الوقت- يحتل السلاح النووي مكانة عالية في العقيدة العسكرية للدول التي تمتلكه وان الاستفادة من هذا السلاح يأتي من اجل التغلب على التهديدات الامنية وتحقيق اهداف سياسية وعسكرية لكن الغموض في استخدام هذا السلاح من قبل الدول التي تمتلكه يعتبر من اهم عناصر الهيكلية السياسية لهذه الدول وان مستوى هذا الغموض يختلف من دولة الى أخرى، وفي هذا المجال يمكن القول ان هذا الغموض بالنسبة الى باكستان يختلف بين استخدام هذا السلاح عند بدء الاشتباك او الاحتفاظ به كخيار أخير.
ولم تستخدم دول العالم السلاح النووي منذ ان استخدم ضد مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين رغم ان امريكا والاتحاد السوفياتي كانا على مقربة من استخدام هذا السلاح اثناء الحرب الباردة بينهما لأن الأثر الرادع لهذا السلاح يعود الى حجم التدمير الهائل الذي يلحقه بالعدو.
وكانت باكستان تحتفظ بخيار استخدام هذا السلاح منذ بدء البرنامج النووي الباكستاني في عام 1970 لكن الادبيات المستخدمة في العقيدة العسكرية النووية الباكستانية تثبت وجود الغموض في استخدام هذا السلاح فقد ابقى المسؤولون الباكستانيون الطريق مفتوحا امام استخدام هذا السلاح لكنه ليس واضحا متى وكيف وأين سيتم استخدام هذا السلاح وبذلك يلعب هذا الغموض دورا اساسيا في السياسة النووية لباكستان.
استخدام السلاح النووي عند بدء الحرب
تستفيد باكستان من خيار استخدام السلاح النووي للتعويض عن ضعفها امام تفوق القوة التقليدية الهندية عليها، فبالنظر الى الفرق في موازين القوات التقليدية بين البلدين وعدم التوازن الجيوسياسي الموجود بينهما فإن خيار استخدام السلاح النووي لباكستان يخدم باكستان كما كان يخدم امريكا في الدفاع عن حلفائها الاوروبيين امام الاتحاد السوفيتي السابق.
ويعتقد بعض الباكستانيين ان بلادهم يجب ان تحتفظ بحق استخدام السلاح النووي وهناك فئة اخرى تعتقد بضرورة عدم استخدام هذا السلاح لاغراض حربية كما هناك من يقول ان هذا السلاح يجب أن يبقى كخيار أخير.
الخيار الأخير
يعتقد الكثير من المحللين الامنيين الباكستانيين ان هناك ظروفاً خاصة يمكن ان تجبر باكستان على استخدام السلاح النووي كخيار اخير، ويشرح القائد المتقاعد للقوات الجوية الباكستانية طارق اشرف هذه الظروف كالتالي:
- قيام القوات الهندية بشن هجوم داخل الاراضي الباكستانية
- احتمال سقوط احدى المدن الرئيسية الباكستانية مثل لاهور
- تدمير القوات التقليدية الباكستانية او باقي الممتلكات الى حد لايمكن القبول به
- وقوع هجوم على اهداف استراتيجية في باكستان مثل السدود أو المنشآت النووية
- محاصرة الموانئ والمرافق الحيوية في باكستان
- هجوم الهند على كشمير
اسباب امتناع باكستان عن استخدام السلاح النووي
يعتقد الكثير من المحللين ان باكستان ستمتنع عن استخدام السلاح النووي بسبب ضعف القدرات التقليدية لهذا البلد امام الهند ويقول هؤلاء المحللون ان اسباب امتناع باكستان عن استخدام السلاح النووي هي:
- الخوف من ضربة وقائية
حيث يعلم الباكستانيون ان الهند قادرة على شن ضربة وقائية قبل ان تتمكن باكستان من استخدام قوتها الرادعة.
- ضعف القوات التقليدية
تعتبر القوات التقليدية الباكستانية اضعف من القوات الهندية في الكم والنوع ومن المستبعد ان تقوم باكستان بتقوية قواتها التقليدية بدلا من رفع مستوى قوتها النووية.
- المشاكل بين القادة المدنيين والعسكريين
يعتبر الجيش الباكستاني اقوى مؤسسة في هذا البلد وصاحب النصيب الأكبر في اتخاذ القرارات بشأن القضايا النووية حيث اضعف نفوذ الجيش دور القيادة المدنية واضعف قدراتها لادارة امور هذا البلد.
- التغيير في السياسة الاستراتيجية الهندية
يعتقد المخططون الامنيون في باكستان وكذلك المسؤولون السياسيون ان جميع الصفقات العسكرية التي تعقدها الهند مع الدول الكبرى لها رسائل مباشرة لباكستان لكي تحافظ على المرونة في سياساتها.
ومن اجل هذا كله تحرص باكستان على اتباع سياسة الغموض فيما يتعلق بأسلحتها النووية لكي لاتستطيع الهند التكهن بكيفية قيام باكستان باستخدام هذه الاسلحة، ويمنح هذا الغموض باكستان امكانية استخدام هذه الاسلحة في المستقبل كما ان استخدام هذه الاسلحة يمكن ان يتوقف على حصول تغييرات في التوازن الاستراتيجي في جنوب آسيا.
صحيح ان باكستان تعتمد على الاسلحة النووية للتعويض عن ضعف قدراتها التقليدية امام الهند لكن هناك عقبات امام استخدام باكستان لهذا السلاح وهي عقبات يعرفها قادة باكستان جيدا حيث لايمكن اعتبار استخدام السلاح النووي امرا سهلا دون توقع الرد من الجهة المقابلة.