الوقت- تقدّم هوليوود صورة مشوّهة دائماً عن العرب والمسلمين عموماً، وقد آثرت فعل هذا الأمر منذ 100 عام وحتى اللحظة، ولكون السينما قادرة على خلق ذهنية معينة لدى الجمهور عموماً، فقد تمكّنت ماكينات هوليوود من ترسيخ صورة مشوهة للمسلمين لدى المجتمعات الغربية، وما إن ظهرت "داعش" حتى أصبحت هذه الصورة شبه عامة ومطلقة عن جميع أبناء المنطقة.
إذ استطاعت "داعش" التي أسسها الغرب بكل تأكيد بأن تعزّز وجهة نظر الغرب تجاه المسلمين، وذلك من خلال استخدام هذه الجماعة الإرهابية تقنيات عالية الجودة والدقة في تصوير مقاطع "القتل" التي تنفذها بحق مواطنين مدنيين.
كيف يمكن لتنظيم إرهابي مثل "داعش" أن يمتلك كل هذه القدرات الاحترافية في تصوير مشاهده الإجرامية، فقبل "داعش" كانت هناك جماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة وغيرها، إلا أنها كانت تستخدم كاميرات بسيطة لتصوير مشاهدها الإجرامية، إلا أن "داعش" امتلك تكنولوجيا لا يمكن أن تجدها سوى بسينما "هوليود" أو السينما الاحترافية الأخرى، ووجود مصوّرين محترفين معهم يؤكد وجود خبراء غربيين يتعاونون معهم.
وفي تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول تنظيم "داعش" الإرهابي تم تلخيص أهداف فيديوهات التنظيم الإجرامي في سببين وهما، الأول: تخويف السكان المدنيين في المناطق الخاضعة للتنظيم، والثاني: دعائي محض لاستقطاب المقاتلين الأجانب وجلب مزيد من الدعم.
وأضاف التقرير إن الذراع الإعلامي للتنظيم يمثل سنداً قوياً لاستقطاب مقاتلين، ولعلّ إصرار التنظيم على تصوير جميع عمليات إعدامه لرهائنه بالطرق البشعة نابع من رغبة تنظيم "داعش" في تقديم نفسه على أنه المحارب الأول الذي لا يمكن القضاء عليه .
هذا الفكر يتقاطع مع الفكر الأمريكي الذي ينشره بين جنوده ويقوم بتربيتهم وزرع أفكار بأنهم القوة التي لا تقهر لدرجة أنهم بدؤوا يشعرون بالغير وكأنهم "حشرات" يجب التخلص منها، وهذا الأمر رسّخته السينما الأمريكية، لدرجة أصبح اليوم قتل العربي في الفيلم الأمريكي أمر عادي، وربما نرى الآن أيضاً على الشاشة أحد المشاهد من فيلم "أكاذيب حقيقية" حيث مجموعة من المسلمين تريد امتلاك سلاح نووي ثم يأتي عليهم البطل الأمريكي هذا ويقتلهم.
بكل الأحوال إن أفلام "داعش" تتقاطع مع ما يريد الغرب إيصاله عن العرب والمسلمين، ويبدو واضحاً ضلوع جهات أجنبية معهم ولكنهم خلف الكواليس، فالفيلم الذي تم تصويره عن حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، قدّر خبراء أمريكيون تكلفة تصوير هذا الفيديو البالغة مدته 22 دقيقة بنحو 200 ألف دولار، بالنظر للمعدّات الاحترافية وطريقة الإخراج التي اعتمدها التنظيم.
وأكد الخبراء أن التصوير تم في مواقع مختلفة وليس في موقع واحد، وأشار الخبراء إلى أن تصوير فيديو من هذا النوع يتطلب فريق عمل محترف وملمٍّ بمهن السينما.
ولم يقتصر التنظيم الإرهابي على ذلك، بل نفّذ عملية ذبح الضحايا المصريين في ليبيا على شاطئ البحر أمام كاميرات وزّعت بحرفية بالغة، وبزوايا متباعدة لالتقاط أبشع مشاهد الموت، ولم تتوقف سلسلة إعدامات “داعش” السينمائية وآخرها ما حدث في تدمر السورية .
هذا الأمر دفع بعض النجوم المسلمين والعرب تحديداً في هوليوود للامتناع عن المشاركة بأفلام تقدّم العرب بهذه الصورة، إذ رفض الممثل الأمريكي "رامي مالك" من أصول مصرية الحاصل على جائزة أوسكار لأفضل ممثل، أن يجسد دور إرهابي يتحدث اللغة العربية في فيلم "جيمس بوند" المقبل.
وقال مالك: إنه أصرّ على الحصول على تأكيدات أن الشخصية التي سوف يؤديها في الفيلم لن تكون شخصية "إرهابي عربي"، وإنه فكّر طويلاً قبل قبول دوره الجديد.
وفي حوار مع صحيفة ميرور البريطانية، قال مالك: إنه كان في حاجة للحصول على تأكيدات من المخرج الأمريكي كاري فوكوناغا بشأن دوره المقبل، وأنه لن يكون شخصية إرهابية يتحدث العربية، مؤكداً أنه لن يؤدي دور إرهابي عربي أبداً.
وتابع بالقول إن تم اختياره لدور من هذا القبيل فإنه يفضل الانسحاب، مشدداً على أن أصوله المصرية ووعيه بأهمية الصورة الإيجابية كانت وراء موقفه، قائلاً: "أنا مصري، تربيت على سماع الموسيقى المصرية، وأحب عمر الشريف والمصريون شعبي، وأنا مرتبط بهذه الثقافة وبهذا الشعب".
من جهته أكد مخرج الفيلم فوكوناجا لمالك أن رؤية دور الشرير في هذا الفيلم لا علاقة لها بهذه "الصورة النمطية"، كما أوضح مالك أنه سعيد بهذا الدور العميق والمركّب وأنه متشوق للمشاركة في آخر أفلام جيمس بوند.
وقال: "دوري في الفيلم رائع، وأنا متحمس للغاية لأدائه، ولكن ذلك أمر تناقشت بشأنه مع كاري (..) قلت له لا يمكننا أن نربط الشخصية بأي عمل إرهابي يعكس أيديولوجية أو ديانة، هذا أمر لا أحبه، لذلك قلت إذا كنت اخترتني لهذا السبب، فأنا منسحب".
وأضاف: "بدا من الواضح أن هذه ليست رؤية المخرج، لذلك فإن الشخصية التي سوف أجسدها هي لإرهابي من نوع مختلف آخر".
في الختام..على العرب والمسلمين أن يقدّموا سينما مضادة لتلك التي تقدّمها هوليوود أو على هؤلاء النجوم المحترفين أمثال مالك أن يساهموا في تحسين صورة العربي والمسلم في هوليوود، لأنه ليس من المنطق أن يقوم الغرب بإخفاء هوية وانتماء المميزين والعباقرة من العرب والمسلمين والذين قدّموا خدمة كبيرة للإنسانية جمعاء، وفي نفس الوقت يتم تشويه البلاد التي جاء منها هؤلاء.