الوقت- لم تمر سوى ساعات قليلة على القرارات التي اتخذها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لاصلاح الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية في البلاد حتى بدأت ردود الافعال المرحبة بهذه القرارات تعبر عن نفسها من خلال التظاهرات الشعبية لمختلف شرائح المجتمع والبيانات التي اصدرتها الكيانات السياسية الرئيسية والنخب الثقافية والاعلامية في البلد.
وجاء في طليعة المرحبين المرجعية الدينية في النجف الاشرف التي دعت في وقت سابق إلى اتخاذ هذه القرارات والاستجابة لمطالب الشعب العراقي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والخدمية والامنية.
وأعربت المرجعية عن أملها بأن يتعاون جميع الوزراء واعضاء البرلمان وكافة السياسيين في العراق مع كل قرار يتوافق مع الدستور ويخدم الوطن ليكون العراق دولة الأمان والنزاهة والتحضر، واصفةً قرارات العبادي الأخيرة بأنها خطوة بالاتجاه الصحيح لردع الفساد بمقتضى الدين والوطن متمنية منه في الوقت ذاته اصلاح جميع مؤسسات الدولة .
ولابد من الاشارة هنا إلى أنّ دعوة المرجعية الدينية ألهمت العراقيين بالخروج في تظاهرات حاشدة لإسقاط رموز الفساد مثلما ألهمتهم الجهاد الكفائي ضد تنظيم (داعش) الارهابي. فمثلما استرجعت فتوى الجهاد الأرض من أيدي الارهابيين، ستعيد قرارات الإصلاح بكل تأكيد أموال الشعب من أيدي الفاسدين.
من جانبه رحب ائتلاف دولة القانون الذي يترأسه نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي بقرارات العبادي ووصفها بالشجاعة والمهمة، داعياً ايّاه إلى تعيين حكومة تكنوقراط تنطلق منها باقي الاصلاحات.
كما أبدت كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الاسلامي برئاسة السيد عمار الحكيم دعمها لإجراءات العبادي الاصلاحية، ودعت البرلمان إلى التعامل معها وفق الأطر الدستورية، واصفة هذه الاجراءات بأنها تطمئن المواطن وتأخذ بالعملية السياسة في البلاد بالاتجاه الصحيح، لافتة إلى ان كتلة المواطن ستكون مع التصويت للإصلاح حين عرض القرارات على البرلمان.
من جهتها رحبت الهيئة السياسية للتيار الصدري بقرارات العبادي، ودعت البرلمان إلى دعمها بقوة، مؤكدة أن كتلة الأحرار الوزارية والبرلمانية التابعة للتيار الصدري الذي يتزعمه السيد مقتدى الصدر ستوافق على تلك القرارات داخل مجلسي الوزراء والنواب .
بدوره اعلن التحالف الكردستاني دعمه الكامل والمباشر للقرارات الإصلاحية التي اتخذتها العبادي من اجل القضاء على الفساد والنهوض بالحكومة بما يخدم تطلعات المواطنين العراقيين.
وطالب التحالف بمحاسبة جميع الفاسدين مهما كان منصبهم أو انتمائهم الحزبي أو الطائفي وعرضهم على القضاء لينالوا جزائهم العادل، مشدداً على ضرورة ان يكون الاصلاح جذرياً ولايستثني أي شخصية من المحاسبة اذا ثبت تورطها بقضايا فساد مالي أو اداري.
من جانبها أكدت كتلة بدر النيابية ان قرارات الاصلاحات التي اطلقها العبادي تحظى بتأييدها الكامل، مشددة على ضرورة تطبيقها على أرض الواقع وباسرع وقت ممكن، لافتة في الوقت نفسه إلى ان تأييد المرجعية الدينية وجميع شرائح ومكونات المجتمع سيكون له دور كبير في اصلاح الاوضاع في البلاد في شتى المجالات.
وكان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، أصدر مجموعة من القرارات الهامة في اطار الاصلاح السياسي، على رأسها الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، مع تقليص اعداد الحمايات لكل المسؤولين، والغاء المخصصات الاستثنائية للرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة. كما دعا إلى فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت اشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ (من أين لك هذا؟) ودعوة القضاء إلى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين.
ووافق مجلس الوزراء العراقي بالاجماع على حزمة الاصلاحات التي أطلقها العبادي، فيما أعلن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري إستعداد المجلس لدعم جميع الإجراءات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة وفق الأطر الدستورية، مبيناً أن البرلمان سيستجوب الوزراء الذين تتم المطالبة باستجوابهم.
التأييد اللافت من المرجعية الدينية والشعب العراقي للعبادي، يعكس دون أدنى شك خطورة المسؤولية الملقاة على كاهله، فالمطلوب منه وفقاً لدعوة المرجعية أن لا يكتفي ببعض الخطوات التي أعلن عنها مؤخراً، بل أن يجتث الفساد من جذوره، وأن يأخذ الكفاءة والجدارة كخلفية لكل مسؤول عندما يسند اليه منصباً ما . وعلى العبادي ان يلتقط هذه اللحظة التاريخية التي لم ولن تتكرر، فهو يحظى اليوم بدعم اعظم قوتين في العراق هما الشعب والمرجعية الدينية، وهذا الدعم يمنحه بلا ريب قوة مضاعفة لتطبيق ما أعلنه على أرض الواقع لتفويت الفرصة على أعداء العراق وتعزيز الوحدة الوطنية لاسيما وأن البلد يمر بأزمة أمنية واقتصادية خطيرة تستدعي الوقوف بحزم بوجه المفسدين نصرة للحق ودحراً للباطل رغم الصعوبات الجمة التي يواجهها في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من تاريخه. فالعراق يستحق من جميع أبنائه البررة هذه الوقفة الشجاعة رغم المؤامرات التي تحاك ضدهم والتي لم تنقطع يوماً منذ عام 2003 وحتى الآن.