الوقت- جذبت التطورات الميدانية والاحتجاجات الشعبية التي جابت العديد من الشوارع اللبنانية خلال الأيام القليلة الماضية للمطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن اللبناني انتباه العديد من المحللين السياسيين والاقتصاديين.
وحول هذا السياق كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الشرارة الأولى التي أشعلت فتيل هذا الاحتجاجات تتمثل في فرض الحكومة اللبناني المزيد من الضرائب على خدمات الواتساب وهذا الأمر شجع اللبنانيين على الخروج للتظاهر والاحتجاج والتعبير عن عضبهم فيما يتعلق أيضاً بالظروف الاقتصادية السيئة في البلاد، إلى جانب النمو الاقتصادي السلبي وارتفاع معدلات البطالة وعدم اهتمام المسؤولين اللبنانيين بالظروف المعيشية السيئة للمواطن اللبناني.
ولقد ردد المتظاهرون شعارات ضد المسؤولين السياسيين اللبنانيين في شوارع وساحات البلاد وأشعلوا النار في بعض المناطق بشكل عام، تفيد العديد من التقارير أن لبنان يعاني من أزمة اقتصادية واسعة النطاق منذ الحرب الأهلية، وكما هو معروف لم تكن تلك الأزمة وليدة اللحظة وإنما ترجع جذورها لعدة سنوات مضت وتحتاج إلى جهود جبارة لمعالجتها من قبل المسؤولين اللبنانيين.
وفي هذه الأثناء، ألقى رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" خطاباً زاد من حالة الغضب في الشارع اللبناني بدلاً من تهدئته وذلك لأنه تملّص من تحمّل المسؤولية في هذا الخطاب، وحاول إلقاء اللوم على المسؤولين السياسيين الآخرين.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية اللبنانية بأن "الحريري" الذي يتلقّى الكثير من الدعم المالي واللوجستي من قبل السعودية وعائلة آل سعود، بدلاً من أن يبحث عن حلول للأزمة الاقتصادية الحالية التي تعصف بالشارع اللبناني، أعرب بأن تلك الأزمة جاءت نتيجة لتسوية الحسابات الشخصية بين المسؤولين اللبنانيين الذي تجاهلوا خلال السنوات الماضية المصالح العليا للبلاد.
إن الأزمة الاقتصادية في لبنان والأداء السيئ للمسؤولين فيها قد تجلّى من حين لآخر وكأنه جرح في الفم، ولقد تجلّى ذلك في مناسبات مختلفة أدّت إلى خروج احتجاجات شعبية، حيث يرى الكثير من أبناء الشعب اللبناني بأن الحكومة والمسؤولين اللبنانيين لم يتمكّنوا خلال السنوات الماضية من معالجة العديد من القضايا مثل قضية الفيضانات التي اجتاحت الشوارع قبل عدة أشهر، والاهتمام بتنظيف الشوارع وجمع القمامة من أنحاء مختلفة من البلاد، وفي قضية الحرائق الواسعة التي اندلعت مؤخراً في البلاد.
جدير بالذكر أن الاحتجاجات التي خرجت في الأيام الأخيرة في عدد من المدن اللبنانية تختلف تماماً عن الاحتجاجات الشعبية السابقة، وذلك بسبب انتشار هذه الاحتجاجات على نطاق واسع بواسطة الشبكات ووسائل الإعلام التابعة لدول الخليج الفارسي، بما في ذلك قناة العربية السعودية وبعض القنوات الغربية، بما في ذلك شبكة "سي إن إن"، وكان لها انعكاس واسع النطاق.
وحول هذا السياق، كشف العديد من الخبراء السياسيين بأن قناة العربية السعودية بذلت الكثير من الجهود لتغطية تلك الاحتجاجات التي اجتاحت لبنان، كما عملت تلك القناة السعودية على فبركة العديد من الأخبار لتغيير مسار تلك الاحتجاجات وتلفيق الاتهامات ضد "حزب الله" وذلك من أجل إثارة سخط أبناء الشعب اللبناني ضد هذا الحزب المقاوم.
وفي غضون ذلك، تجدر الإشارة إلى أن أحد المواطنين اللبنانيين حمل ميكروفون مراسل قناة العربية لبضع لحظات وصرخ بالقول "نصر الله تاج على رأسك".
ولفت أولئك الخبراء السياسيين إلى أنه خلال تلك الاحتجاجات، هتف بعض الأفراد المنتميين إلى بعض الجماعات السياسية المعينة في لبنان بشعارات ضد "حزب الله" وحتى أنهم تخطوا ذلك وقاموا بمهاجمة بعض مكاتب الحزب.
كما أن بعض السياسيين اللبنانيين، الذين ارتبطوا منذ زمن طويل بعداوة مع "حزب الله" في لبنان، ادّعوا بالإجماع أن "حزب الله" هو سبب كل مشكلات لبنان! والغريب في الأمر أنهم لم يشيروا ولم يتهموا المسؤولين اللبنانيين بأعمال الفساد وإنما وجّهوا أصابع الاتهام لـ"حزب الله"، مدعين أن السبب الرئيس للأزمة الاقتصادية الحالية هو "حزب الله".
ليست هذه هي المرة الأولى التي يُستهدف فيها "حزب الله" داخل البلاد وخارجها لمعارضته الخطط الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة ولن تكون الأخيرة.
ويدرك مسؤولو "حزب الله" تماماً الظروف الحسّاسة والخطيرة الحالية في المنطقة ودور لبنان في تطورات المنطقة، وبالتالي يسعون إلى تهدئة الوضع في البلاد وإبعاده عن الاضطرابات، ولهذا فلقد أكد الأمين العام لحزب الله السيد "حسن نصر الله" في خطابه يوم أمس، على ضرورة ايجاد حلول فورية للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وضرورة معالجة الاحتجاجات الأخيرة التي خرجت في العديد من المدن اللبنانية.
وهنا ينبغي التأمل قليلاً في ردة فعل الكيان الصهيوني على هذه التطورات، فعلى الرغم من أن قادة الكيان الصهيوني لم يدلوا بتصريحات رسمية حول هذه التطورات الأخيرة التي يشهدها الشارع اللبناني، إلا أن وسائل إعلامهم فشلت في إخفاء اهتمامهم بهذه التطورات، حيث وصفت وسائل الإعلام الصهيونية الاحتجاجات في لبنان بأنها الأكبر التي خرجت خلال السنوات الأخيرة، ولقد انتهز بعض المحللين الصهاينة الفرصة، مدعين أن الاحتجاجات كانت ضد سيطرة "حزب الله" على الحكومة اللبنانية. وركّزت وسائل إعلام الكيان الصهيوني أيضاً على الشعارات المعادية لهذا الحزب والتي رُفعت في هذه الاحتجاجات، كما حاول هؤلاء المحللون الصهاينة إقناع الشباب اللبناني ببذل الكثير من الجهود لمنع نفوذ إيران في لبنان.
على أي حال، يجب القول إن بعض الجماعات الداخلية في لبنان تسعى لإضعاف "حزب الله" بذرائع مختلفة وفي أوقات مختلفة، وكما يعترف بعض المسؤولين فإن العديد من تلك الجماعات الداخلية بالتأكيد مدعومة من بعض التيارات الغربية والعربية التي تسعى إلى إجبار قادة "حزب الله" اللبناني على التخلي عن تقديم المساعدة لمحور المقاومة في المنطقة والتخلي عن تقديم الدعم للحكومة السورية، ولهذا فلقد رأينا العديد من أولئك الأشخاص المدعومين من قبل الدول الغربية يرددون شعارات ضد محور المقاومة وهنا ينبغي القول بأن تلك الجماعات يجب عليها معرفة أن "حزب الله" واجه مثل هذه المواقف من قبل ويعرف جيداً كيفية التعامل مع التيارات الداخلية المعادية له.