الوقت- شهدت العديد من المناطق والمدن العراقية خلال الفترة القليلة الماضية خروج العديد من الاحتجاجات والمظاهرات التي طالبت الحكومة العراقية بإيجاد حلول جذرية للأوضاع الاقتصادية السيئة وتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات الاجتماعية للكثير من أبناء الشعب العراقي، وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الحكومة العراقية استجابت لبعض مطالب أولئك المحتجين وأعلنت عن ثلاث حزم من الإصلاحات خلال الأيام القليلة الماضية.
وفي سياق متصل، دعا رئيس الوزراء العراقي "عادل عبد المهدي" في أول خطاب له منذ بدء الاحتجاجات في العراق، المتظاهرين إلى الحفاظ على سلمية التظاهرات، معلناً تشكيل لجنة تحقيق في استخدام العنف ضدّ المتظاهرين، كما قال رئيس الوزراء العراقي "عادل عبد المهدي" فجر الجمعة: "نحن اليوم بين خيارَي الدولة واللا دولة".
وأضاف "خضنا تجارب كبيرة حتى وصلنا إلى مسيرة ديمقراطية، ونريد أن نخدم ونعمل بإخلاص"، داعياً المتظاهرين إلى عدم الالتفات إلى دعاة اليأس ودعوات العودة إلى الوراء، وكذلك دعوات عسكرة المجتمع.
وأشار "عبد المهدي" إلى أن البعض نجح في إخراج المظاهرات من مسارها السلمي، وبعض الشعارات المرفوعة كشفت عن محاولات لركوب المظاهرات وتضييعها، فيما لفت إلى أن اتساع حرائق الممتلكات خلال التظاهرات يثير التساؤلات.
كما بيّن "عبد المهدي" أن حكومته لم تَعد وعوداً فارغة أو تقدم حلولاً ترقيعية، وإنما الحكومة لا تملك حلولاً سحرية لمعالجة المشكلات ولا يمكن تحقيق الأحلام في عام واحد.
وأضاف قائلاً: "اتفقنا مع القضاء على إطلاق سراح المتظاهرين المحتجزين ممن لم يرتكبوا أعمالاً جنائية"، معلناً عن تشكيل لجان تحقيق بشأن استخدام العنف ضد المتظاهرين.
كما لفت "عبد المهدي" إلى أن البطالة لم نصنعها والبنى التحتية المدمّرة ورثناها، وأضاف قائلاً: "قدّمنا قبل أيام ألف موظّف حكومي متهَم بالفساد إلى المحاكمة"، وتابع "سنقدّم مشروعاً إلى مجلس الوزراء لتخصيص راتب للعوائل محدودة الدخل".
وبينما تسعى الحكومة العراقية إلى تهدئة الشارع العراقي من خلال الإعلان عن ثلاث حزم من الإصلاحات لتحسين سبل عيش المواطن العراقي، أعربت كتائب "حزب الله" العراقية أيضاً في بيان لها دعمها لمطالب المتظاهرين، وقالت: " نحن نؤيد وندعم جميع الحزم الإصلاحية التي أعلن عنها عادل عبد المهدي مؤخراً لحل أزمة البطالة ومكافحة الفساد، كما أننا ندعم جميع الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء العراقي لإرساء الأمن والاستقرار في كل المدن العراقية".
ودعت كتائب "حزب الله" العراقية إلى عدم الانجرار لدعوات مشبوهة من أطراف مرتبطة بأمريكا وإسرائيل والسعودية، مشيرة إلى حاجة الحكومة لتمكين وإسناد وتنفيذ آليات تحقيق المطالب الشعبية.
وفي السياق ذاته، قالت الكتائب في بيان لها: "إننا في الوقت الذي نقف فيه بقوة مع المطالب الشعبية، ندعو أبناءنا إلى ضرورة عدم الانجرار إلى بعض المطالب التي ترفعها الأطراف المشبوهة المرتبطة بسفارة الشر الأمريكية والكيان الصهيوني وحكام السعودية، والتي تهدف إلى إشاعة الفوضى وتؤدي إلى إضاعة المطالب الحقة".
وأضافت: "كما أننا نؤكد بأن تلك الشعارات التي ترفعها هذه الأطراف والتي تحاول خلط الأوراق وحرف مسار التظاهرات نحو أهداف مشبوهة لا تصبّ في مصلحة العراق".
وأكدت الكتائب: "إننا نعتقد أن رئيس الوزراء العراقي قد وضع آليات جيدة لتحقيق المطالب، وهو بحاجة إلى تمكين وإسناد من القوى السياسية والفعاليات الشعبية لإنجاحها، ونحن في المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله كنا وما زلنا على استعداد لنكون طرفاً ضامناً بين أبناء شعبنا الأبي والحكومة حتى الوصول إلى ما يرضيهم ويحفظ أمن البلد واستقراره".
وتابعت هذه الكتائب بالقول: "شعبنا العراقي العزيز يتعرّض إلى أزمات متواصلة تحيكها أمريكا وعملاؤها، وقد كانت مؤامرة داعش هي الأخطر، وعادت اليوم تمارس دوراً خبيثاً في استغلال حق العراقيين بالتظاهر لجرّهم نحو التناحر، في الوقت الذي يحتاج فيه شعبنا لمن يلتفت لمطالبه ويلبيها".
وفي سياق متصل، أعلن بعض المسؤولين العراقيين مؤخراً أن 500 جندي أمريكي دخلوا كردستان العراق ومحافظة "نينوى" قادمين من سوريا وكما صرّح وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبير" يوم الأحد الماضي بأنه ربما يدخل ألف جندي أمريكي إلى المناطق الغربية العراقية بعد مغادرتهم شمال سوريا.
وهنا يرى العديد من الخبراء والمحللين السياسيين بأن قرار أمريكا بسحب عدد كبير من قواتها من سوريا يأتي من أجل دعم عناصر "داعش" الإرهابية الموجودة في سوريا والعراق، بحيث إنه بعد انسحاب قوات أمريكا من سوريا، سيتم إطلاق الآلاف من السجناء المتشددين الإرهابيين من السجون الكردية، والذين سوف يتلقّون الكثير من الدعم من قبل واشنطن، وهنا لا ينبغي أن ننسى بأن عناصر "داعش" الذين فرّوا من السجون السورية قد يرغبون في الاستيلاء مجدداً على الأراضي العراقية والاستفادة من الفرصة الحالية والأوضاع المتأزمة التي تعيش فيها العديد من المدن العراقية في أعقاب الاحتجاجات الشعبية.
وبالطبع، لا ينبغي لنا أن نتجاهل الأعمال الخبيثة التي تقوم بها وسائل الإعلام الأمريكية والسعودية في تغطية أخبار الاحتجاجات في العراق في الأيام الماضية والحالية، حيث بذلت قنوات "الحرة والعربية والحدث" الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية لتسليط الضوء على الاحتجاجات العراقية وإظهارها كما لو كانت حكومة بغداد قد فقدت السيطرة عليها وكانت البلاد تعيش في حالة اضطرابات كثيرة.
يذكر أن المقر الرئيس لقناة "الحرة" الإخبارية يقع في العاصمة الأمريكية واشنطن وكان أداؤها يتسم بالوقاحة خلال المظاهرات العراقية الأخيرة، حيث دعا بعض المسؤولين العراقيين الحكومة العراقية إلى حظر أنشطتها في العراق.
كما يذكر أيضاً أن السفارة الأمريكية في بغداد أعلنت يوم الخميس الماضي دعم واشنطن للمظاهرات الأخيرة التي تشهدها العديد من المدن العراقية، على أي حال، ينبغي القول أن التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة العراقية، تُظهر أن الحكومة الأمريكية تبذل الكثير من الجهود لتأجيج أعمال العنف وحالة الانقسام داخل الشارع العراقي ولهذا فإنه يجب على الحكومة العراقية أن تكون حذرة من التحركات الأمريكية والأجندة المرتبطة بها في عدد من المدن العراقية، والمُضي قدماً بتنفيذ حزم الإصلاحات التي أعلنت عنها مؤخراً لتحسين الظروف المعيشية لأبناء الشعب العراقي.