الوقت- منذ بداية الازمة العراقية والدخول المتأخر لقوات التحالف الدولي على خط محاربة تنظيم داعش الارهابي تسعى امريکا ومنذ بدء العمليات العسكرية ضد التنظيم الى تقييد القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي عبر الضغط على الحكومة العراقية لاستبعاد الحشد من المعارك الدائرة ضد داعش، كما حصل في تكريت وعبر الاستهداف المباشر للقوات العراقية (قصف عن طريق الخطأ المقصود) واسقاط الطائرات الامريكية للسلاح لداعش (ايضا عن طريق الخطأ المقصود) لكسر حصاره في اكثر من موقع، بالاضافة الى السعي للتقليل من أهمية الانجازات الكبيرة التي حققها الحشد الشعبي والجيش العراقيين في الميدان ومن دون اي تنسيق يذكر مع الامريكيين.
وبالعودة الى الفلوجة المنطقة الاكثر سخونة عسكرياً اليوم فقد تحدثت مصادر في وزارة الدفاع العراقية لموقع "الوقت" عن ضغوطات يمارسها قائد القوات الامريكية المتواجدة غرب العراق على الجيش العراقي لمنع قوات الحشد الشعبي والجيش من دخول الفلوجة والرمادي مهددا ضمنيا بامكانية استهداف اماكن المواجهات من قبل طائرات التحالف، كما يضغط السفير الامريكي بدوره على الحكومة العراقية لمنع استكمال العمليات متذرعاً بعدم وجود تنسيق مع قادة العشائر المسلحة في الانبار. رغم أن الاخبار من داخل الفلوجة تؤكد وجود بيئة مساعدة للهجوم وخاصة عند العشائر وارتفاع الاصوات المطالبة بقتال داعش بسبب ممارساته الاجرامية وعدم احترام الاعراف العشائرية من خلال اقتحام بيوت لتفتيشها وفيها نساء. كل هذا وسط تأكيد قيادات من الحشد الشعبي على استكمال التحضيرات لتحرير الفلوجة بعد محاصرتها من جهاتها الاربع واستكمال الاستعدادات من حيث العديد والعتاد وبانتظار ساعة الصفر للإطباق على تنظيم داعش الارهابي الذي يسيطر على المدينة منذ اكثر من سنة ونصف، وخلال العمليات المستمرة قد تكبد التنظيم خسائر فادحة أدت الى تضعضع كبير في افراده.
وسط هذا الواقع تأتي التصريحات الاخيرة لمسؤولين امريكيين لتغازل قوات الحشد الشعبي، مما يؤكد وجود متغيرات في المنطقة (قد يكون اهمها حصيلة المفاوضات النووية مع ايران). مما قد يفرض على الامريكيين تغييرات في مواقفهم الأمر الذي سينعكس على المشهد العراقي. ويأتي في نفس السياق ما أوردته صحيفة الاخبار نقلا عن مصادر عن اللقاءات التي جمعت رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مارتن ديمبسي خلال زيارته الاخيرة المفاجئة بقيادات من الحشد الشعبي والقوات العراقية من اجل تنسيق الجهود لمواجهة تنظيم داعش الارهابي والكلام عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة. بالاضافة الى الكلام عن اتفاق "محدود وغير معلن" وعن تقسيم جبهات جرى بين الامريكيين والحشد. وطبعا لم تؤكد مصادر الحشد الشعبي اياً من هذه الاخبار. وقد أشارت نفس المصادر إلى أن الامريكيين قد سلموا الحكومة والجيش العراقي خطط تحرير الموصل وقد تحدثت مصادر مطلعة في الحكومة العراقية عن أن الخطط قد تضمنت مشاركة قوات الحشد كرأس حربة في الدخول الى الرمادي.
الا ان هذا الكلام يتناقض مع ما يحصل على الارض في الفلوجة والعصي التي يضعها الامريكيون امام استكمال تحرير المدينة، مما يشير الى أن التصريحات الامريكية ليست اكثر من فقاعات اعلامية لها اهدافها الخاصة، اما الاداء على ارض الواقع فلا زال هو هو فليس من باب الصدفة عدم استهداف العرض العسكري لداعش الذي اقيم على مقربة من مقر قيادة الجيش الامريكي المتواجد غرب العراق. مما يؤكد أن امريكا ليست جدية في قتالها داعش بقدر جديتها تنفيذ استراتيجيتها الخاصة والتي قد يكون أهمها عراقيا تقسيم العراق الى فدراليات طائفية، وتبقى الايام والاشهر المقبلة هي الكفيلة بتوضيح الصورة كاملة مع الامل بأن يتمكن العراق من ادارة أزمته بما يحقق المصلحة العليا لهذا البلد وليس مصالح امريكا والاستكبار.