الوقت- ردَّ رئيس الوزراء المغربي "سعد الدين العثماني" في جلسته الشهرية للأسئلة والأجوبة، على الإجراءات الإعلامية التي قامت بها الإمارات والسعودية ضد المغرب. وقال في هذا الصدد، إن المغرب تعرض لهجوم وحشي، والبعض يشعر بالغيرة من وحدة البلاد.
وأشار العثماني إلى أنه لن يسمح لأي شخص بإحداث شرخ في الصف الوطني المغاربي، وأنه لا توجد أية فجوة في الهيكل الوطني للبلاد على الإطلاق.
الهجمات الإعلامية للرياض-أبوظبي ضد الرباط
نشرت قناة العربية السعودية تقريراً إحصائياً عن الضحايا والمرضى المصابين بفيروس کورونا في المغرب، وهو يختلف اختلافاً كبيراً عن الإحصاءات الرسمية للحكومة المغربية، وأعلى بكثير.
في غضون ذلك، اتهمت الإمارات الحكومة المغربية في الفضاء الإلكتروني، بالفشل في تلبية احتياجات شعبها ونقص الغذاء والدواء، في مواجهة فيروس کورونا.
رداً على هذه الهجمات الإعلامية، أدان رئيس الوزراء المغربي هذه الهجمات، قائلاً إن الحكومة المغربية اتخذت 400 إجراء فعال لمكافحة فيروس کورونا وتداعياته. وأضاف العثماني أن حصيلة الوفيات بسبب فيروس کورونا في المغرب تنخفض بشكل حاد.
نشطاء الفضاء الإلكتروني المغربي وردًا على الهجمات الإعلامية السعودية والإماراتية على حكومة بلادهم، أطلقوا على تويتر هاشتاغ "شكراً العثماني"، والذي تصدر قائمة الأكثر زيارةً على تويتر.
جذور الهجمات السعودية الإماراتية على المغرب
لقد ظهر التوتر في العلاقات في محور أبو ظبي - الرياض – الرباط، بعد أن اتخذ المغرب موقفاً محايداً بشأن حصار قطر. وكانت الرباط قد ذكرت من قبل أنها لا تستطيع تحويل موقفها نحو اعتبارات سلبية ومقلقة بين الدول الصديقة.
وکان المغرب قد أعلن في ذلك الوقت أنه مستعد لمحاولة تشجيع المفاوضات المفتوحة والشاملة بين أطراف النزاع، لكن الجانبين لم يبديا أي رغبة للقيام بذلك، الأمر الذي أثار غضب أبوظبي والرياض من المغرب.
في هذه الأثناء، تصاعدت التوترات بين الغرب والإمارات، مع اقتراب الرباط من الدوحة واتهام الإمارات بتشويه صورة المملكة المغاربية، وحالياً تواجه العلاقات بين المغرب والإمارات أزمةً غير مسبوقة، والسفير الإماراتي غير موجود في الرباط منذ أكثر من عام.
وفي هذا الصدد، أفاد موقع "مغرب أنتلجنس" بأن المغرب قد أخلی سفاراته وقنصلياته في الإمارات من المستشارين، وخفض عدد ممثليه الدبلوماسيين مکتفياً بموظفين يسهِّلون الإجراءات الإدارية للمواطنين المغاربة.
وتأتي هذه الإجراءات تعبيراً عن غضب المغرب من عدم تعيين الإمارات سفيرها لدى المغرب، رغم شغور هذا المنصب لأكثر من عام.
هذا في حين أن المغرب كان قد رفض في وقت سابق، قبول طلب السعودية حجب ممتلكات الأمراء السعوديين المتهمين بالفساد.
إلى جانب هذه الأمور، أدى تعليق مشاركة المغرب في التحالف السعودي الإماراتي في الحرب على اليمن، إلى زيادة التوترات بين السعودية والإمارات مع المغرب. وردت أبو ظبي والرياض أيضاً ولمعاقبة الرباط على خروجه من التحالف، بخفض استثماراتهما في المغرب.
لذلك، بالنظر إلی التوترات السائدة بين أبوظبي والرياض مع المغرب، يعتزم المحور السعودي الإماراتي جرّ هذا البلد إلی مرافقة سياساته الإقليمية، ومعاقبة الرباط لعدم مسايرتها لهذا المحور في بعض الملفات، والإضرار بثقة الشعب في الحكومة بأي طريقة ممكنة، والضغط على الرباط قدر الإمكان، من خلال استغلال الظروف التي تفرضها مواجهة هذا البلد لفيروس کورونا.
الجيش الإلكتروني الإماراتي السعودي؛ أداة للضغط على المعارضين
إن موجة الهجمات الإعلامية التي تشنها الإمارات والسعودية على المغرب، تحدث في الوقت الذي شوهدت فيه بالفعل هجمات من قبل محور الرياض وأبو ظبي، على دول أخرى وحتى شخصيات حقيقية وقانونية.
وفي أحدث حالة، تعرض رسام الكاريكاتير الفلسطيني "محمود عباس" بعد نشر تغريدة، لهجوم الجيش السيبراني السعودي. وبحسب صحيفة "القدس العربي"، في هذا الكاريكاتير الذي يسخر من الانخفاض الحاد في أسعار النفط، نری برميلاً للنفط يتجه نحو رجل عربي، وصفه المهاجمون علی رسام الكاريكاتير هذا بأنه إهانة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وجاء في هذا التقرير، أنه بعد نشر هذا الكاريكاتير وهجوم الجيش السيبراني السعودي، لم يستغرق الأمر طويلاً حتى أصبح هاشتاغ "فلسطين ليسی قضيتي" على تويتر اتجاهاً، وزعم أصحاب الهاشتاغ أن الفلسطينيين تجاهلوا مساعدة الرياض. كما نشر البعض رسومًا مسيئةً لفلسطين.
وفي هذا السياق، أشار "أدهم أبو سليمة" المتحدث باسم هيئة الحراك الوطني لكسر حصار غزة، إلى هذا الهاشتاغ، معتبراً أن المخابرات السعودية هي التي تقف وراءه.
هذا في حين أنه لم تسلم شخصيات محلية سعودية من هجمات مماثلة أيضاً، وكثيراً ما رأينا زيادةً في الدعاية السلبية ضد الأمراء وحتى علماء الدين السعوديين في الفضاء الإلكتروني، الذين اعترضوا على سياسات بن سلمان.
يبدو بشكل عام أن الرياض وأبوظبي، ومن أجل زيادة قوتهما الناعمة وبتكلفة باهظة، وبإشراف وكالاتهما الأمنية، قد أنشأتا جيوشاً إلكترونيةً، للضغط على خصومهما المحليين والأجانب في الفضاء الإلكتروني إلى جانب شبكات التلفزيون السعودية الإماراتية، وتوفير الأرضية من ناحية أخرى لأي إجراء محتمل ضدهم في أذهان الجمهور، وتبرير أي عمل ضد المعارضة بطريقة أو بأخری.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار الدعاية الإيجابية وتلميع صورة محمد بن سلمان ولي عهد السعودية ومحمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي والحاکم الفعلي للإمارات، جزءًا آخر من واجبات هذه الجيوش الإلكترونية.