الوقت- في الأيام الأخيرة ، تكثفت جهود الكيان الصهيوني لتنفيذ أجزاء من ما يسمى صفقة القرن من أجل الحاق المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية ومنطقة الغور الأردنية ، فبعد الإعلان عن تشكيل الحكومة الائتلافية مع بيني غانتس ، أعلن نتنياهو في الأول من يوليو / تموز بداية المحادثات مع الحكومة الجديدة لتوسيع الحكم الصهيوني على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية والضم الكامل لمنطقة الغور الأردنية ، حيث اتخذت النوايا الخبيثة للحكومة الائتلافية الجديدة في تل أبيب مع الضوء الأخضر الأمريكي الأخير طابع ونكهة أكثر جدية.
خلفية نتنياهو
قدم ترامب في عشية ذكرى المحرقة اليهودية "الهولوكوست" ، التي يدعيها الصهاينة في عام 2020 لعدة مرات صفقته الانتخابية مع نتنياهو ، ومن خلال كشف تفاصيل جديدة عن صفقة القرن ، أكد ترامب للمجتمع الدولي بأن الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني متورطان معاً في ضم المستوطنات اليهودية غير القانونية في الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن ، ومن ناحية أخرى ، فإن رد الفعل القوي من قبل المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ، والأهم من ذلك ، جميع المجموعات الفلسطينية على صفقة القرن ، دفع الكيان الصهيوني إلى متابعة تنفيذ أجزاء حساسة من صفقة القرن قبل أي اجراء مفاوضات مع الفلسطينيين.
وفي هذا الصدد ، تعتمد أحد أوراق نتنياهو الرابحة على توسيع رقعة الأراضي المحتلة ، على الرغم من ان نتنياهو متهم بأنه المسؤول عن عدة قضايا فساد مالية ومن ناحية أخرى ، فان حياته السياسية في المنافسة مع الائتلاف الأزرق والأبيض تعتمد على أخذ تنازلات وامتيازات من الفلسطينيين وإرضاء الأحزاب المتطرفة في إسرائيل.
حيث اتخذ نتنياهو حتى الآن ثلاث خطوات مهمة بغية تحقيق هذا الهدف:
أولاً ، بعد أن أعلن ترامب عن التفاصيل الجديدة لصفقة القرن ، تم التصويت في الحكومة لإلحاق 30 في المائة من الضفة الغربية ، على الرغم من تأجيلها بسبب عدم التشاور مع المدعي العام وغموض مستقبل الحكومة في ذلك الوقت ، حيث ان نتنياهو قام باظهار نفسه على أنه الشخص الوحيد الذي يمكنه رسم الحدود الشرقية للكيان الصهيوني بين النخبة والرأي العام ، ومن ناحية أخرى ، جاءت ردة فعل بعض الاشخاص مثل السفير الأمريكي لدى إسرائيل ، ديفيد فريدمان ، بشكل إيجابي على مثل هذا الإجراء.
ثم شكل نتنياهو لجنة مشتركة بين الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل في أوائل أبريل لرسم "الحدود الجديدة" للضفة الغربية.
اما الخطوة الثالثة لنتنياهو فتتلخص في اقناع بيني غانتس للموافقة على الحاق المستوطنات ووادي نهر الأردن على الرغم من وجود معارضة كبيرة لاتفاق غانتس معه ، وكان ينبغي على نتنياهو أن يؤكد لصهر ترامب والعقل المدير ومصمم صفقة القرن "جاريد كوشنر" انه يقوم بتشكيل حكومة مستقرة قادرة على تنفيذ صفقة القرن ، لأنه وبعد انحلال البرلمان ثلاث مرات متتالية ، كانت هناك شكوك جدية في البيت الأبيض حول تنفيذ صفقة القرن.
استغلال أزمة كورونا العالمية
على الرغم من نوايا نتنياهو السابقة في توسيع الحدود الشرقية للكيان الصهيوني ، فقد ازدادت المعارضة داخل فلسطين ولبنان والمجتمع الدولي حيث ان 220 عضوًا بارزاً في الأجهزة الأمنية للكيان الصهيوني قاموا بالتحذير حول مخاطر ضم الأراضي الجديدة ، كما حذروا من معاهدات السلام مع مصر و الأردن ، وكرر الاتحاد الأوروبي معارضته لخطوة نتنياهو الجديدة. وقال مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل إن "موقف الاتحاد الأوروبي من وضع الأراضي المحتلة هو نفسه الذي كان عليه عام 1976 ، وان الاتحاد الأوروبي لا يعترف بهيمنة الكيان الصهيوني على الضفة الغربية".
واجه ترامب ، الذي كان يعلق آمالا كبيرة على النجاح في الانتخابات المقبلة ، فجأة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا في الولايات المتحدة الامريكية ، حيث ان اجازاته ومكاسبه الاقتصادية المؤقتة التي حققها ذهبت مكب الرياح ، ولهذا السبب ، يحاول الكيان الصهيوني ونتنياهو تنفيذ صفقة القرن ، أو على الأقل تطبيق أجزاء منها لتوسيع رقعة الأراضي المحتلة قبل نهاية رئاسة ترامب ، حيث وصف نتنياهو في رسالة إلى المسيحيين الموالين للكيان الصهيوني في أوروبا يوم الأحد ، صفقة قرن الولايات المتحدة الامريكية بأنها وعد بالاعتراف بسيادة الكيان على مستوطنات الضفة الغربية ، واكد بالقول في هذا السياق "انا واثق من ان هذا الوعد سيتحقق ابتداءً من الان وحتى الشهرين المقبلين".
ومن ناحية أخرى ، ووفقاً لتقرير وسائل اعلام الكيان الصهيوني قال أحد المتحدثين باسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء "إن واشنطن تريد من إسرائيل اجراء مفاوضات مع الفلسطينيين بشكل أكبر ضمن استعداد واشنطن للاعتراف بسيادة وإنفاذ القانون الإسرائيلي في أجزاء من الضفة الغربية" ، ووفقاً لتصريحات هذا المسؤول الامريكي قال "يأتي الاستيلاء على أجزاء من الضفة الغربية مع موافقة الحكومة الإسرائيلية على التفاوض مع الفلسطينيين والتوافق على المحاور المنصوص عليها في رؤية الرئيس ترامب أي (صفقة القرن)".
تحاول الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في لجنة الحدود وصفقة القرن المشتركة في ظل تفشي فيروس كورونا عالمياً واستغلال انشغال المجتمع العالمي في محاربة الفيروس واحتمال عدم قدرة جامعة الدول العربية على عقد اجتماعات حضورية.
ومن ناحية أخرى ، يوصي المركز الإسرائيلي لدراسات الأمن الداخلي أن ينتهز الكيان فرصة عدم الاستقرار الاقتصادي الناجم عن تفشي الوباء في الدول العربية ، لتطبيع علاقاته مع هذه الدول.
يسعى الكيان الصهيوني إلى استخدام أدوات اقتصادية مثل تصدير الغاز لقمع الاحتجاجات الأردنية المستقبلية وإرساء الحكم الذاتي من خلال ضم الضفة الغربية ووادي نهر الأردن ، في حين ان جميع المجموعات الفلسطينية قد ذكرت في السابق بأنها لن توافق على أي من بنود اتفاقية القرن المتعلقة بالمزايا الاقتصادية ، وفي هذا الصدد ، كان من المقرر أن يناقش وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية يوم الخميس ، 30 أبريل ، سبل مواجهة خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية بناء على طلب عاجل من المسؤولين الفلسطينيين في مؤتمر عبر الفيديو كونفرانس.
ورغم أن بايدن قال إنه لن ينقل السفارة الأمريكية من القدس المحتلة من أجل الحصول على دعم اللوبي الصهيوني القوي ، إلا أنه أخبر الناشطين اليهود في الحزب الديمقراطي أنه "يعارض الإجراءات أحادية الجانب والتي تمنع إرساء السلام بين البلدين".
فقد ارتفعت فرص ترامب في خسارة الانتخابات عقب انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة الامريكية ، لذلك قد يفقد ترامب صفقته الانتخابية مع نتنياهو ، وهو الامر الذي يتنافى تمامًا مع مناخ المساومة السياسية لترامب.