الوقت- توقعت مجلة تايم الامريكية ان يدخل العالم في فوضى متزايدة اذا فشل الاتفاق النووي مع ايران وقالت ان لهذه الفوضى تبعات كبيرة لايمكن التكهن بها حتى بالاستناد الى التاريخ وان فشل الاتفاق مع ايران لايمكن قياسه مع أي حدث تاريخي الا رفض امريكا لمعاهدة فرساي والذي جلب للعالم حروبا كبيرة.
وقالت المجلة الامريكية: ان السيناتور الديمقراطي تشاك شومر هو مجرد سناتور لكن اعلانه بأنه سيعارض الاتفاق النووي مع ايران اصبح محل اهتمام لأن هذا الموقف يمكن ان يغير اللعبة اذا أخذنا بعين الاعتبار ان النواب الجمهوريين في مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ هم عازمون على افشال الانجاز الذي سجله الرئيس الامريكي باراك اوباما كما ان النواب الديمقراطيين يعانون ايضا من ضغوط اللوبيات القوية مثل منظمة ايباك (اليهودية) لرفض الاتفاق مع ايران، واذا توفر العدد الكافي من النواب الديمقراطيين الرافضين للاتفاق مع ايران فيصبح بإمكان الكونغرس ان يسقط فيتو الرئيس اوباما ويقضي على الاتفاق مع ايران ويترك امريكا والکيان الاسرائيلي في عزلة دولية كبيرة.
ان السياسات الخارجية للحكومات الامريكية كانت تبعد الكونغرس عن السلطة التنفيذية في اكثر الاحيان لكن قيام الكونغرس بعرقلة سياسات خارجية رئيسية وهامة للحكومات الامريكية هو امر نادر جدا واذا حصل هذا الامر وقام الكونغرس برفض الاتفاق النووي مع ايران فهناك موقف تاريخي وحيد يمكن قياس هذا الفشل به وهو امتناع مجلس الشيوخ الامريكي عن المصادقة على معاهدة فرساي في عامي 1919 و1920، فهناك شبه كبير بين هذين الحدثين وان تبعات هزيمة اخرى لرئيس امريكي يمكن ان تكون كبيرة وجدية تماما مثل القضاء على آمال السلام التي كان يحملها الرئيس الامريكي آنذاك "وودرو ويلسون".
وكان الرئيس الامريكي ويلسون قد أراد في نهاية الحرب العالمية الاولى ان يتم المصادقة على معاهدة فرساي في داخل امريكا لكن الليبراليين قد أثاروا ضجة في حينها واعتبروا تلك المعاهدة خيانة لقيم ويلسون.
وكان ويلسون يعاني على غرار اوباما من مشاكل سياسية داخلية ايضا وقد فاز لمرتين بالرئاسة الامريكية دون الحصول على الاغلبية المطلقة للأصوات وطلب من الناخبين الامريكيين ان ينتخبوا الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس في عام 1918 لكي يصبح طليق اليدين في اجراء المفاوضات مع الجهات الاجنبية لكن الجمهوريين قد فازوا في تلك الانتخابات ولم يبذل ويلسون جهدا لكي يشرك الجمهوريين او ديمقراطيي الكونغرس في مفاوضاته كما رفض ويلسون القبول برؤى اعضاء الكونغرس المحتاطة حيال القيام بعقد صفقة مع الجهات الاجنبية وقد رفض مجلس الشيوخ الامريكي معاهدة فرساي في النهاية كما لم يصادق ثلثا اعضاء الكونغرس على تلك المعاهدة.
وكانت تبعات هذا الرفض كبيرة فقد خسرت فرنسا الضمانات البريطانية الامريكية المتعلقة بحدودها مع ألمانيا ونفضت امريكا يدها من حل مشاكل اوروبا وتولد شعور بأن امريكا لم تعد محلا للثقة كما لم تستطع امريكا بعد ذلك ان تستعيد دورها الريادي من جديد عند اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1941 ودخل العالم في الفوضى بدلا من الدخول في عصر جديد من سيادة القانون وارساء الديمقراطية.
ان باراك اوباما لديه اليوم اوراق قوة أقل حتى من الرئيس ويلسون لأن اوباما لايملك حظا في نيل حتى صوت واحد من اصوات الجمهوريين كما ان حزبه الديمقراطي ايضا يعاني من شرخ.
ان هذه الصفقة (الاتفاق مع ايران) تحظى بدعم مجلس الأمن الدولي وباقي دول العالم بشكل عام باستثناء الكيان الاسرائيلي وان افشال هذه الصفقة سيطلق يد ايران في الاستمرار بأي برنامج نووي تشاء، وان منع اتمام هذه الصفقة تماما كما فعل الكونغرس في عام 1920 سيؤثر سلبا على الدور الريادي لامريكا في العالم وان افشال الاتفاق النووي هذا سيدخل العالم في فوضى كبيرة وتبعات لايمكن لنا ان نتكهن بها حتى اذا تم الاستعانة بالاحداث التاريخية ورغم ذلك فإن هذه الضربة ليست كل ما يجب ان يقلق بشأنها الديمقراطيون لأن الانتخابات التي جرت في امريكا في عام 1920 بعد افشال معاهدة فرساي قد شهد فوزا ساحقا لمرشح الجمهوريين.