الوقت- يبدو أن الامتحان الذي يخوضه المبعوث الأممي إلى اليمن لم ينتهِ بعد، فبعيد إخفاق مؤتمر جنيف وعودة وفد العدوان دون حضور وفد صنعاء الذي حالت التعسفات السعودية دون مغادرته صنعاء، سارع "غريفيث" إلى لقاء رئيس وأعضاء الوفد الوطني في مسقط ونقل لهم حصيلة المشاورات التي أجراها مع وفد المرتزقة في جنيف سعياً منه لإتمام العملية السياسية التي يقودها لحلحلة الصراع الذي يعصف بالبلد منذ السادس والعشرين من أيار مارس 2015م، هذه المشاورات الهامشية قادت المبعوث الأممي إلى زيارة العاصمة اليمنية صنعاء حيث التقى السيد عبدالملك الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط ورئيسي الحكومة والنواب وعدد من الوزراء في حكومة الإنقاذ اليمنية.
يسعى السيد "مارتن غريفيث" إلى انعاش هذه المشاورات لبناء الثقة كخطوة أولية تتبعها عدة لقاءات بين مباشرة أو غير مباشرة حسب ما تتطلبه الظروف بناء على النتائج الأولية التي ستثمر عنها المشاورات الحالية التي ينفذها عن بعد مع كل الأطراف هنا وهناك رغم كل التحديات والإرهاصات التي يفتعلها العدوان عياناً بياناً لإجهاض أي عملية سياسية تنتشل اليمنيين من الوضع الإنساني والاقتصادي الكارثي الذي يمهّد حسب تقارير منظمات عالمية لمجاعة هي الأكبر والأخطر في هذا الكوكب الكروي.
يفرط تحالف العدوان في ارتكاب المجازر اليومية بحق المدنيين بموازاة لقاءات المبعوث الأممي للقيادة السياسية في صنعاء في رسالة تحدٍ واضحة لمهامه، وتثبيط عالٍ لمساعيه، وقبل ذلك إظهار دوره بالضعيف والهزيل الذي يستحيل نجاحه بعيداً عن إملاءات العدوان ورغباته، وهو ما يكشف بجلاء عدم جديّة الرياض وأبوظبي في مزاعمها التي تتظاهر فيها بأنها تنشد السلام وتسعى لرفع الظلم والمعاناة عن اليمنيين، وإلى جانب تحشيدها العسكري الفاشل والزحف باتجاه مدينة الحديدة الساحلية وقصفها مخازن الغذاء العالمي فيها، تواصل سقوطها الإنساني والأخلاقي المريع وإظهار وجهها العدواني القبيح في منع رحلات الجسر الجوي الطبي للمرضى اليمنيين الذي وقعته وزارة الصحة مع منظمة الصحة العالمية ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة والذي كان من المقرر أن تبدأ أول رحلاته "الثلاثاء"، ويأتي ذلك بعد أن تعهدت المنظمات الدولية بنقل المرضى الذين يعانون جراء حصار العدوان الخانق ومعظمهم من المصابين بأمراض مزمنة عبر مطار صنعاء، وذكرت وزارة الصحة أنه بعد توافد الكثير من المرضى من المحافظات البعيدة أجّلت المنظمات الدولية الرحلات الجوية بمبرر أن تحالف العدوان رفض ذلك.
إلى ذلك بعثت دولة الإمارات برسالة لمجلس الأمن الدولي فحواها أن تصعيدها العسكري الأخير على مدينة الحديدة لم يكن بالشكل المطلوب بعد خسارتها الصادمة وهزيمتها النكراء أمام استبسال اليمنيين الثابتين الذين لقنوها درساً قتالياً لم يكن في حسبانها، ومرغوا ترسانتها وعتادها في التراب، وأوضحت في رسالتها الادعاء برفض وفد صنعاء الحضور إلى جنيف متجاهلة أنها من تقف وراء تعثّر حضور الوفد، واختتمت رسالتها بتصريحها عن عزمها على حسم معركة الحديدة عسكرياً في تصعيد جديد يجري التحضير له، هذا المنطق لاقى سخرية الإنقاذ اليمنية حيث سخر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية مما تضمنته رسالة المندوبة الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، والتي تضمنت العديد من التناقضات والأكاذيب وتزييف الحقائق وبالأخص تلك المتعلقة بمسؤولية عدم تمكن الوفد الوطني للمشاورات من السفر إلى جنيف، متناسية عن قصد وفي محاولة لتضليل أعضاء مجلس الأمن حقيقة أن دولتي العدوان السعودي الإماراتي هما من عرقلتا وصول الوفد الوطني للمشاورات ولم تريدا في الأساس بدء أي مشاورات للسلام، معتبراً أن الرسالة أسقطت ورقة التوت التي كانت دولتا العدوان السعودي الإماراتي تتخفيان خلفها، وهي التحجج بأنهما جاءتا لإعادة ما يسمى بحكومة الشرعية التي لا وجود لها على أرض الواقع باستثناء وجود بعض عناصرها في شقق وفنادق عدد من دول العدوان، مضيفاً القول: " إن دولتي العدوان لم تكتفيا بإلغاء أي وجود لكيان المرتزقة الواهي داخل المحافظات اليمنية المحتلة، بل أخذهما الغرور والاستهانة بما يسمى حكومة المنتهية ولايته هادي اللاشرعية وذلك من خلال قيام إحدى دولتي العدوان بمخاطبة المجتمع الدولي بدلاً عنها وبصورة غير قانونية انتحلت فيها صفة المتحدث عن الشعب اليمني والحريص عليه وكأن أربعة أعوام من العدوان العسكري والحصار وزيادة معاناة المواطن اليمني من خلال الحرب الاقتصادية وتدمير كل سبل الحياة لم تكن كافية لدى دولتي العدوان، فأصبحتا تتباكيان عليه".
بقلم: فؤاد الجنيد