الوقت- بعدما أيقن العالم بأجمعه أن برنامج إيران النووي هو برنامج سلمي للاغراض المدنية، وإعترفت الدول العظمی أن إيران لم تكن في يوم من الأيام تبحث عن النشاطات العسكرية من خلال برنامجها النووي، بات العالم يسأل متی يفكك الكيان الإسرائيلي ترسانته النووية ؟ ومتی تقوم المنظمات الدولية بمهامها لإجبار تل أبيب علی إخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي ؟
منذ عدة عقود تمكن الكيان الإسرائيلي وبمساعدة الدول الغربية خاصة فرنسا، الحصول علی التقنية النووية العسكرية وبعد ذلك قام هذا الكيان بتوسيع ترسانته من السلاح النووي حتی بات يمتلك الیوم، ما بين 200 الی 400 رأس نووي جاهزة لتدمير منطقة الشرق الأوسط. حيث لازال الكيان الإسرائيلي يستمر بتطوير وتكديس ترسانته النووية في ظل مطالبة دول هذه المنطقة بإخلائها من جميع أشكال سلاح الدمار الشامل.
وفي شهر أبريل من العام الجاري نشرت جامعة جورج واشنطن وثائق جديدة حول برنامج الكيان الإسرائيلي النووي الذي ظل خفيا حتی بالنسبة لواشنطن، أوضحت من خلالها كيف إدعی الإسرائيليون في البداية أن مفاعل ديمونة النووي هو مصنع للغزل والنسيج، وأخفوا من خلال هذه الأكاذيب أنشطتهم النووية لفترة طويلة حتی عن حلفائهم الأمريكيين.
وكالة الطاقة الذرية الدولية باعتبارها المسؤولة عن مكافحة إنتشار السلاح النووي في العالم، سمحت للكيان الإسرائيلي خلال العقود الماضیة بالقیام بمليء ترسانته من الرؤوس النووية، دون ممارسة اي ضغوط علیه للإنضمام الی «معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية» (NPT ). كما أن النرويج التي باعت "الماء الثقيل" للكيان الإسرائيلي لإستخدامه في منشآته النووية، وكذلك فرنسا من خلال مساعدتها للإسرائیلیین في الحصول علی التقنیة النوویة، لعبتا دورا أساسياً في أن تصبح تل أبیب قوة نوویة.
وفي حال بقيت الترسانة النووية الإسرائيلية علی حالها، فان هذا سیکون تهدیدا خطیرا علی أمن العالم، ومن الوارد أن تكون هذه القضية عاملا لإنجرار بعض الدول العربية التي تعتبر الترسانة النووية الإسرائيلية خطرا علی أمنها القومي نحو السلاح النووي، خاصة أن «جامعة الدول العربية دعت الدول العظمی إلى فتح ملف الكيان الإسرائيلي النووي وإخضاعه للتفتيش الدولي.
الكيان الإسرائيلي كان يروج أن سوريا وإيران تعتبران الخطر الرئيسي الذي يهدد أمن المنطقة، حيث أن الیوم وبعدما فككت سوريا ترسانتها من الأسلحة الكيميائية، وكذلك بعد توقيع إيران علی الإتفاق النووي مع مجموعة دول "5+1" يوم أمس الثلاثاء، بات واضحا أنه من الیوم فصاعدا لا أحد يهدد أمن الشرق الأوسط سوی الكيان الإسرائيلي الذي يمتلك أسلحة الدمار الشامل. لذا من المفترض أن تكون دعوة شعوب المنطقة لمواجهة الخطر الإسرائيلي، تستحق الإجابة من قبل وکالة الطاقة الدولية والقوی العظمی.
وفي هذا السياق يتساءل العالم عن سبب عدم موافقة الكيان الإسرائيلي علی الانضمام الی معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وعن أسباب عدم ممارسة أية ضغوط علیه من قبل المجتمع الدولي الذي ينادي بضرورة إخلاء العالم بأسره من السلاح النووي. وإن كانت وكالة الطاقة النووية الدولية قبل وصول إيران الی إتفاق مع المجموعة السداسية حول برنامجها النووي، غضت النظر عن جميع أنشطة الكيان الإسرائيلي النووية، بذرائع واهية، فمن غير المقبول أن تستمر وكالة الطاقة بهذه السياسة بعد الیوم، لأن ذلك سيجعل العالم أمام کارثة نووية لا مثيل لها.
الجميع يتذكر كيف إستخدمت تل أبيب العام الماضي وخلال حربها علی غزة، السلاح النووي ضد الاطفال والنساء من خلال إستخدام القنابل التي تحتوي علی الیورانيوم حيث تقول وزارة الصحة الفلسطينية حول هذه الإنتهاكات من قبل الکيان الإسرائيلي: «لقد استخدم العدو الإسرائیلي في حربه على غزة الیورانيوم والذي يعد من الأسلحة المحرمة دوليا ومن المواد المشعة المؤدية لمرض السرطان، التشوهات الخلقية، العقم، التخلف العقلي والإعاقات».
وفي النهایة بات من الواضح أن العالم سوف لن یصمت إزاء صمت وکالة الطاقة الدولیة تجاه تکدیس الأسلحة النوویة من قبل الکیان الإسرائیلي في الشرق الأوسط، والتي باتت مصدر خطر للتشعشع النووي وأمراض السرطان في المنطقة، فضلا عن إستخدامها للأغراض العسکریة، فلذا یجب الضغط علی تل أبیب لفتح منشآتها النوویة أمام المفتشین الدولیین وتفكیك ترسانتها النوویة من قبل وکالة الطاقة النوویة قبل فوات الأوان.