الوقت- مرت عقود على احتلال فلسطين والقدس المحتلة، ومنذ ذلك الحين والمسجد المبارك يتعرض للهجمات والانتهاكات التي زادت وتيرتها في الاسابيع الماضية. حيث يشن المستوطنون ووزراء وأعضاء الكنيسيت وغيرهم من المسؤولين الرسميين الاسرائيليين، بحماية تامة من حكومة وجيش وشرطة الکيان الإسرائيلي هجمات غير مسبوقة في سبيل السيطرة على المسجد والاحياء المحيطة.
كلما تقاعس العرب والمسلمون عن التصدي لاعتداءات الکيان الإسرائيلي على القدس والمسجد الاقصى، كلما صعد الاحتلال وكثف وتيرة تهويده للمدينة والمسجد المبارك. وفي خطوة تصعيدية جديدة، دفع جيش هذا الکيان في الاسابيع الماضية المستوطنين الى تكثيف هجماتهم على المسجد الاقصى. واشارت تقارير الى ان المستوطنين، مرافقين بوزراء ومسؤولين اسرائيليين، ينظمون مسيرات يومية يرفعون خلالها شعارات مناهضة للعرب ويطالبون ببناء "الهيكل المزعوم" مكان المسجد الاقصى. وتظهر سلطات الکيان الإسرائيلي كمن يختبئ وراء اصبعه، فتدفع بالمستوطنين إلى شن الهجمات الهمجية على المسجد الاقصى والاعتداء على المصلين وممارسة الطقوس التلمودية داخل باحات المسجد الاقصى وتصور للعالم انها تحاول منعهم.
ويظهر الخبث الإسرائيلي في نتائج استطلاعات الراي الاسرائيلية التي اشارت إلى أن الغالبية الساحقة 80% من اليهود توافق على تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم. وهذا ان دل على شيء فهو يدل على مدى التعبئة العنصرية، التي تقوم بها حكوماتهم المتطرفة وعلى راسهم رئيس وزراء الكيان "نتنياهو" الذي عاد واكد في تصريح له ان القدس هي عاصمة دولة "اسرائيل" رافضا أي حديث عن أن عمليات البناء في المدينة هي بناء استيطاني، مؤكدا على استمرار البناء في القدس كحق طبيعي.
وعلى نحو متصل تتواصل مخططات نتنياهو الاستيطانية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل ممنهج حيث صادقت ما تسمى بـ"اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في القدس"، على البدء ببناء 500 وحدة استيطانية في بلدة شعفاط كجزء من خطة قائمة لبناء 1600 وحدة استيطانية شمال مدينة القدس المحتلة على أراض صادرها الکيان الإسرائيلي قبل سنوات. كما صادقت هذه اللجنة الاسرائيلية على إصدار تراخيص لبناء 244 وحدة استيطانية في مستوطنة "راموت" المقامة على اراضي المواطنين شمال القدس.
بالاضافة الى ذلك، تقرر تقديم مشاريع بناء للعديد من الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية ومستوطنات الضفة الغربية، وذلك استجابة للضغوطات التي مورست من قبل حزب "البيت اليهودي" بزعامة "نفتالي بينت" الشريك الرئيسي لنتنياهو في الحكومة، حيث تقرر تسريع مخططات بناء 115 وحدة استيطانية في مستوطنة "بزغات زئيف" شرقي القدس و70 وحدة استيطانية في مستوطنة «جيلو» جنوب القدس و19 وحدة استيطانية في مستوطنة "جبل ابو غنيم" جنوب مدينة القدس. وسارع وزراء حكومة نتنياهو بالدعوة لمزيد من الاستيطان ردا على قرار المحكمة العليا الاسرائيلية، القاضي بهدم مبنيين في مستوطنة "بيت إيل" شرقي مدينة رام الله. يذكر ان المحكمة العليا الاسرائيلية، وبخطوة غير مسبوقة، قررت هدم عمارتين معروفتين بمشروع "دراينوف" في مستوطنة "بيت ايل" تم تشييدهما على اراضٍ خاصة للفلسطينيين. الامر الذي اثار جلبة داخل البيت الاسرائيلي ما دفع رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي الى الامر ببناء 800 وحدة سكنية جديدة.
ومن جهة ثانية تشن قوات الکيان هجمات تهدف الى تهديد الوجود الفلسطيني من خلال عمليات الهدم للمساكن والمنشآت وترحيل المواطنين من اراضيهم بحجة التدريبات العسكرية ومصادرة المعدات الزراعية في سلسلة لا تنتهي من الاجراءات التعسفية التي تتبعها حكومة الکيان، حيث قامت قواته بهدم وتدمير مساكن ومنشآت للمواطنين في قريتي العقبة وبردلا بالاغوار الشمالية. وتشن هذه قوات يوميا حملات دهم واعتقال تطال عشرات الفلسطينيين في مدن الخليل ونابلس وبيت لحم والقدس الشرقية وسط اطلاق نار كثيف بحجج وذرائع متعددة.
الهجمة الغوغاء التي تشنها قوات الکيان الإسرائيلي ومستوطنيه بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته تأتي في ظل صمت وتخاذل عربي واسلامي وبغطاء اممي. وإن الانتهاكات والاقتحامات اليومية التي يقوم بها المستوطنون اليهود، والمسؤولون الإسرائيليون، والضباط والجنود، بحجج وذرائع واهية، ما هي إلا تمهيد للسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، وفتحه بشكل دائم امام المستوطنين لتأدية صلواتهم وطقوسهم التلمودية، وفي خطوة لاحقة الى طمس الهوية الاسلامية عن المسجد المبارك.