الوقت- تُظهر التطورات الميدانية والصراعات التي اندلعت في البحرين منذ عام 2011 وحتى هذه اللحظة بأن هناك هويتان متضاربتان ومتضادتان تتعديان المقاربات الطائفية والعرقية.
الأولى تتمثل في الهوية البحرينية، التي يستفيد منها حوالي 90 في المئة من السكان البحرينيين، ولكن الهوية الأخرى، فهي متعلقة بأسرة "آل خليفة"، التي تهتم فقط ببقاء عرشها وملكها، ولهذا فإنها لا تتردد في ارتكاب أي جريمة ضد الأغلبية الساحقة من شعبها وخلال السنوات الماضية عمل "آل خليفة" إلى جانب السعودية وأمريكا والقوى الغربية، وقاموا بتوجيه اتهامات مثل الطائفية والإرهاب ضد المتظاهرين البحرينيين المسالمين، ولهذا فإننا في مقالنا هذا سوف نسلط الضوء أكثر على حجم انتهاكات حقوق الإنسان والأعمال التمييزية والعنصرية التي يقوم بها نظام "آل خليفة" ضد الشيعة في البحرين وقمعه للمظاهرات السلمية.
التمييز والاضطهاد ضد أبناء الطائفة الشيعية في البحرين:
1) التمييز والعنصرية الاقتصادية
نسبة تمثيل الشيعة في الهيئات والشركات الكبرى هي 10% فقط، وبعد أحداث فبراير 2011 تم اتخاذ عدد من الإجراءات بحق عدد من رجال الأعمال وأعضاء شيعة في غرفة تجارة وصناعة البحرين حيث تمّت إقالة عضوين من أعضاء مجلس الإدارة، كما تم الاعتداء على سلسلة المحلات التجارية لأحد رجال الأعمال الكبار من الشيعة في تلك الفترة.
إضافة لذلك هناك منع لاستملاك الشيعة لأي عقار في عدد من المناطق كالرفاع وبعض مناطق المحرق والحورة والقضيبية لأسباب غامضة حتى بات يمنع الشيعة من السكن في أكثر من 40% من أراضي البحرين.
2) التمييز في القطاع الطبي
عمدت الحكومة في البحرين إلى تشويه صورة الأطباء والعاملين في القطاع الطبي من الشيعة في حملة ممنهجة عبر مختلف وسائل الإعلام بعد أحداث فبراير 2011، حيث تم اعتقال وتعذيب العديد منهم كما فصلوا من أعمالهم، إضافة لذلك، تمّت عسكرة المستشفى العام الوحيد في البلاد (مستشفى السلمانية)، فصار الشيعة يخشون الذهاب إليه للعلاج خشية الاتهام أو الاعتقال، كما تمّ منع توظيف الشيعة في المستشفيات التي يديرها الجيش مثل المستشفى العسكري ومستشفى الملك حمد.
3) أشكال أخرى من التمييز
مجلس الدفاع الأعلى في البحرين وهو بمثابة مجلس الأمن القومي يتكون من 14 عضواً 13 منهم ينتمون للعائلة الحاكمة وعضو واحد من الطائفة السنية، ولا وجود للشيعة في هذا المجلس تماماً.
إن التمييز ملموس ضد الشيعة في تقلُد مناصب عليا في الشركات والوظائف الرسمية على رغم وجود كفاءات كثيرة منهم، بل أكثر من ذلك حيث تم عزل وفصل الكثير منهم ممن يتقلدون قليلاً من هذه المناصب وتم تغيير أسماء المناطق التي يقطنها الشيعة أو ابتكار أسماء جديدة لها من أجل طمس الهوية التاريخية للوجود الشيعي في هذه المناطق مثل مناطق الجفير وكرباباد والنويدرات إضافة إلى عدم تسمية أي من الشوارع والمدارس والمستشفيات بأسماء شخصيات شيعية أو لها علاقة بتاريخ الشيعة.
4) التمييز الديني ضد أبناء وقيادات للشيعة:
سعى نظام آل خليفة في البحرين إلى تدمير الهوية الدينية الشيعية بطرق مختلفة ومنها:
أ: تزوير وتشويه تاريخ الإسلام في البحرين وربطه بتاريخ نفوذ آل خليفة في البلاد من خلال البيان الشهير لملك البحرين.
ب: إن تصريحات كبار المسؤولين البحرينيين ووسائل الإعلام والصحف الرسمية وشبه الرسمية تعمل على تشويه صورة الواقع التاريخي والحاضر للأغلبية الشيعية من أجل تقويض الحقوق الطبيعية لهذه الفئة من الشعب وكذلك تحريض باقي الشعب على القيام بعمليات قمع ضد أبناء الطائفة الشيعية.
ج: التلاعب في النقوش الأثرية والكتب التي تشير إلى هوية الشيعة في أقدم مسجد في البحرين في منطقة الخميس، وحتى تسميته باسم تاريخي غير مستمد من الثقافة الشيعية.
د: تدمير أحد أقدم المساجد الشيعية (مسجد البرغي)، والذي يعود إلى أكثر من 400 عام.
هـ: عدم ربط تاريخ البحرين وهويتها بوجود شخصيات شيعية، وهذا مستمر حتى يومنا هذا.
و: استهداف المقابر والمزارات التاريخية للعلماء الشيعة الذين كانوا من أصحاب رسول الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، مثل قبر ابن صوحان.
5) عدم السماح للشيعة ببناء مساجد لهم
أ) منعت السلطات البحرينية أبناء الطائفة الشيعية من بناء مساجد لهم في المناطق التي يشكلون الأغلبية السكانية فيها كمنطقة إسكان عراد، والتمييز في المناطق المشتركة كمدينة زايد ومدينة حمد.
ب) المدن الثلاث التي بُنيت مؤخراً، مدينة عيسى، ومدينة حمد، ومدينة زايد، بٌني في مجموع هذه المدن الثلاثة سبعين مسجداً تقريباً، ونصيب الشيعة من هذه المساجد أربعة عشر مسجداً فقط
ج) وجود آلاف المواطنين الشيعة في منطقة (البحير) في الرفاع، الذين لم يسمح لهم بتخصيص قطعة أرض لبناء مسجد عليها.
6) هدم المساجد والاعتداء على دور العبادة
أ) في فترة الطوارئ في العام 2011، تم تدمير 38 مسجداً على أيدي القوات البحرينية المدعومة بقوات "درع الجزيرة" إضافة إلى 8 مآتم تعرّضت للتخريب والتكسير.
ب) وثّق تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق (بسيوني) الاعتداء على المساجد، وأثبت بحسب تحقيقه ثبوت الهدم بحق خمسة منها على الأقل ولم يتم محاسبة أي مسؤول على ذلك حتى الآن.
7) الاعتداء على مواكب العزاء وبعض الحسينيات والمساجد
تناول التقرير الحقوقي لجمعية الوفاق لعام 2013 حالات تخريب دور العبادة والتضييق على الحريات الدينية، إذ تناول 118 حالة كان بينها استهداف بالقمع أو المداهمة أو المنع أو الاعتقال أو الاستدعاء أو التخريب والمصادرة.
أ) طمس مظاهر الاحتفالات الدينية للشيعة، وعدم بروزها للعلن، حيث لا تغطّى في أي وسيلة إعلامية رسمية بل يمنع أن يكون لها أي وجود ظاهر كمنع مكبّرات الصوت في المناسبات الدينية.
ب) الممارسات المتكررة والمثبتة بالصوت والصورة لقيام القوات الأمنية باستهداف (الإعلام والرايات) الدينية واتلاف مظاهر الاحتفاء الديني بتمزيق (السواد) واليافطات وتكسير المضائف.
8) قمع الحريات الدينية والتضييق على الرأي الديني
أ) اعتقال وتعذيب عدد كبير من علماء الشيعة لمجرد التعبير عن الرأي، أيضاً إصدار قرارات رسمية لتقييد الخطاب الديني، ومنع الصلاة والخطابة في عدد من المساجد.
ب) مصادرة حق علماء الشيعة في تنظيم شؤون التبليغ والدعوة وفق مقررات الدين، وقد صرح ما عرف "بتقرير البندر" بوجود خطة مبيّتة تستهدف السيطرة على الشؤون الدينية للشيعة ومحاصرة علمائهم ومؤسساتهم.
الخلاصة
لقد غمر نظام آل خليفة نفسه بشكل متزايد في مستنقع الكراهية العامة في الساحة المحلية البحرينية على مدى العقدين الماضيين، ما زاد من اعتماده على الأطراف الدولية للحفاظ على عرش المملكة وفي هذا الصدد قامت البحرين بالموافقة على وجود الأسطول الأمريكي الخامس على أراضيها دون قيد أو شرط ووافقت على وجود القوات السعودية في العديد من المناطق والمدن البحرينية لقمع الاحتجاجات الشعبية على أراضيها.