الوقت- بدأ وزير الخارجية الأمريكي، "مايك بومبيو" يوم الجمعة الماضي جولته الأوروبية التي سوف تستغرق خمسة أيام، بزيارة العاصمة الألمانية "برلين"، حيث من المتوقع أن يضغط على ألمانيا لتعزيز إنفاقها العسكري وتجنّب أي صفقات مع شركة هواوي تكنولوجي الصينية وإعادة النظر في مشروع خط أنابيب مع روسيا وخلال تلك الزيارة التي استمرت نصف يوم اجتمع "بومبيو" مع وزير الخارجية "هايكو ماس" والمستشارة "أنجيلا ميركل" وتباحثا حول القضايا العالمية والاقليمية.
يذكر أن زيارات وزير الخارجية الأمريكي كانت مقررة في وقت سابق هذا الشهر، لكنها ألغيت في آخر لحظة مع تزايد التوترات بشأن إيران، وهي قضية أخرى تختلف بشأنها وجهات نظر واشنطن وبرلين وستشمل جولة بومبيو أيضاً سويسرا وهولندا وبريطانيا وكان "بومبيو" قد قال للصحافيين قبل توجّهه إلى برلين، إنه يتعيّن على ألمانيا أن تبذل المزيد للوفاء بالتزامات الإنفاق الدفاعي التي حددها حلف شمال الأطلسي عند اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
التفاوض من دون شروط، هل هو تراجع أم لعب بالكلمات؟
أعلنت أمريكا الأحد الماضي على لسان وزير خارجيتها "مايك بومبيو"، استعدادها للتحاور مع طهران دون شروط مسبقة، وبطبيعة الحال، يمكن القول هنا بأن هناك مبرر مهم وقوي لهذا التغيير والتحرك نحو اتخاذ موقف وسطي ومعتدل في تصريحات مسؤولي البيت الأبيض بعدما قاموا خلال الأسابيع الماضية بإرسال الكثير من المعدّات العسكرية إلى المنطقة، ويتمثّل ذلك المبرر في قبول قادة البيت الأبيض حقيقة عدم فعالية النفوذ العسكري والضغوط الاقتصادية لإجبار إيران على قبول الجلوس مرة أخرى على طاول المفاوضات وإرغامها على قبول جميع الشروط الأمريكية.
وفي سياق متصل، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن إيران خرجت بردٍّ تصعيدي على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي "بومبيو"، لتشترط أن تغيّر أمريكا سلوكها بشكل ملحوظ للموافقة على التفاوض معها واعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية، يوم الأحد الماضي، أن وراء تصريحات وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" بشأن التفاوض دون شروط أهدافاً خبيثة.
وذكرت الخارجية الإيرانية في بيان أن معيارنا الأساسي هو السلوك الأمريكي على الأرض وليس تصريحات السياسيين، وأضافت الخارجية الإيرانية: "إن تصريحات بومبيو بشأن التفاوض دون شروط مسبقة لعب بالكلمات بأهداف خبيثة".
وأشارت إلى أن "تأكيد بومبيو بشأن استمرار الضغوط على طهران سياسة خاطئة وتحتاج إلى تغيير كلي"، واستبعد وزير الخارجية "محمد جواد ظريف"، يوم الأحد الماضي، الحوار مع أمريكا في ظلّ التصعيد والتوتر الحالي، وقال ظريف: "إن مواصلة الضغوط على إيران قد تترك تأثيرات على سوق العقار في البلاد إلا أنها لن تترك أي تأثيرات على نهج إيران".
التكالب الدولي على طهران
عقب انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفرضها للكثير من العقوبات الاقتصادية والعسكرية على طهران، صعد مسؤولو البيت الأبيض من تحركاتهم لخلق تحالف إقليمي وعالمي لمواجهة إيران. ومع ذلك، حتى الآن، لم يتمكن قادة البيت الأبيض من ضمّ الدول الأوروبية إلى ذلك التحالف المناهض لإيران وهذا الأمر يؤكده فشل مؤتمر "وارسو" الذي عقد قبل عدة أشهر للتباحث حول زيادة الضغوطات الاقتصادية والسياسية على طهران، ولكن عقب حدوث العديد من التطورات في المنطقة، بما في ذلك الانفجارات التي طالت عدة سفن شحن إماراتية وسعودية قبالة سواحل الإمارات وهجوم قوات "أنصار الله" على محطات ضخ النفط في السعودية، وإلقاء واشنطن باللوم على إيران في كلا الحادثتين، يأمل البيت الأبيض مرة أخرى في إقناع تلك الدول الاوروبية بالانضمام إلى ذلك التحالف من أجل مواجهة والضغط على طهران.
وعلى نفس المنوال، أعرب وزير الخارجية الأمريكي "بومبيو" قبل القيام بجولته الأوروبية، بأن مستشار الأمن القومي "جون بولتون" لديه العديد من الأدلة التي تثبت تورّط إيران في الهجوم على سفن ناقلات النفط الإماراتية والسعودية وأنه سوف يقدّم تلك الأدلة إلى مجلس الأمن، وأضاف "بومبيو": "إن إيران تحاول رفع أسعار النفط في الأسواق العالمية".
ولهذا فلقد دعا وزير الخارجية الأمريكي "بومبيو" الدول الأوروبية إلى التوقف عن تنفيذ آلية "إينتكس" المالية التي جاءت للالتفاف على العقوبات المفروضة على طهران، ودعاهم أيضاً إلى عدم تجاهل الإنذار النووي والوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بالعقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران.
وفي سياق متصل، هدد "برايان هوك"، رئيس مجموعة العمل الإيرانية يوم الخميس الماضي، بفرض عقوبات صارمة على أي دولة تشتري النفط من إيران، والآن، ينقل "بومبيو" نفس هذه الرسالة إلى برلين التي لها دور قيادي في أوروبا، ويبدو أنها أيضاً لعبت خلال الفترة الماضية دوراً رئيساً بين الدول الأوروبية لمواجهة سياسة تدخل واشنطن المزعزع للاستقرار في القارة الأوروبية.