الوقت- تشير التقارير الرسمية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة ووكالات السلام ومكافحة الإرهاب إلى أن الإرهابيين المتطرفين سافروا خلال السنوات الماضية من 88 دولة الى سوريا للمشاركة في إسقاط النظام السياسي وحكومة البلاد ومن أجل ايصال الجماعات المتطرفة الى السلطة، لكن سوريا قدمت الكثير من التضحيات في هذا المجال وكانت قادرة على هزيمة الإرهاب بمساعدة أنصارها.
وعلى الرغم من تدمير جزء كبير من البنية التحتية الاقتصادية في سوريا وتشريد ما يقرب من خمس سكانها، لا تزال سوريا صامدة وفشل سيناريو تغيير النظام.
الآن حتى الأمريكيين لا يتحدثون بشكل صريح عن تغيير النظام في النقاش حول سوريا المستقبل، وتشير الدلائل إلى أن الجميع قد رضخ لهذا الوضع. وفي هذه الأثناء ، تركيا هي أيضًا إحدى الدول المتورطة بشكل مباشر وفعال بالأزمة السورية.
الأبعاد المختلفة لتأثير الدور التركي في القضية السورية
من التاريخ والجغرافيا فإن في الطاقة الكهرومائية ، وقضية اللاجئين ، ودعم المعارضين ، والمشاركة في المجال الكردي والعديد من القضايا الأخرى ، أثرت تركيا على سوريا بطرق مختلفة وتأثرت منها أيضاً.
تتقاسم تركيا وسوريا حوالي 930 كيلو مترًا من الحدود المشتركة، وقد جعلت هذه الحدود الطويلة دور تركيا في سوريا أكثر بروزًا في جميع النواحي من باقي الدول الاخرى.
ابتداءً من الاختلافات التاريخية وتحديات المياه وتشريد السكان وصولاً إلى دعم مئات الجماعات المسلحة المعارضة لحكومة الرئيس بشار الأسد ، هي العوامل الأولى لبحث دور تركيا في الأزمة السورية.
كانت تركيا الدولة الأولى التي دعمت رسمياً الأعضاء والقادة الهاربين من الجيش السوري ووفرت لهم الإمكانات والتسهيلات اللازمة لتشكيل مجموعة مسلحة واسعة النطاق تسمى الجيش السوري الحر والذي كان هدفه الرئيس الإطاحة بالحكومة وبحزب البعث السوري وتشكيل حكومة مدعومة من أنقرة.
ولتحقيق هدف تغيير النظام، أصبحت الحدود التركية السورية ممراً آمناً لآلاف القوات المتطرفة والإرهابية، وتم تحويل المدن التركية مثل غازي عينتاب وهاتاي إلى معسكرات للمتمردين، وتم نقل الجرحى إلى المستشفيات التركية وتم تزويدهم بالتدريب العسكري والأسلحة والذخيرة. ابتداءً من المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي حتى الرواتب الشهرية والمكاتب والمباني الأنيقة ، وقد تم وضع كل شيء تحت خدمة القادة المعارضين للأسد.
الوقت الذي تعاون فيه داوود أوغلو وكلينتون معاً
أمضى وزيرا الخارجية التركية والأمريكية في ذاك الوقت أحمد داوود أوغلو وهيلاري كلينتون كل وقتهما وطاقتهما في محاولة تحقيق هذا السيناريو بدعم من الجهات الفاعلة الأخرى، مثل قطر ، وكسب الدعم في المؤتمرات والمحافل الدولية.
لكن لاعبين قويين ، إيران وروسيا ، دمروا كل هذه الخطط. ومع ذلك ، تشير الدلائل إلى أن تركيا لم تحقق أهدافها الأولية قصيرة المدى بعد.
حيث تصر معظم وسائل الإعلام التابعة إلى حزب العدالة والتنمية على استخدام مصطلح الحرب الأهلية لوصف الوضع السوري الراهن بدلاً من كلمة أزمة.
لماذا الحرب الأهلية؟
لماذا تصر وسائل الإعلام في حزب العدالة والتنمية على استخدام كلمة الحرب الأهلية بدلاً من الأزمة لوصف الوضع في سوريا؟ الجواب هو انه عندما نطلق على الوضع الراهن في سوريا تسمية أزمة ، فإن حل الأزمة يتطلب في المقام الأول اهتمامًا ورحمة وجهدًا إنسانيًا.
ولكن عندما نتحدث عن حرب أهلية ، فقد خلقنا مناخًا يمكن فيه اطلاق أحكام متعددة من وجهة نظر سياسية وإعلامية ونفسية ، وفي مثل هذه البيئة يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نحكم على مجموعة بانها على صواب وعلى أخرى بانها على باطل وان نتدخل في الوضع بذريعة الدفاع عن الحق.
أمثلة على عدم تغيير النهج التركي في سوريا
هاجمت تركيا سوريا مراراً وتكراراً حتى الان بذرائع مختلفة ونشرت جيشها بشكل غير قانوني على الأراضي السورية.
كما ان اخر وأحدث مثال على عدم تغيير تركيا لسياستها الأولية في سوريا هو مهاجمة إدلب ومقاومة طرد الإرهابيين من هذه القلعة المهمة والاستراتيجية.
في حين سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إعادة تركيا وسوريا إلى طاولة المفاوضات في إطار التعاون المتعلق باتفاقية أستانة، عقدت المحادثات على أعلى مستوى من قبل مسؤولين أمنيين في دمشق وأنقرة ، لكن أظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفريقه السياسي الأمني في الميدان ، أنهم لا ينوون تغيير خطتهم الأصلية ويرغبون في الاستمرار في المطالبة بأن يعزف على آلة أخرى في دمشق من قبل لاعب آخر وعلى منصة أخرى.
وفي الختام يجب القول انه في السنة العاشرة للأزمة السورية، تستمر سياسات الحكومة التركية في كونها أحد أهم العوامل المؤثرة في استمرار هذه الأزمة، وعلى الرغم من نصح العديد من النقاد والخبراء السياسيين لأردوغان بالتعامل رسمياً مع الحكومة السورية والدخول معها في مباحثات مباشرة، وأن يقوم بتغيير نهجه السياسي تجاه هذه القضية ، لكنه لم يغير شيئاً حتى الان.