الوقت- في حدث مهم، زار المتحدث باسم حركة أنصار الله اليمنية "محمد عبد السلام" والوفد المرافق له طهران، والتقى خلال الزيارة قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي يوم الثلاثاء الماضي، وأثناء اللقاء قُدّمت رسالة "السيد عبد الملك بدر الدين" زعيم حركة أنصار الله إلى قائد الثورة المعظم.
ويأتي اللقاء في ظل فتح جبهة جديدة في الحرب اليمنية بين الغزاة، حيث تتطلب الظروف الميدانية اليمنية الجديدة تبنّي حلول مناسبة للتغلب على القضايا المعيشية والأمنية الجديدة في اليمن.
زيارة تحمل رسائل خاصة في ظروف خاصة
بالنظر إلى الظروف الميدانية الجديدة ووضوح أهداف القوات الانفصالية ودولة الإمارات أكثر من أي وقت مضى لتقسيم اليمن من جهة، ورغبة السعودية في السيطرة على موارد النفط المهمة في اليمن من جهة أخرى، فإن اجتماع أنصار الله بقائد الثورة الإسلامية يحظى بأهمية خاصة.
إن إخفاقات السعودية والإمارات في ساحات القتال ضد أنصار الله، وتعميق الخلاف بين الدولتين في أعقاب التطورات في الجنوب وطرد حكومة منصور هادي من عدن من قبل قوات المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، قد خلقا أزمةً في صفوف التحالف والقوات التابعة له.
في ظل هذه الظروف، يُظهر وجود وفد أنصار الله في طهران والاجتماع مع قائد الثورة الإسلامية، عمق الوحدة الموجودة في محور المقاومة والقوة المتزايدة لقوى المقاومة في المنطقة، ففي كلمته أمام الوفد اليمني، أعرب قائد الثورة عن أمله في أن "يتمكنوا من تشكيل حكومةً قويةً وتحقيق التقدم داخل تلك الحكومة".
في الواقع، مثلت هذه الزيارة والزيارات الودية لوفد أنصار الله مع السلطات السياسية الإيرانية، وحدة محور المقاومة مقابل مظاهر الخلاف في الجبهة المقابلة من جهة، ومن جهة أخرى، على الرغم من الطابع السلطوي الذي يهيمن على العلاقات السعودية والإماراتية مع حلفائهم اليمنيين، أظهر الشعب الإيراني دعمه الكامل لمقاومة وتضحيات المقاتلين اليمنيين من أجل الحصول على استقلال بلادهم، ومن أبرز النقاط التي لفتت انتباه وسائل الإعلام في هذا اللقاء، هو الخنجر (الجنبية) الذي كان يحمله المتحدث باسم أنصار الله أثناء لقائه مع قائد الثورة.
وبعد اللقاء نشر عبد السلام هذه الصورة على صفحته على تويتر، ثم نشر إلى جانبها صورة لقاء الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي مع الملك سلمان الذي كان قد أجلسه في نهاية القاعة، وكتب معلقاً: تُظهر الصورة الأولى مجاهداً يمنياً يدافع عن دينه ووطنه ويرتدي الزي اليمني الأصيل، ويجتمع بأكبر شخصية دينية إيرانية، وتظهر الصورة مدى احترام إيران للشعب اليمني. أما الصورة الثانية فتُظهر يمنياً مرتزقاً دعا إلى غزو واحتلال بلاده، وأسياده قد أجلسوه في آخر مقعد دون أدنى احترام.
من ناحية أخرى، كان من أهم القضايا التي تمّت مناقشتها في اجتماع قائد الثورة الإسلامية ووفد أنصار الله رفيع المستوى، تأكيد سماحته على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن والحيلولة دون تنفيذ الخطط الخبيثة للسعودية والإمارات لتفكيك هذا البلد.
حيث إن هذه البلدان التي رأت أن بداية الأزمة في اليمن هي فرصة لمتابعة أهدافها الاستعمارية، بما في ذلك الاستيلاء على الموارد النفطية والجزر الاستراتيجية وغيرها من الموارد الطبيعية، شنّت حرباً جبانةً وغير متكافئة ضد الشعب اليمني المضطهد بحجة دعمه، وارتكبت الكثير من الجرائم في هذا البلد على مدى السنوات الخمس الماضية، ولكن على الرغم من فشلهم في هزيمة عزيمة ومقاومة الشعب اليمني، فإنهم يرون الآن أن الطريقة الوحيدة لتحقيق الحد الأدنى من أهدافهم هي تقسيم البلاد إلى قسمين، الشمال والجنوب.
لكن كلمات قائد الثورة الإسلامية قد أطلقت رصاصة الرحمة على جثة الإمارات والسعودية شبه الهامدة، لأنهما يعرفان جيداً أن محور المقاومة وعلى مدى العقود الماضية، قد تمكن من خلال الاعتماد على القوة الجهادية لشعوب المنطقة، من إحباط جميع الخطط المشؤومة للقوى الدولية العظمى والتي تستهدف المنطقة، ورميها في مزبلة التاريخ واحدة تلو الأخرى.
وفي قسم من كلمته، قال قائد الثورة خلال لقائه بممثلي أنصار الله: السعوديون والإماراتيون ومؤيدوهم الذين ارتكبوا جرائم كبيرة في اليمن، لن يحققوا أي نتيجة بالتأكيد.
وإذ أشاد قائد الثورة الإسلامية بإيمان الشعب اليمني وصموده وذكائه وروحه الجهادية في مواجهة حرب وحشية واسعة النطاق، أكد قائلاً: إن أي شعب مؤمن بالله سبحانه وتعالى وبالوعد الإلهي سينتصر بالتأكيد، وعلى هذا الأساس سيكون النصر حليف مجاهدي اليمن المضطهدين بلا شك.
في السياق نفسه، قال محمد عبد السلام في حديث مع قناة المسيرة اليمنية حول الهدف من السفر إلى طهران، إن الهدف من هذه الزيارة هو إقامة علاقات مع مختلف الأطراف الدولية لما فيه مصلحة اليمن، وبناء شراكات قائمة على الاحترام المتبادل والمساواة، كما أعلن عن زيارات إلى الصين وروسيا في المستقبل لفتح بوابات اليمن الاقتصادية.
لقد حاولت بعض وسائل الإعلام اعتبار الزيارة على أنها تأتي في سياق عقد صفقات بين الإمارات وأنصار الله.
وردّاً على هذه الشبهات، كتب "محمد علي الحوثي" رئيس اللجنة الثورية اليمنية العليا تغريدةً على تويتر أنهاها بعلامة استفهام، حول زيارة وفد أنصار الله إلى طهران: "دعوة الوفد إلى إيران لبحث ما تم الاتفاق عليه مع الإمارات؟"
في الواقع، لقد أرجع انتباه وسائل الإعلام إلى تفاصيل الزيارة للإجابة على هذا السؤال.
البيعة مع الإمام
في هذا اللقاء، خاطب الناطق باسم حركة أنصار الله اليمنية محمد عبد السلام قائد الثورة الإسلامية بالقول: نحن نعتبر ولايتكم "امتداداً لخط نبي الإسلام(ص) وولاية امير المؤمنين(ع)، وإن مواقفكم الحيدرية والعلوية في دعم الشعب اليمني المظلوم تمثل امتداداً لخط الإمام الخميني (ره) ومدعاة للبركة ورفع المعنويات."
لقد أثبتت هذه التصريحات مرةً أخرى أن التحالف بين محور المقاومة وإيران واليمن هو أكثر من مجرد تحالفات سياسية وإقليمية، وهذا هو السبب الرئيس للضغط الواسع النطاق على مختلف أجزاء محور المقاومة في المنطقة.
وفي نهاية الاجتماع، أعلن قائد الثورة الإسلامية دعمه لنضال الرجال والنساء المؤمنين والصامدين في اليمن، مطالباً الوفد اليمني بتقديم تحياته إلى "الأخ المجاهد والعزيز السيد عبد الملك بدر الدين"، وكذلك الشعب اليمني المؤمن والمقاوم.