الوقت-إن الإعلام الغربي، ولا سيما البروباغندا الأمريكية القوية، تعمل على تكذيب وتشويه الحقائق كطريقة لاستهداف الدول التي تقف في وجه مصالح بلاده، وفي هذا السياق تشنّ أمريكا وحلفاؤها الغربيون الأوروبيون واحدة من أخطر الحروب ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، وهنا نرى أن الكثير من الصحفيين والسياح الغربين عندما يعودون من سفرهم من إيران إلى بلادهم يقومون بكتابة تجاربهم التي مرّوا بها خلال سفرهم على شكل تقارير تنشر في الصحف العالمية أو كتب من أجل اطلاع جمهورهم على صورة إيران الداخلية.
وفي هذا السياق، كان اندريه فلتشيك، فيلسوف وصحفي وكاتب وصانع أفلام أمريكي معروف، واحداً من هؤلاء الأشخاص الذين كتبوا تجربتهم التي عاشوها خلال سفرهم إلى إيران في تقرير نشرته مجلة "نيو استرن اوتلوك" الأمريكية جاء تحت عنوان " يا ويلتاه...لقد كذبوا عليكم كثيراً حول إيران"، حيث ستقرؤون ترجمته في السطور التالية.
طهران يمكن أن تكون واحدةً من أفضل عشر مدن على هذا الكوكب
في بداية مقاله وجّه الكاتب الأمريكي فلتشيك إلى قراءه الغربيين مجموعة من التساؤلات عن حقيقة كذب الإعلام الغربي عليهم حول كل شيء يتعلق بالعالم، حيث قال: "هل سبق لك أن وجدت كل ما سمعته عن العالم في وسائل الإعلام الغربي محض كذب وتلفيق؟" وأضاف: "أنا متأكد أنكم أخذتم بعين الاعتبار ذلك وخاصة في الآونة الأخيرة حيث ظهر جلياً للجميع جنون البروباغندا الغربية حول كل شيء في هذا العالم"، وتساءل الكاتب مرة أخرى قائلاً: "هل يتم غسل أدمغتكم؟ إذا كنت تعيش في أوروبا أو أمريكا الشمالية، كم من الأكاذيب السامة حول كوبا وفنزويلا، وروسيا، والصين، وكوريا الشمالية وحتى إيران قد سمعتم؟ إذا كنت تستطيع رؤية الحقيقة، إذا كنت تستطيع مواجهة الواقع، على الرغم من كل غسيل الدماغ، هل ستستمر في تصديق كذب وادعاءات البروباغندا الغربية؟".
ثم يشرح المؤلف تجربته في السفر إلى عاصمة إيران، حيث يقول" لقد عدت للتو من طهران، وهي مدينة ذات تاريخ وثقافة عريقتين، مليئة بالمتاحف والمسارح والحدائق العامة التي يتم الاهتمام بها بشكل جيد وتنتشر فيها المنحوتات الفنية الحديثة، وتعتبر طهران مدينة ذات مواصلات عامة حديثة، ذات تكلفة منخفضة وكيفية عالية، تتكون من مترو أنفاق عالي التقنية، وخطوط حافلات صديقة للبيئة، بالإضافة إلى القطارات الحضارية، طهران هي مدينة من الأشجار الجميلة والميادين الهادئة، المقاهي الفاخرة، والأشخاص المتعلمين والكرماء والمضيافين، كان من الممكن أن تكون بسهولة واحدة من أهم عشر مدن على كوكب الأرض، إلا أن الظروف شاءت أن تكون عاصمة دولة يحاول الغرب تدميرها بفرض عقوبات اقتصادية عليها، ومن ثم، فمن يدري، سيدمّرها عبر غزو عسكري".
ثم يقارن فلتشيك هذه الصورة مع صورة أخرى منتشرة في وسائل الإعلام الغربية حول إيران ويتساءل مرة جديدة: "ماذا يعرف معظم الغربيين عن إيران؟ ماذا قالوا لهم؟ أعتقد أن الصورة التي تريد وسائل الإعلام الغربية نشرها حول إيران أنها دولة إسلامية شيعية متطرفة شبيهة بالسعودية أو أسوأ من ذلك بكثير".
ويرفض المؤلف، هذه المقارنة ومن أجل إسقاطها قام بعرض تجربته على القراء حيث قال: "أولئك الذين يعرفون جدة وطهران يضحكون من هذه المقارنة، كما أن السعودية والبحرين وعلى الرغم من الثروة التي يمتلكونها بسبب النفط، هما من أكثر المجتمعات وحشية على هذا الكوكب".
ثم يذهب إلى مخاطبة وسائل الإعلام الغربية قائلاً لها: "إن إيران هي في الأساس دولة اشتراكية، أممية، وتتضامن مع العديد من الدول المضطهدة على كوكبنا، لا، أنا لا أتحدث فقط عن سوريا واليمن وفلسطين، بل أعني كوبا وفنزويلا والعديد من الدول الأخرى، هل تفاجأتم، يحق لكم ذلك لأن الإعلام الغربي لا يسمح لكم بأن تعرفوا ذلك!".
بدلاً من المال، أعطي محفظتي لسائقي سيارات الأجرة
ويشرح الكاتب الأمريكي فيما تبقّى من مقاله عن تجربته التي عاشها خلال سفره إلى طهران، حيث يقول: "على الرغم من العقوبات الفظيعة وغير العادلة التي فرضتها واشنطن وحلفاؤها على إيران، رغم الاتفاق النووي، إلا أنها تقف منتصبة وتحاول بقدر ما تستطيع تحقيق الرفاهية الكاملة لشعبها، الذي على الرغم من المعاناة التي يعانيها، لا يسرق ولا يرغب في اللجوء إلى أي وسيلة غير قانونية لكسب المال".
كما اعترف الكاتب الأمريكي بحقيقة ملفتة حيث قال: "معظم الزوار إلى إيران لا يتكلمون حول العملة المحلية أو سعر الصرف، وأنا واحد منهم، وعندما كنت أريد أن أحاسب سائق التاكسي بالمال كنت أعطيه محفظتي كي يأخذ منها ما يريد لشدة أمانتهم وصدقهم".
وأشار الكاتب الأمريكي في تقريره إلى جوانب أخرى من الحياة في المجتمع الإيراني، حيث يقول: "لقد قالوا لكم "إن إيران مذهبية"، أنا متأكد من أنهم قالوا ذلك، ومع ذلك، فإنها على عكس السعودية أو إندونيسيا، تحترم الأديان الأخرى ففيها الكنائس والمعابد ولا أحد يتدخل بدين الآخر".
التفسير التقليدي والاشتراكي والقومي للدين في إيران
وأكد الكاتب الأمريكي في تقريره أنه " رغم انتهاكات حقوق الإنسان في إندونيسيا والسعودية، إلا أن الغرب لا يفرض عقوبات على جاكرتا والرياض ولا يعلن العداء لهما، وعلى عكس إندونيسيا، فإن إيران التي تعتمد الدين التقليدي المسالم الذي تعمل الدول الغربية على تشويهه في أجزاء كثيرة من العالم، حيث تفسر إيران الدين بالاشتراكية، الرحمة، المعنوية، ونعم، بالدولي".
تدمير إيران مستحيل
وفي ختام تقريره قال فلتشيك: إن" إيران مجروحة وتعاني، لكنها قوية، هنا ربما لا يتفق الجميع مع سياسات الحكومة الاقتصادية (على الرغم من أن معظم الإيرانيين يدعمون حكومتهم)، لكنهم مصممون جميعاً على الدفاع عن بلدهم في حال وقوع هجوم عسكري أو أي هجوم آخر".