الوقت- يومًا بعد آخر تتواصل هزائم عيال زايد على مستوى المنطقة برمتها، وآخر هذه الهزائم إغلاق مركزهم المخابراتي الموجود في المغرب، وهو مؤسسة "مؤمنون بلا حدود"، وذلك بعد أن أثبتت هذه المؤسسة أنّها غير قادرة على تنفيذ السياسات والأهداف الإماراتية، ويعود السبب في ذلك الفشل إلى أنّ المجتمعات العربية باتت تُدرك الدور التخريبي الذي تلعبه الإمارات، ومن جهةٍ رفض الرباط لوجود مؤسسة استخباراتية على أراضيها، وما خلّفه ذلك من علاقات مُتوترة بين البلدين.
فشل.. وخلاف
عمل عيال زايد على إنشاء هذه المؤسسة في المغرب بعد أنّ فشلت جهودهم في إنشائها تونس والأردن، ليكون المغرب المكان الذي يحتضن هذه المؤسسة، وربما يسأل سائل لماذا لم يُنشئوها في بلادهم، وهنا نقول أنّ الإمارات باتت تعلم علم اليقين أنّها باتت مرفوضة من قِبل المجتمع العربي، وذلك عملت على إنشائها خارج حدودها، في محاولة للتلاعب على الأفكار التي تحملها الشعوب العربية.
مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" التي تُصدر أربع مجلات علمية هي "يتفكرون" و"ذوات" و"ألباب" و"تأويليات"، ويعمل بها عدد من الذين توسّموا الخير بشعرات هذه المؤسسة وهم مجموعة من الباحثين والصحافيين المغاربة، غير أنّ هؤلاء لم يستطيعوا النفوذ إلى الوعي الجمعي للمجتمع المغاربي، وبدا ذلك واضحًا من خلال وصول الإسلاميين إلى السلطة في أكثر من دولة مغاربية الأمر الذي يشي بعدم قدرة هذه المؤسسة على التأثير على المجتمع.
وبعد فشل القوّة الخشنة والكوارث التي جلبتها سياسات الإمارات، ارتأى عيال زايد إلى إنشاء هذه المؤسسة في محاولةٍ منهم للوقوف بوجه المد الإسلامي في المنطقة، وهو الذي يُهدد بإسقاط عُروشهم، محاولين تغيير الفكر الجمعي للشعوب العربية، غير أنّ مُحاولاتها تلك باءت بالفشل أيضًا، ناهيك عن الخسارات الماديّة الهائلة التي تكبدتها خلال الفترة التي نشطت بها هذه المؤسسة التي لم تكن تُدرُّ أيّة أرباح، الأمر الذي أجبر الإمارات على إغلاق هذه المؤسسة.
اختراق ناعم
"مؤمنون بلاحدود" ليست وكما يدّعي مؤسسوها أنّها "مؤسسة بحثية علمية" بل هي وكما يقول عارفون بالشأن الأمني، العلمي والدين، ليست أكثر من ذراع مُخابراتي إماراتي للمغرب، حيث استفادت هذه المؤسسة من حالة الديموقراطية –ولو بأبسط صورها- الموجودة هناك لتُباشر دورًا تخريبيًّا مستهدفة نُخبة المجتمع وقادة الرأي في المملكة المغربية، في مُحاولةٍ منها السيطرة على توسع الإسلام وانتشاره بين أوساط الشباب والمثقفين في المغرب.
المؤسسة التي عملت ترسيخ الليبرالية والعلمانية المُفرطة والتي لا توجد حتى في الدول الغربية، فهي بذلك تسعى فيما تسعاه إلى تغيير الفكر الجمعي للمجتمع المغربي والمغاربي، بُغية إيجاد هوّة بين النُخبة المُثقفة وبين الدين الإسلامي، الأمر الذي سينعكس حُكمًا على طريقة تعاطي المجتمعات مع الأفكار التي تُروجها هذه المؤسسة.
مؤمنون بلا حدود.. والإخوان
عند معرفة المُموِّل الرئيسي لهذه المؤسسة "وهي الإمارات" يتجه الفكر مباشرةً إلى الإخوان المسلمين، وإلى العلاقة المضطربة بينهما، فكافة أبحاث المؤسسة التي أتت على ذكر الإخوان المسلمين؛ لم تخلُ من الشتم والسباب، مع محاولة تبيين أنّ "الجماعة" فرقةٌ ضالة عن الطريق القويم (طريق الإسلام الإماراتي الأمريكي).
وإذ نحن هنا لسنا بوارد الدفاع عن جماعة الإخوان المُسلمين، غير أنّه وبعد مُتابعة الدراسات والنشرات التي تُصدرها المؤسسة يتبيّن لدينا أنّ الهدف من هذه المؤسسة هو ضرب الإسلام من الداخل، ولا سيما جماعة الإخوان المُسلمين، التي شكّلت لـ "عيال زايد" صُداعًا مُزمِنًا، وبعد فشل القوّة الخشنة في اجتثاث الجماعة من المجتمع، خصوصًا وأنّ الجماعة تمكّنت من الوصول إلى الحكم في دولٍ عدّة وخصوصًا الوصول إلى حكم أقوى وأكبر دولة عربية (مصر) لولا الانقلاب الذي قاده عيال زايد برفقة آل سعود لإيصال السيسي إلى هرم السلطة، بالإضافة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب، وجماعة النهضة في تونس، وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن الذي يُعتبر أقوى الأحزاب السياسية والذي يُسيطر على أغلب النقابات المهنية في الأردن، ناهيك عن الإصلاح اليمني والعدالة والتنمية التركي ودولة قطر وحكومة السرّاج في ليبيا، لتكون هذه المؤسسة الذراع الإماراتي الناعم في مُحاولة السيطرة على الشارع العربي.
وفي النهاية؛ فمهما حاول عيال زايد تغيير حركة التاريخ، والوقوف بوجه الشعوب، غير أنّ دروس التاريخ حاضره وقديمه تُخبرنا بأنّ ما يفعله أولئك الصبية ضربٌ من الخيال، وإنّ التغيير سيصل إلى عقر دارهم شاءوا ذلك أم أبوا، وكلُّ محاولاتهم المُستميتة ليس أكثر من "حلاوة روح" بانتظار الخروج النهائي لهذه الروح الذي يعني حلول السلام على تلك الإمارات أولًا، والمنطقة عمومًا ثانيًا.