الوقت- لقد مرّ أكثر من عام على انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفي ذلك العام، اتخذت حكومة أمريكا جميع التدابير والخطوات اللازمة لإعادة فرض العقوبات ضد إيران وتكثيفها وذلك من أجل إجبار القادة الإيرانيين على إعادة التفاوض وقبول المزيد من القيود على قدرات بلادهم النووية وغيرها من المجالات العسكرية والصاروخية، ولكن اليوم، وبعد مرور أكثر من عام على تلك الحملة الأمريكية الشرسة على طهران، اعترف المحللون ووسائل الإعلام الغربية أخيراً أن استراتيجية تشديد العقوبات من قبل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على طهران لم تنجح بشكل فعّال.
فشل سياسة الضغط القصوى التي وضعها "ترامب" ضد إيران
كتبت "هيلينا كوبان" على موقع "لوب لاغ" الأمريكي: لقد اعتمدت استراتيجية الضغط الأقصى التي وضعها "دونالد ترامب" على قاعدتين رئيسيتين، الأولى: الاختناق السريع للاقتصاد الإيراني من خلال إقرار العقوبات التي أدّت إلى خلق حالة من السخط العام وبالتالي زيادة الضغط على قادة طهران وبالتالي فإن هذا الأمر سيلبي مطالب واشنطن للإطاحة بالنظام الايراني.
والثانية: تنفيذ أمريكا وحدها أو بمساعدة حلفائها في المنطقة هجوماً عسكرياً على طهران.
وهنا ينبغي القول بأن الاستخدام الناجح لكلا هاتين القاعدتين يحتاج إلى دعم مستمر من قبل الجهات الفاعلة الأخرى في اللعبة ولقد كانت محاولة واشنطن لاستبعاد إيران من شبكة "سويفت" ناجحة، حيث لم يتمكّن الأوروبيون والصينيون وحتى الروس من إيجاد بديل مناسب لـ"سويفت"، لذلك، يمكن العثور على سبب عدم كفاءة العقوبات الأمريكية في السياسات الداخلية الإيرانية.
كما ذكرت "كوبان" بأن واشنطن لم تتمكن في تنفيذ هجوم عسكري على طهران وذلك لأنها تعلم جيداً بأنها سوف تواجه خصماً قوياً في منطقة الشرق الاوسط ولهذا فلقد فضّلت تجنّب القيام بهجوم عسكري على طهران.
وفي ختام هذا التقرير قالت "كوبان"، "يبدو أن العداء والحديث المعادي لإيران قد تراجع منذ مايو الماضي، لقد فشل كل من ترامب وبومبيو وبولتون على وجه الخصوص في مواجهة طهران وفشلوا أيضاً في تشكيل تحالف واسع ضد إيران في المنطقة".
يد "ترامب" الفارغة ضد إيران
قال "ماتياس بروجمان" رئيس تحرير مجلة "هاندلس بلوت" في حديث صحفي له مع قناة الجزيرة الاخبارية: "المشكلة مع دونالد ترامب هي أنه يريد أن يُظهر نفسه رئيساً قوياً وأن يثبت أن سياسات الرؤساء الأمريكيين السابقين كانت خاطئة، ولهذا فلقد وصف ترامب الاتفاق النووي مع إيران بأنه أسوأ صفقة وقال بأنه ينبغي وضع سياسات جديدة للتعامل مع إيران".
وأضاف "بروجمان": "لقد أثبت اليمنيون الذين هاجموا منشآت النفط السعودية، أن بإمكانهم التأثير بسهولة على إنتاج النفط في المنطقة. ولهذا فإن ترامب يرى بأنه ينبغي أن تكون لديه ردة فعل مناسبة على هذا الموقف، لكنه لا يريد القتال، ولهذا السبب، لا يوجد خيار سوى تشديد العقوبات على إيران، وهنا يجب أن أقول بصراحة أنه لا يوجد شيء يتبقّى لترامب يفعله لزيادة العقوبات على إيران".
فشلت سياسة إجبار طهران على الاستسلام
نشر موقع "نشنال اينترست" أيضاً مقالاً للكاتب "بل بيلار" أشار فيه إلى فشل استراتيجية "الضغط الأقصى" على إيران، حيث قال: "هناك العديد من الدلائل على أن المراقبين مقتنعون بأن تصرفات إدارة ترامب لزيادة الضغط على طهران لإجبارها على الاستسلام قد فشلت".
مضيفاً: "إن المزاعم الأمريكية القائلة بأن العقوبات قلّصت الميزانيات العسكرية والصناعية والأعمال الإيرانية في المنطقة، تم رفضها من قبل العديد من المراقبين والخبراء الدوليين، ولقد رفض "دينيس روس" و"دانا سترول"، عضوا مركز أبحاث واشنطن في الشرق الأوسط، تلك المزاعم وقاما مؤخراً بكتابة مقال مشترك تثبت زيف تلك المزاعم".
هزيمة ساحقة لاستراتيجية "الضغط القصوى" ضد إيران
كتب موقع "واشنطن اغزماينر" التحليلي حول الهزيمة الاستراتيجية الأمريكية ضد إيران، وقال: "لقد انسحبت إدارة ترامب من الاتفاق النووي على أمل التوصل إلى صفقة أفضل مع إيران ولهذا فلقد اتبع البيت الأبيض سياسة الضغط الأقصى لتحقيق هذا الهدف، لكن الآن، وبعد سنة على ذلك الانسحاب، تشير جميع الأدلة إلى فشل هذه الاستراتيجية، لقد فشلت استراتيجية الضغط الأقصى في إجبار طهران على الجلوس مرة أخرى على طاولة المفاوضات أو تقديم تنازلات للبيت الأبيض، في الواقع، إن هذه الهزيمة جعلت من الحرب خياراً لا مفرّ منه، ولكن ينبغي القول بأنه يجب على أمريكا تجنّبها".
وصول الإجراءات الأمريكية ضد إيران إلى طريق مسدود
أفادت مجلة "بيزنس اينسايدر" الأمريكية، بأن استراتيجية الرئيس "دونالد ترامب" المتمثلة في زيادة الضغط على إيران لم تنجح، وذكرت بأن ذلك النجاح الذي حققته تلك الاستراتيجية تمثّل في تفاقم وزيادة حدّة التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
وفي السياق ذاته، أعربت هذه المجلة الأمريكية بالقول: "بينما زعمت إدارة ترامب بأنها تسعى للحدّ من البرنامج النووي الإيراني وإلحاق الهزيمة به في نهاية المطاف، إلا أن طهران تمكّنت من زيادة مستوى عملية تخصيب اليورانيوم وهذا الأمر يؤكد زيف مزاعم واشنطن تلك، وأن العالم الغربي وصل إلى طريق مسدود بسبب تلك القرارات الغبية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية ضد إيران".
توسّع نفوذ إيران الإقليمي في المنطقة رغم العقوبات
فيما يتعلق بمذكرة كتبها "كينيث كاتزمان"، خبير الشؤون الإيرانية في الكونغرس الأمريكي، كتب معهد "المجلس الأطلسي": "ترامب ادّعى أن إلغاء العقوبات جعل إيران دولة مختلفة تماماً، وادّعى هو ومسؤولون أمريكيون آخرون أن العقوبات، بما في ذلك إلغاء مشتريات النفط، قد دمّرت الاقتصاد الإيراني وقلّصت الوجود الإقليمي الإيراني".
لكن "كاتزمان" قام بدراسة الاتجاه المتصاعد للنفوذ الإقليمي الإيراني على مدار الأشهر الماضية عندما تم إعادة العقوبات عليها وقام بمواءمة ذلك الصعود المتنامي مع تصريحات المسؤولين الأمريكيين، حيث قال، "إذا كانت العقوبات تعني تغيير سلوك إيران الإقليمي، فسوف يتضاءل تأثيرها في الشرق الأوسط خلال الأشهر الماضية، ولكن الأحداث الميدانية تظهر عكس ذلك وهذا دليل على أن العقوبات الأمريكية فشلت فشلاً ذريعاً ولم تحقق أهدافها المرجوّة".
ترامب يهزم إيران في عالمه الخيالي!
وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" فشل استراتيجية الضغط الأمريكية القصوى ضد إيران، وقالت: "يبدو أن ترامب يعيش في عالم خيالي، حيث ظن بأن الانسحاب من صفقة الاتفاق النووية إلى جانب فرض عقوبات على طهران وكتابة العديد من التهديدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، سوف يجبر إيران على الرضوخ مجدداً لقادة البيت الأبيض، لكن طهران لم ترضخ ولم تجلس مرة أخرى على طاولة المفاوضات وهذا يعني بأن تكتيكات ترامب فشلت في نهاية المطاف".