الوقت- لعل الأمر المشترك الوحيد بين كافة الأحداث التي يشهدها عالمنا اليوم تلك المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان والوضع المزري لها، فمن اليمن وما يشهده من مجازر بحق شعبه وجيشه تقوم بها آلة القتل السعودية الأمريكية إلى العراق فسوريا وليبيا والبحرين وغيرها من البلدان التي لم يبق فيه لمبادئ الحفاظ على حقوق الإنسان أي اعتبار، والأنكى من هذا كله موقف منظمة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمنظمات العالمية والموقف الدولي، فمواقفهم في حقيقة الأمر ليست موقف الساكت عما يجري بل المتعاون والمشارك والمشجع لكل ما يجري من أحداث وأعمال متناقضة لحقوق الإنسان. وآخر الفصول في الأعمال المتناقضة وحقوق الإنسان ما ظهر للعلن في الأيام القليلة الماضية حول البرقية السرية المسربة من موقع ویکیلیکس والتي كشفت أن السفارة السعودیة بالکویت رشت المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن قضایا حقوق الإنسان أحمد شهيد بملیون دولار من أجل تصعید اللهجة ضد ایران.
البرقية وبحسب ما جاء فيها تنص على دفع مبلغ مليون دولار لأحمد شهيد المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن قضايا حقوق الإنسان في ايران على أن يقوم الأخير ببذل الجهود لتصعيد اللهجة اتجاه الملف الإيراني وخلق أكاذيب وأخبار غير واقعية فيما يخص حقوق الإنسان في ايران، هذه البرقية والتي وصفت بالسرية للغاية وغير القابلة للتداول رافقها مجموعة من البرقيات السرية الأخرى التي نشرت معها والتي بلغت أكثر من نصف مليون برقية ووثائق أخرى للخارجية السعودية تتضمن اتصالات سرية مع سفارات الرياض حول العالم وأعداداً كبيرة من رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة بين الخارجية والهيئات الدبلوماسية تحضهم فيها على أعمال وتصريحات مشابهة لتلك الأخيرة.
أسئلة برسم الإجابة
الا تستحق برقية من هذا المستوى وبهذا المضمون ولشخص يمثل منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في ايران المساءلة من قبل الأمم المتحدة؟ والا يعد هكذا عمل تجاوزاً على التعهدات والإلتزامات بالمصداقية في عمل حقوق الإنسان؟ أولا يتطلب هذا الأمر ولو توضيحات بالحد الأدنى من قبل المنظمة؟ في أي سياق وخانة يمكن وضع الطلب السعودي الأخير؟ وأي مأزق تعيشه السعودية محليا ودوليا ليدفع بها إلى طلب هكذا أمر؟ ولماذا التركيز بهذه الشدة على تشويه سمعة ايران ودورها الريادي في المنطقة؟ وأين التساوي في أنظمة الحكم في السعودية وغيرها من الأنظمة في بعض البلدان العربية وتلك التي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟
الدور المتوجب على مجلس حقوق الإنسان حيال هكذا قضية
ان المتوجب على مجلس حقوق الإنسان والمنظمات العالمية وبالدرجة الأولى وقبل الخوض في أي نقاش وتفصيل سواء تلك المتعلق بالبرقية الأخيرة السرية المسربة من موقع ویکیلیکس أو تلك البرقيات المشابهة، هو العمل الجاد والحقيقي على وضع حد لكل التجاوزات التي تقوم بها بعض الدول بخصوص حقوق الإنسان، فالظلم الذي يعيشه البحرينيون على أيدي العائلة الحاكمة والقوات السعودية المعتدية التي دخلت البحرين تحت عناوين وحجج واهية إلى المجازر التي تطال الشعب اليمني وذهب ضحيتها حتى الان الاف الضحايا من شهداء وجرحى، ناهيك عن اعمال القتل والدمار وتخريب الحضارات وانتهاك الأعراض الذي تقوم به الجماعات التكفيرية في العراق وسوريا وغيرهما والتي أصبحت معروفة المصدر من الدعم إلى التحريض والترويج لها وغيره، هذا وإلى ما يقوم به الكيان الاسرائيلي من اعمال اجرام واحتلال للأراضي الفلسطينية كل هذا ومجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة غائب كل الغياب عن دوره اتجاه وضع حد لهذه الإعتداءات.
أما في خصوص البرقية السرية فمن واجب مجلس حقوق الإنسان طرح القضية بشكل جدي وإتخاذ الإجراءات اللازمة بحق ممثلها من جهة وبوضع حد للسعودية في سياستها التحريضية التي تطال حقوق الإنسان بالدرجة الأولى ووحدة وأمن الشعوب بالدرجة الثانية، وطرح هذا الموضوع في جدول أعمال اجتماعها المقرر في شهر ايلول القادم لاتخاذ هذه الإجراءات الكفيلة بمعاقبة المعتدين على حقوق الإنسان بكافة اشكاله والمتواطئين عليه، ومسائلة من يقف خلف هذه القضية وغيرها من القضايا المحقة، وإلا فان مجلس حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة مسؤولة عن كل تبعات هذه الإهانة لحقوق الإنسان والتعدي على حقوق الشعوب لا سيما الشعب الإيراني بل شريكة في ذلك.
مقايسة واستنتاج
يبرز التناقض الواضح في سياسة السعودية التي تعمل على توجيه الرأي العام العالمي والمحلي اتجاه النظرة للجمهورية الاسلامية من جهة وبين ادائها وفعلها الذي تترجمه في الميدان وعلاقاتها مع الآخرين، فالسعودية تعمل بجهود كبيرة من أجل التغطية على تورطها في الوضع المتأزم الذي تشهده المنطقة من جهة وضرب الصورة الحقيقية لمحور السلام والأمن والكرامة والمقاومة من جهة أخرى والمتمثل بحركات المقاومة وسوريا والتشكيلات الشعبية التي تشكلت في العديد من البلدان إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية صاحبة الفضل والتعاون والدعم والمشاركة الفاعلة في هذا السبيل. إذن هي حرب اعلامية نفسية غير صادقة تشنها السعودية ومن يقف وراءها لضرب السمعة الطيبة للمحور المناضل في سبيل تحقيق أفضل الشروط من حقوق الإنسان والأمن وللتغطية على أعمال السعودية المخالف لحقوق الإنسان. كما أن النظام الديمقراطي للجمهورية الإسلامية خير رد على البرقية السعودية في مقابل النظام العائلي الملكي المخالف لشروط حقوق الإنسان.