الوقت- خضع الرئيس الإيراني حسن روحاني للمساءلة في مجلس الشوى الإسلامي بعد توقيع 82 نائباً على قرار المساءلة المقدّم إلى رئاسة المجلس، لتمثل أعلى شخصية سياسيّة في البلاد أمام ممثلي الشعب.
وبعد استكمال الإجراءات القانونية لمساءلة الرئيس الإيراني حسن وحاني عبر توقيع 82 نائباً ( 80 نائباً هو الرقم المطلوب لمساءلة الرئيس) على القرار، وفي اطار المادة الـ 88 من الدستور التي تشير إلى حق ربع أعضاء المجلس على الاقل أن يطرحوا أسئلة على رئيس الجمهورية بشأن واجباته، حضر الرئيس روحاني إلى مجلس الشورى الإسلامي ليستمع إلى الأسئلة التي طرحها النواب خلال ثلاثين دقيقة عليه، ليرد عليها الأخير بمدة أقصاها ساعة واحدة.
الأسئلة التي وجهها العديد من النواب على مختلف انتماءاتهم المناطقية والسياسية شملت العديد من المحاور السياسية والاقتصادية، الأسئلة تركّزت حول 5 نقاط أساسية وتمحورت حول: عدم النجاح بالتحكم بتهريب السلع والعملات الأجنبية، استمرار العقوبات على التعاملات المصرفية خلال فترة تطبيق الاتفاق النووي، وعدم اتخاذ الحكومة الإجراءات المناسبة لخفض معدل البطالة، والركود الاقتصادي الذي استمر عدة سنوات، وارتفاع سعر العملة الصعبة وانخفاض سعر العملة الوطنية.
بعيداً عن تفاصيل المساءلة القانونية، والتي لم يقتنع النواب بنتيجة بعض أسئلتها ليحال ملف الأسئلة المتبقية إلى القضاء الإيراني ( اقتنع النواب بالمحور المتعلق بالاتفاق النووي في حين أنهم لم يقتنعوا بالمحاور الأربعة المتبقية)، وفق القانون، يحمل حضور الرئيس روحاني في مجلس الشورى الإسلامي جملة من الرسائل والدلالات، أبرزها:
أولاً: كرسّت الجمهورية الإسلامية الإيرانية شرعيّة مجدّدة ومتانة ديموقراطيّة، لاسيّما أنها من أكثر الدول التي تشهد مشاركة في الانتخابات على مستوى العالم، في إيران الجميع تحت سقف القانون، ولا حصانة للمقصرين فضلاً عن المفسدين، في الحقيقة إن الأسئلة والإجابات التي قدّمها الرئيس روحاني، بصرف النظر عن نتائجها، عززت ديموقراطية هذا النظام الإسلامي، وأثبتت للجميع زيف الاتهامات التي يتلقاها النظام الإيراني من وسائل الإعلام العربية والغربية. ومن راقب بعض وسائل الإعلام العربية والغربية التي تكنّ العداء لطهران لمس انفجار أساريرها في الخطوط الخبرية التي عرضتها، بينما الواقع والمنطق يؤكد أن ما حصل نقطة تحسب للنظام الإيراني قبل أن تكون عليه، لا بل إن الإجابة على أسئلة الشعب تعدّ إنجازاً سياسياً كبيراً للشعب الإيراني.
ثانياً: الجمهورية الإسلامية الإيرانية دولة مؤسسات، وبالتالي في حال بروز أي خلل لدى أحد السلطات، تمارس السلطات الأخرى دورها الرقابي في معالجة هذا الخلل وفق الأطر القانونية. ما حصل في البرلمان الإيراني خطوة تهدف لمعالجة المستجدات بعيداً عن المناكفات السياسية، وهذا ما أوضحه الرئيس روحاني مؤكداً انه مخطئ من يعتقد أن "جلسة اليوم" هي نتيجة شرخ بين الحكومة والمجلس، كان بإمكان النواب طرح الأسئلة في جلسة مغلقة، إلا أن تساؤلات الشعب لا يتم الإجابة عليها في هذه الحالة، لذلك فإن المساءلة العلنية، إن دلت على شيء إنما تدل على احترام السلطات الإيرانية لحق الشعب في الحصول على الإجابات كما هي، والتي قد يقتنع بها البعض في حين أنها لا تقنع البعض الآخر، وبالتالي فإن الشعب هو صانع القرار.
ثالثاً: المساءلة في إيران هي حق للرئيس قبل أن تكون عليه، وفرصة جيدة لإيضاح الحقائق، كما قال روحاني، فقد نجح الرئيس روحاني في تقديم أجوبة مقنعة على بعض الأسئلة التي طرحها ممثلو الشعب، ولكن لم ينجح في إقناعهم ببقية الأسئلة، نتيجة لذلك، يكون الرئيس دافع عن نفسه أمام الشائعات التي قد تطرح في الشارع أو على وسائل الإعلام حول الأسئلة التي تخطّاها، بينما لا يزال محط انتقاد وتساؤل في بقية الأسئلة.
رابعاً: ما حصل رسالة واضحة لجميع المراهنين على إسقاط النظام في إيران من متشددي الإدارة الأمريكية الحالية، فاذا أرادوا إسقاط النظام فعليهم إسقاط الشعب الإيراني أولاً، وهذا ما عجزوا عنه خلال السنوات الأربعين الماضية، وسيفشلون به كما تشير وقائع الانتخابات ونسبة المشاركة فيها، خلال الأربعين عاماً القادمة.
باختصار، إن حضور الرئيس يؤكد انسجام الشعب مع نظامه، وما حصل في إيران لا يعدّ تكريساً للنظام الديموقراطي المستمد قوته من الشعب فحسب، بل إنه بحق ملحمة ديموقراطية للنظام الإسلامي في إيران.