الوقت-هاجمت مجاميع مسلحة مجهولة معسكر التاجي العسكري في بغداد والتي تستقر فيها قوات التحالف بقيادة أمريكا وذلك مساء يوم الأربعاء، وسقط حوالي 18 صاروخ كاتيوشا 107 ملم على معسكر التاجي، ما أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين وبريطاني واحد وإصابة 14 آخرين.
وتمكنت قوات الأمن العراقية فيما بعد من تحديد موقع منصة مزودة بمثل هذه الصواريخ على بعد بضعة كيلومترات من الموقع.
وفور وقوع الهجوم، نفى المتحدث باسم الحشد الشعبي العراقي في بيان، تورط أيٍّ من الفصائل التابعة للحشد في الهجوم وأعلن أن أي هجوم من قبل الحشد الشعبي سنتحمل مسؤوليته كاملة. وفي الوقت الذي تجاهل فيه المسؤولون الأمريكيون، مثل الجنرال كينت ماكنزي، من القيادة المركزية الأمريكية )سنتكوم) البيان، قدّموا أدلة على عكس ذلك وزعموا ان الهجمات نُفذت من قبل كتائب حزب الله، ليكون هذا الادعاء بمثابة غطاء لشن هجمات جديدة على قوات الكتائب. وحدث ذلك الهجوم فعلاً صباح يوم الجمعة، حيث نفّذت مقاتلات امريكية عدداً من الغارات الجوية ضد قواعد تابعة لقوات الحشد الشعبي ووحدة تابعة للجيش العراقي.
وتقع هذه القواعد في مناطق المسيب والنجف والإسكندرية وجرف الصخر.
كما استهدف الأمريكيون مطار كربلاء المدني قيد الإنشاء، زاعمين أن "الهجمات استهدفت خمسة مخازن للأسلحة والتي ستساهم بشكل كبير في تحجيم قدرة كتائب حزب الله على تنفيذ هجمات مستقبلية على قوات التحالف". وبحسب بيان صادر عن قيادة العمليات العراقية المشتركة، استشهد ستة اشخاص عراقيين وأصيب 11 اخرين.
وفي أعقاب هذه الهجمات، وفي وسط احتجاجات المسؤولين العراقيين على العدوان الأمريكي، حاول المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون اتخاذ مواقف رسمية بشأن استهداف كتائب حزب الله لمواقعهم، وإظهارهم على أنهم كانوا وراء الهجوم على معسكر التاجي.
كما أن اكتشاف الجهة التي تقف وراء الهجوم، سيحدد طبيعة تبادل الهجمات بين الطرفين وحتى طبيعة السياقات في المستقبل.
إذا كانت مزاعم المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين فيما يخص تورط الكتائب في الهجمات صحيحة، فإن الهجوم الأخير سيعني أن العمليات الأمريكية الأخيرة في العراق، مثل قصف مواقع كتائب حزب الله الكتائب في البوكمال، وكذلك اغتيال القادة قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، لم يؤدِ في الواقع الى عدم زيادة القدرات الأمريكية في العراق فقط، بل أدّى الى جعل العراق بلداً غير آمن لهم .
ومن ناحية أخرى، إذا كان هذا الهجوم قد اتُخذ من قبل مجلس القيادة لمعارضة الوجود الأمريكي في العراق، فمن المرجح أن تستمر هكذا عمليات ضد المواقع والقوات الأمريكية، وستسعى فصائل المقاومة بشكل واضح إلى رفع مستوى النزاع مع أمريكا إلى أعلى مستوى.
لكن إذا اعتمدنا على البيان الحازم للحشد الشعبي حول عدم التورط في العملية هذه، فيمكن القول أنه في العراق، هنالك حرب عصابات ضد أمريكا بدأت تأخذ دورها تدريجياً.
وفي حرب العصابات، تستخدم مجموعة صغيرة تكتيكات عسكرية بشكل ذكي مثل شن هجمة والانسحاب سريعا، وبذلك تتحول الى قوة كبيرة تشن هجمات بتحركات قليلة.
وقد استُخدمت هذه الطريقة في العقود الأخيرة بشكل رئيس ضد قوات الاحتلال التي كانت لها قوة كبيرة جدا.
وهناك احتمال آخر وهو الأقوى، هو أن العملية قامت بها القوات الامريكية نفسها ليلة الأربعاء. وخلال الشهرين الماضيين، استهدفت مجموعات مجهولة السفارة الأمريكية عدة مرات بصواريخ كاتيوشا، لكن لم يصب أي جندي أمريكي بأذى أثناء هذه الهجمات.
وعقب الهجمات، أعرب رئيس الوزراء لحكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، بالاضافة الى فصائل المقاومة، عن قلقهم من أن هذه العمليات تضر بالبلاد وتكون لمصلحة الأمريكيين لمزيد من التدخل العسكري في العراق.
وهذا الأمر تكرر مرة أخرى، لكن هذه المرة قُتل 3 عناصر من قوات التحالف لتكون الذريعة جاهزة للأمريكيين لشن عملية عسكرية في العراق. حيث استهدفوا مواقع كتائب حزب الله على الحدود مع القائم في يناير / كانون الثاني بعد مقتل مقاول أمريكي عسكري، وبعد بضعة أيام، اغتالوا القادة قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. وهذا ما أشار إليه النائب في البرلمان العراقي حسن سالم. ورداً على أحداث الأيام القليلة الماضية، كتب حسن سالم: "عندما تأمر الولايات المتحدة مرتزقتها بمهاجمة قواعدهم، يرتفع صوت السياسيين العراقيين لإدانة هذه الهجمات!" لإثبات أن هذا الاحتمال خطير وبالرغم من العدوان الأمريكي على مواقع فصائل المقاومة في كانون الثاني، يبدو أنهم وضعوا خطة أكثر دقة للتأثير على مستقبل العراق السياسي. فمنذ منتصف كانون الأول / ديسمبر، عندما استقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي استجابة للاحتجاجات الشعبية، دخل العراق في فراغ سياسي، وقد وصلت جهود انتخاب رئيس وزراء جديد إلى طريق مسدود. وفي خضم الاحتجاجات، كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية أن ما يجري في العراق تحت ستار التظاهرات الشعبية هو خطة انقلاب رسمتها أمريكا والإمارات والسعودية وأحزاب في كردستان العراق، وكان من المقرر استبداله بشخصية عسكرية بعد سقوط حكومة عبد المهدي.
كما تنبأ رئيس البرلمان العراقي السابق محمود المشهداني أمس بأن "انقلابا عسكريا بقيادة الولايات المتحدة في العراق سيحدث في المستقبل القريب". ويسعى الأمريكيون للحفاظ على نفوذهم في العراق بتغيير هيكل السلطة في العراق، وهذا مستحيل ما لم يكن هناك انقلاب في العراق، والعقبة الرئيسية في هذا الطريق، هي الحشد الشعبي والفصائل التابعة له.
وعلى هذا الأساس، كان لدى الأمريكيين ذريعة لاستهداف فصائل المقاومة وحتى الجيش العراقي بعد ترتيب هجوم على معسكر التاجي. واستطاعوا من خلال هذا الإجراء، تعزيز قوتهم الرادعة في العراق، بالإضافة الى ازالة العوائق والعقبات التي تحول دون إحداث انقلاب عسكري في العراق.