الوقت- تزداد الشكوك والمخاوف لدى الحديث عن الأرضية التكفيرية لدى الشباب السعودي، فالسعودية تشهد موجة من المخاوف والصراعات داخلها حيث تتحدث بعض الإحصائيات عن ارتفاع نسبة الشباب السعودي داخل الجماعات التكفيرية في كل من سوريا والعراق، هذا إلى نسبة الشباب المؤيدين للجماعات حيث يبرز نمط تأييدهم من خلال ما يصدر عنهم من تعليقات على مواقع التواصل الإجتماعي. وفي هذا السياق برز في الأيام القليلة الماضية تصريح للعضو السابق في مجلس الشورى السعودي وخبير الإرهاب خليل عبد الله الخليل والذي تحدث وخلال برنامج نقاشي حول قضية الإرهاب والتنظيمات المتطرفة على قناة العربية معتبرا أن 60% من الشباب السعودي هم جاهزون للإلتحاق بالفكر بجماعات التكفير.
احصائيات وأرقام
هذا التصريح الأخير أثار موجة غضب واسعة بين السعوديين بين مؤيد ورافض حيث شهدت مواقع التواصل الإجتماعي والتغريدات عليها ردود فعل كثيرة، يأتي ذلك في ظل تواجد مخاوف سعودية حول الإحصائيات عن نمو الفكر الإلغائي للجماعات التكفيرية داخل السعودية، حيث تشير الإحصائيات التي أجراها معهد بروكنجز الامريكي في هذا الخصوص إلى أن أكبر عدد من التغريدات المؤيدة لداعش مصدرها السعودية بالدرجة الأولى وهو ما يشير إلى أن الفريق الإعلامي التكفيري لهذه الجماعات هو يعمل من داخل السعودية وليس كما يسود الإعتقاد أنه من داخل سوريا أو العراق.
وقد اشارت الدراسة إلى ان 866 حسابا يعمل من داخل السعودية على شبكة تويتر وحدها، وتجدر الإشارة إلى أن حسابات تويتر تمثل المصدر الأول للمعلومات عن الجماعات والتي من خلالها تتبنى أعمالها الإجرامية التي تنفذها، وقد أشارت نتائج استطلاع رأي الكتروني أن 92% من السعوديين يرون أن داعش موافق لقيم الإسلام والشريعة رغم اعماله الإجرامية. فيما اعتبر 71% أنه لا يوجد هناك فرق بين داعش والنصرة والقاعدة. هذا وقد أشار الإستطلاع إلى أن نسبة من يعتقدون أن الجماعات التكفيرية غير متطرفة ترتفع في الشريحة العمرية التي تتراوح بين 25 و 30 عاما وهو ما يشير إلى أن الطبقة الشبابية من المجتمع السعودي مؤيدة للفكر التكفيري. هذه النسبة تتزايد في منطقتي الرياض والقصيم بحسب نتائج الإستطلاع.
هذا ويأتي قيام القوات السعودية بين الحين والآخر القاء القبض على عناصر تدعي انتماءهم لجماعات التكفير، وما شهدته السعودية في الفترة الأخيرة من موجات أعمال إرهابية تفجيرية بحق المصلين، شاهداً ودليلاً على ارتفاع النسبة الشبابية السعودية المؤيدة للجماعات التكفيرية ففي الأشهر القليلة الماضية حدثت موجة من اعمال التفجير التي استهدفت مصلين في الدالوه والقديح ومسجد الامام علي بن ابي طالب وقريه القديم والدمام وحي العنود . هذا بالإضافة إلى استهداف دوريتي امن المنشآت ودوريات الأمن بشرق مدينة الرياض. كما اعلنت السعودية الاسبوع الفائت تفكيك شبكة مرتبطة بجماعات التكفير واوقفت 431 مشتبها بهم غالبيتهم من الطبقة الشبابية.
انقلاب السحر على الساحر وآلية العمل
هذا الواقع السعودي الجديد في حقيقة الأمر ما هو إلا نتاج للسياسات السعودية التي انتهجتها على مدى الأعوام الماضية، فالسلطات السعودية عملت على تغذية الفكر التكفيري الإلغائي الإرهابي بقوة، وقد ارتكزت في سياستها هذه على ركيزتين اساسيتين، فهي من جهة عملت من خلال وسائل إعلامها على التحريض والتكفير ونشر الكراهية بين شعوب المنطقة وتصوير الشعوب الإسلامية على أنها في مواجهة بعضها البعض وكان ذلك كله في سبيل خدمة مشروع غربي استعماري مقابل حماية الدول الغربية للنظام السعودي، ومن جهة ثانية عملت على تغذية وتنمية الجماعات التكفيرية الإرهابية في البلدان المجاورة. هذه السياسات تحصد السعودية اليوم أولى نتائجها المدمرة، فقد أصبح الخطر الذي أوجدته يهددها وانقلب السحر على الساحر. ومع هذا الخطر إلا أن السلطات الحاكمة في السعودية لا زالت مستمرة في منهجيتها وسياستها وهو ما يفسر أن هذه السلطات هي في قرارتها مرهونة لقوى الخارج، وبالتالي فإن المصلحة والمنفعة التي تقوم عليها سياساتهم تحددها مصالح ومنافع الدول الغربية الإستعمارية.
إذن مع الأخذ بعين الإعتبار من جهة هذه الإحصائيات التي تشير إلى حجم الخطر الذي بات يهدد السعودية ومن جهة ثانية مصدر ومنبع هذا الفكر الذي فيه للسلطات الحاكمة في السعودية الدور البارز والفعال، يصبح من الصعب جدا السيطرة على انتشار هذا الفكر، والمكافحة الأمنية له ليست مجدية وكافية، بل ان سبل المواجهة لا بد أن تنطلق من قبل السلطات الحاكمة نفسها بالكف عن بث روح الكراهية والبغض والتكفير في وسائل اعلامها وانديتها، والتوقف عن دعم ومد الجماعات التكفيرية بالسلاح والتجهيزات والمال، وعليه القيام بخطوات في مخطط محاصرة هذا الفكر بشكل تدريجي والتعاون مع دول وشعوب المنطقة الصادقة والساعية لضرب هذا الفكر والقضاء عليه.