الوقت- عندما حذرت دول المنطقة السيد رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة التركية من مغبة دعمه للإرهاب في المنطقة خاصة في سوريا، وقيل له إن الجماعات الإرهابية التي يدعمها حالیاً، ستستهدف أمن وإستقرار تركيا في المستقبل، لم يكن يصدق مثل هذا الحديث آنذاك. وإستمر بدعمه للإرهاب حتی رأی بعينه أن الإرهاب دخل تركيا وبات يضرب في عقر داره، عندها أصبح اردوغان يدعي أنه يريد محاربة الإرهاب، لكنه علی ما يبدو لازال مصمماً علی دعمه للإرهاب الأسود الذي يفتك في سوريا والعراق. فهل ستفلح تركيا في محاربتها الإرهاب داخل البلاد دون أن توقف دعمها للجماعات الإرهابية التي تقاتل الشعب العراقي والسوري مثل جماعة «النصرة» و«جيش الفتح»، أم أنها ستغرق في مستنقع الإرهاب كما أغرقت سوريا والعراق بفعل دعمها لهذا الإرهاب؟
وبعدما ضرب الإرهاب تركيا خلال الأيام الأخيرة، حاول أردوغان تغيير بعض مواقفه الداعمة للإرهاب من خلال فتح حدود تركيا علی مصراعيها لدخول الإرهابيين من جميع دول العالم الی سوريا، وإدعی أنه يرید مواجهة داعش. فحرّك سلاح الجو وبات يضرب الأراضي السورية منتهكا بذلك سيادة سوريا بحجة ضرب مقرات داعش دون أن ينسق مع الحكومة السورية الشرعية، حيث أعلن أحمد داوود أغلو رئيس الوزراء التركي، أن حكومته لا تری ضرورة للتنسيق مع حكومة الأسد، وأن التنسيق جری مع أمريكا لضرب داعش داخل سوريا!. الیوم عرفت الجماعات الإرهابية أن خطوط نقل الطاقة في تركيا هي عصب الإقتصاد التركي، فباتت تضرب أنابيب نقل الغاز في مختلف المناطق.
دون أي شك في حال إستمرت الجماعات الإرهابية بضرب أنابيب نقل الغاز في تركيا فان الاقتصاد في هذا البلد سيتضرر بشكل كبير. وفي هذه الأثناء أعلن مسؤول في قطاع الطاقة في تركيا عن تفجیر حدث في خط أنابيب شاه دنيز الذي ينقل الغاز الطبيعي من أذربيجان إلى تركيا في وقت مبكر من صباح يوم الثلاثاء الماضي. حيث يأتي هذا الإنفجار بعد أيام من هجوم شنه حزب العمال الكردستاني أدى لتوقف التدفقات من خط الأنابيب الذي يحمل الخام من العراق إلى تركيا. بالاضافة الی ذلك تعرض خط نقل الغاز من إيران الی تركيا لعملية تخريب قبل أيام في محافظة آغري بشرق تركيا، ما أدى إلى توقف الإمدادات. حيث تعتبر إيران ثاني أكبر مصدّر للغاز لتركيا. وتاتي هذه الإنفجارات في ظل التصعيد العسكري بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، والذي أدى إلى مقتل وجرح العشرات من الطرفين. وباتت هذه الإنفجارات لم تؤثر فقط علی الاقتصاد التركي بل تؤثر حتی علی اقتصادات دول اخری في المنطقة. حيث أعلنت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان العراق قبل أيام، أن خسائر الإقليم جراء تفجير أنبوب نقل النفط المنتج في الإقليم إلى تركيا بلغت نحو 250 مليون دولار بعد تفجيره من قبل عناصر حزب العمال الكردستاني في يوليو/تموز الماضي.
إذن بعد مغامرات السيد اردوغان غير المحسوبة في سوريا والعراق، دخل الإرهاب بالفعل الی تركيا وبات يستهدف جميع المفاصل الأمنية والإقتصادية في البلاد، بدءً من إستهداف أنابيب نقل الغاز وصولا الی إستهداف القوات الأمنية وجنود الجيش. بالاضافة الی هذا فقد أصبح الإرهاب يهدد السياحة في تركيا باعتبارها أحد شريانات الإقتصاد التركي. وبالنظر الی هذه الأزمات التي باتت تهدد الامن والاقتصاد في تركيا، نعرف أن السبب في حصول هذه القضايا يعود الی دعم اردوغان وحكومته للإرهاب في المنطقة خاصة في سوريا. وبناء علی هذا فانه لا سبيل لتجفيف جذور الإرهاب في تركيا، سوی تغيير إستراتيجية السيد اردوغان الداعمة للإرهاب. لأنه من غير المستبعد أن تصبح الكثير من المدن التركية ساحة لصولات وجولات الجماعات الإرهابية في المستقبل، نظراً لتوفر الأرضية الخصبة لنمو الإرهاب في تركيا، بسبب الصراع السياسي القائم بين الحكومة التركية وبعض الاحزاب المعارضة في البلاد، خاصة حزب العمال الكردستاني المعارض.
وختاما من المفترض علی الحكومة التركية أن تعرف أن دعمها للإرهاب في المنطقة لم يعد يؤثر سلبياً علی سوريا والعراق فحسب، بل أصبح يستهدف مكونات الإقتصاد والأمن التركي داخل البلاد، من ضمنها قطاع السياحة وخطوط نقل الطاقة ومن المحتمل أن يتم إستهداف مفاصل حيوية أخری في المستقبل. لذا لم يعد الكثير من الوقت أمام السيد رجب طیب اردوغان ليوقف دعمه للإرهاب، قبل أن تصبح تركيا مستهدفة بالكامل من قبل النصرة وداعش وجيش الفتح.