجوع إلى الكنيست بذريعة أنّ السرعة مطلوبة لتحقيق غايات واضحة لم تعد صعبة الإدراك على مواطنيهم.
وعلى هذا الأساس، ومع كل تلك المبررات الزائفة وغير المقنعة لما تتطلبه من مطالعة وقراءة تفصيليّة للأوضاع قبل اتخاذ أي قرار بالنظر إلى تداعياته الخطيرة والأكيدة لأيّ قرار يتخذ حول هكذا قضايا.
وما يلفت الانتباه حقاً هو أنّ الكنيست من خلال الأغلبية المهيمنة من قوى اليمين هو نفسه الذي تنازل عن صلاحياته في سياق تواطؤ شهد عليه التصويت حول هذه المسألة في تجاهل مقصود للضوابط والتوازنات التي يجب أن يخضع لها.
نهاية الحكومة الإسرائيليّة
ذكر رئيس الائتلاف الحكوميّ، النائب الليكوديّ، "ميكي زوهار"، في وقت سابق، أنّ الحكومة الإسرائيليّة الحالية لن تستمر طويلاً بسبب الخلاف الجوهريّ بين الثنائيّ نتنياهو و غانتس، حيث دعا إلى عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه لتسليم الثاني مقاليد رئاسة الحكومة عندما يأتي الوقت المحدد، مع ذلك استدرك مشيراً أن فيروس " كورونا " المتفشي هناك هو الذي يجعل الحكومة لا تزال مستمرة، وذلك بحسب مقابلة مع إحدى الصحف العبريّة.
وعلى ما يبدو وكما تقول الوقائع فإنّ فيروس كورونا المستجد يمكن أن يكون القشة التي ستقسم ظهر نتنياهو على ضوء فشل نتنياهو الذريع في إدارة أزمة الوباء ووصول الأزمة الاقتصاديّة إلى وضع من الصعب إصلاحه هناك، خاصة مع بدء موجة ثانية من البطالة بسبب الوباء والتي من المحتمل أن تصل إلى ما يزيد على 20% مقارنة مع قرابة 4% أثناء موجة الوباء الأولى، بحسب تقارير إعلامية.
وفي هذا السياق، تتراجع شعبية نتنياهو بشكل كبير بسبب التأزم المتصاعد في الوضع الاقتصادي، وهذا يعدّ أحد المؤشرات المهمّة التي غيّرت حسابات المواطنين بشكل شبه كامل، وأدّت لتخوّف عميق من المستقبل على ضوء أرقام بالغة التأثير على الناخب الاسرائيليّ.
أما عن المساعي المتواصلة لحزب "الليكود" لإضعاف سلطة القضاء، وبينما فرض على الكنيست مناقشة التحقيق مع القضاة حول تنازع المصالح بتجاهل تام حول المسائل ذات الأولويّة والمتعقلة بإدارة أزمة فيروس الكورونا، فإنّ نتنياهو الذي دفع بشأن هذا التحقيق هو نفسه تغيب مع عدد من أنصاره عن التصويت ما يشير إلى ضعف الليكود من ناحية وأن الانقضاض على سلطة القضاء ما زال من أولويات نتنياهو خاصة بعد قيامه بسلسلة من التعيينات في الشرطة وجهاز "إنفاذ القانون" ما استدعى قيام المستشار الحكوميّ، "مندلبليت"، بتوجيه رسالة إليه تشير إلى أن هذه التعيينات تنطوي على تناقض مصالح بالنظر إلى خضوع نتنياهو إلى سلسلة محاكمات كما هو معروف.