الوقت- مع دخول عامهم الجديد، ينتظر اللبنانيون تشكيل حكومتهم الخامسة والسبعين بعد الاستقلال والثانية في عهد الرئيس ميشال عون.
الرئيس المكلّف حسان دياب يواصل جولاته المكوكيّة لتأليف الحكومة العتيدة، لكن هذه الحكومة لا تزال امام عقبات عدّة بدءاً من التأليف بعد التكليف، وليس انتهاءً بالثقة من قبل المجلس النيابي.
توقعات التأليف لا تبدو بعيدة، ولكنها ليست بأصعب العقد التي تنتظر دياب واللبنانيين الذين ينتظرون الإعلان عن هذه الحكومة خلال ايام قليلة. هنا نشير إلى التالي:
أولاً: هناك من يتحدّث عن تجمهرات في الشارع بعد أعياد رأس السنة، لاسيّما من قبل أنصار الرئيس سعد الحريري الذي تعرّض للخذلان من قبل الأمريكيين، وبعض الحلفاء في الداخل، في مقدّمتم حزب القوات اللبنانية. هذه التحرّكات لا تصبّ في مصلحة جمهور الحريري، ولا أيّ من اللبنانيين، فضلاً عن أنها تعرّض لبنان لتدهور أمني إلى جانب التدهور الاقتصادي.
ثانياً: البعض يتحدّث عن عقد طائفية، مقابل تحميل الثنائي الشيعي المسؤولية رغم أن الرئيس المكلّف لا ينتمي إليهم أبداً، فضلاً عن الوجوه الحكوميّة التي يسعى لتقديمها. في الحقيقة، ترمي العديد من الأطراف بعقدها على حزب الله، فالبعض رفض الحريري لمرّات عدّة ترشيحه من قبل الثنائي الشيعي معتقداً بالدعم الأمريكي، ذهب الثنائي الشيعي مع حلفائهم إلى خيار وسطي. الحريري وبعد تعرّضه للخديعة من قبل الأمريكيين، يرمي بمشكلاته اليوم على الثنائي الشيعي، رغم أنه هو من طلب بتكليف أحد غيره.
ثالثاً: هناك من يتحدّث عن عقبات أبرزها عقدة التمثيل السنّي والتمثيل الدرزي ، وسط تأزم سياسي بين رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وفق صحيفة الشرق الأوسط. أمام هذه العقد خرج الرئيس عون متفائلاً حيث قال: : "إننا نبذل كل جهودنا لتذليل الصعوبات، لكننا نحتاج على الدوام لتضامن المجتمع"، آملا أن تتشكل الحكومة الجديدة في الأيام القليلة المقبلة، وأن تحمل السنة الجديدة "تحسناً في الأوضاع وأن بشكل تدريجي". يشير الرئيس عون إلى ان ما يفعله مع الرئيس دياب هو محاولة لجمع الشمل السياسي لتأليف حكومة فعالة تخاطب المجتمع الدولي الذي يريد مساعدتنا، بعدما عانينا من تأثيرات الحروب الدولية في منطقتنا، وعلى رأسها النزوح السوري الكثيف إلى لبنان.
رابعاً: من العقبات الأخرى هي المقاعد والأسماء حيث تعد حقيبة الداخلية واحدة من أبرز العقد القائمة في الوقت الراهن. ورغم وجود عقبات أخرى مماثلة إلا أنها قابلة للحلحة لتبقى مسألة الثقة هي العقبة الأبرز. هناك صراع كبير بين الحريري وكل من جنبلاط وجعجع من جهة، وبين الحريري والتيار الوطني الحرّ من جهة أخرى. الحريري اتهم بالأمس الحكومة بأنها ستكون حكومة جبران باسيل ليرد عليه الرئيس عون الأربعاء أن الحكومة اللبنانية المقبلة ستكون حكومة اختصاصيين، مشيرا إلى أحقية جبران باسيل في المشاركة في تأليفها، معرباً عن أمله في أن تشكل الحكومة الجديدة قريبا وأن تكون هدية رأس السنة الجديدة للبنانيين.
خامساً: يبدو واضحاً أن العقد الأبرز اليوم هي العقد الحريرية، حيث يريد سعد العودة لرئاسة الحكومة بعد تعرّضه للطعن من قبل الأمريكيين وحلفاء له في الداخل، وهذا هو سبب رفعه شعارات طائفية، وإشارته إلى أنه لن يعطي الثقة للحكومة، فقد قال:"الحكومة المقبلة ستكون حكومة الوزير جبران باسيل"، وقال "لن أترأس أي حكومة يكون فيها باسيل ‘يروح يدبر حالو’، إلا إذا اعتدل هو ورئيس الجمهورية". وأضاف الحريري: لا أقبل بشيطنة السنة واتهامهم بسرقة البلد، ولم اسم الرئيس المكلف، ولا تغطية له، ولا ثقة إذا اقتضى الأمر"، رغم أنه لا أحد يشيطن السنّة، لكن السؤال ما التالي؟.
سادساً: الحكومة ستتألف، وستتجه إلى المجلس النيابي لنيل الثقة، وفي حال نالت الثقة ستبدأ عملها، ولكن في حال عدم نيلها للثقة، يبدو أن الحريري هو الذي سيعود إلى هذا المنصب وبدعم من 8 آذار لإنقاذ البلد، لأن الفراغ لا يخدم أحد. عودة الحريري هذه المرّة ستكون منخفضة السقف جداً، ولا مكان له لفرض الشروط كما فعل سابقاً. إن التحوّل الأبرز خلال الفترة الماضية هو عودة الحريري إلى حجمه الطبيعي بعد أن فشل في ركوب موجة الحراك.
الاشارات الاقتصادية في لبنان لا تبعث على الأمل، وبالتالي لا بد من حكومة مصغّرة تدير الأزمة الحاليّة، لكن اللبنانيين وكما يحمّلون الحريري مسؤولية التدهور الاقتصادي من العام 1990 إلى 17 تشرين 2019، سينظرون إلى الرئيس سعد الحريري على أنّه من يعطّل البلد ويحول دون تشكيل الحكومة، فهل سيعود الحريري إلى رشده؟.