الوقت - خلال الأيام الماضية، ذكرت بعض وسائل الإعلام بدء المفاوضات غير المباشرة بين اليمن والسعودية في العاصمة العمانية مسقط، لعقد اتفاق على وقف الحرب في الحدود، وإنهاء الغارات الجوية.
في الوقت نفسه، اتخذ الطرفان بعض تدابير بناء الثقة، وشمل ذلك الإفراج غير المشروط عن 300 أسير حرب بينهم ثلاثة جنود سعوديين من قبل أنصار الله، وفي المقابل رفع بعض القيود المفروضة على وصول الوقود إلى شمال اليمن عبر ميناء الحديدة، وكذلك تسريع عملية إعادة فتح مطار صنعاء.
كذلك زار مبعوث الأمم المتحدة "مارتن غريفيث" صنعاء للمرة الثانية هذا الأسبوع، بعد سفره إلى الرياض والاجتماع مع نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، وهي تدابير يمكن أن تمهّد الطريق لإنهاء الحرب على اليمن المستمرة منذ خمس سنوات.
كانت عمليات الردع الكبيرة 1 و 2 التي قام بها أنصار الله، ومن ثم تعقيدات عمليات "نصر من الله"، إلى جانب بقاء السعودية وحيدةً في تحالف الحرب على اليمن، السبب الرئيس وراء تحرّك الرياض نحو التفاوض للخروج من مستنقع الحرب اليمنية، رغم ذلك فإن الغارات الجوية السعودية على المدن اليمنية ما زالت مستمرةً، وفي المقابل يواصل الجيش اليمني واللجان الشعبية عملياتهم اليومية ضد القوات السعودية ومرتزقة الحكومة اليمنية المستقيلة على حدود جيزان، الأمر الذي جعل الاتفاقات والمفاوضات هشةً.
بالنظر إلى تجربة المصير الفاشل لاتفاقية استكهولم، التي لم تحقق مطلقاً النتيجة المرجوة للسيطرة على الحرب، فإنها تظهر أن السعودية تعتبر المفاوضات فرصةً لتقليل الضغط الخارجي واستعادة القدرات العسكرية والدفاعية، ولم تصل بعد إلى حقيقة أن أزمة اليمن ليس لها حل عسكري، وإذا استمرت الحرب فلن تحصل على نتيجة أفضل مما تواجهه الرياض الآن.
وفقاً لذلك، ومع الأخذ في الاعتبار حقائق اليمن، يمكن القول إن إقامة سلام دائم في اليمن في أي مفاوضات، لن تتحقق إلا إذا تم استيفاء الأمور التالية:
1- المبدأ الأول المهم هو الوقف التام للهجمات على اليمن والانسحاب الكامل للقوات الأجنبية من أراضيه، زعيم أنصار الله وبعد استعداد السعوديين لتقليل عدد هجماتهم، أكد مراراً أن وقف إطلاق النار المستمر لن يكون ممكناً إلا إذا توقفت الضربات الجوية السعودية تماماً، وفي الوقت الحالي، على الرغم من موقف القادة السياسيين في السعودية، ولكن لم يتوقف الهجوم الذي تقوده السعودية عملياً، وقد انتهكت القوات التابعة لها في الأيام الأخيرة اتفاقية وقف إطلاق النار في الحديدة.
2- بدء المفاوضات اليمنية وقطع الدعم السعودي لحكومة منصور هادي المستقيلة، والتي لا تفتقر فقط إلى أي شرعية داخلية في شمال اليمن وجنوبه، بل تعمل أيضاً بمثابة أداة لإفشال أي سلام في اليمن، لأنها تعتبر ذلك إضراراً بمصالحها الخاصة، وفي هذا الصدد، خلال الأيام الماضية وبعد الإعلان عن إمكانية إعادة فتح مطار صنعاء، عارض "أحمد بن عوض بن مبارك" ممثل حكومة منصور هادي المستقيلة هذه الخطوة في بيان له، وفي رسالته التي بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أعرب بشدة عن عدم رضاه عن توفير التسهيلات لإرسال المساعدات الإنسانية الدولية إلى اليمن، بطبيعة الحال، عندما يرى المقربون من منصور هادي المساعدات الإنسانية لليمن على أنها ضد مصالحهم، فسيضعون عراقيل أكثر جديةً بكثير أمام التوصل إلى سلام مع أنصار الله ودورها المركزي.
3- قبول احترام السلامة الإقليمية لليمن والحفاظ على وحدته الترابية، في الوقت الحالي، تعدّ الإمارات أهم قوة تدعم الانفصاليين الجنوبيين، وقد وضعت دائماً أحد أهم أهدافها في تطورات اليمن، تفكيك البلاد والسيطرة على موانئها وجزرها القيمة في الجنوب. ولكن في الوقت الحالي، ومع بروز الانقسامات في التحالف السعودي الإماراتي، يبدو أن السعوديين أيضاً يتابعون خطة تقسيم اليمن لإضعافه والحصول على مكاسب في الحرب، وفي الآونة الأخيرة، كانت هناك تقارير تتحدث عن خطة لتقسيم اليمن إلى ثلاثة أقاليم، هي صنعاء(محافظات صنعاء، صعدة، إب، عمران، ذمار، ريمة، الحديدة، المحويت، البيضاء وحجة)، حضرموت (حضرموت، المهرة، شبوة، سقطری، مأرب، الجوف وأبين) وعدن (عدن، لحج، تعز، الجزء الغربي من أبين من زنجبار في الجنوب إلى مديريات "سرار ورصد وسباح" في الشمال)، هذا في حين أن حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية والأحزاب في صنعاء، بما في ذلك أنصار الله، قد عارضت أي محاولات من قبل الأجانب لتقسيم اليمن.
4- تعيين لجنة لتقصي الحقائق للذهاب إلى اليمن وتقييم مدى الخسائر المالية، وإجبار السعودية على التعويض عن هذه الأضرار، وطلب التعويض من السعودية والإمارات، إن خمس سنوات من الهجمات السعودية والإماراتية على اليمن، قد دمّرت البنية التحتية للبلاد بالكامل، وتتطلب إعادة إعمار ما تدمَّر الكثير من رأس المال، وبطبيعة الحال، سيطالب الشعب اليمني الغزاة بالتعويض عن هذا التدمير الهائل الذي لحق ببلدهم.