الوقت- بعدما فشل الکيان الإسرائيلي في هزيمة المقاومة الفلسطينية عبر طائرات الـ اف 16 ودبابات الميركافا وبوارجه الحربية وقنابله العنقودية وسجونه الرهيبة وعمليات الإغتيال التي نفذها عبر طائراته من دون طيار وغير ذلك من الوسائل المكشوفة وغير المكشوفة، وصار واضحا أمامه العجز فيما یخص القضاء علی هذه المقاومة، بات الإسرائيليون يفكرون بطرق اخری لإضعافها. وهنالك عرف الكيان الإسرائيلي أن إثارة الفتنة الطائفية والمذهبية بين المقاومة وداعميها هي الحربة الاكثر فتكا، بعد ذلك سعت تل أبيب ليل نهار وسخرت جميع طاقاتها لإشعال نيران هذه الفتنة، حيث اشعلت فتيلها واضعفت سوريا التي كانت ولازالت الخط الأول في جبهة المقاومة، لكن رغم جميع هذه المؤامرات ظل محور المقاومة مستمرا بدعمه للقضية الفلسطينية رغم الخلافات التي حدثت بداخله تجاه بعض الأطراف.
وفي هذا السياق ومن أجل معرفة اوضاع المقاومة الفلسطينية وارتباطها الحالي بحلفائها في المنطقة بعد مرور عام علی حرب غزة الاخيرة وكذلك بمناسبة هذا الیوم وهو يوم القدس العالمي (آخر جمعة من شهر رمضان المبارك)، وایضا من أجل معرفة اوضاع الأسری في سجون الكيان الإسرائيلي وقضايا اخری، مثل مهادنة الكيان الإسرائیلي من قبل المقاومة الفلسطينية وتسليح الضفة الغربية، أجری مراسل موقع «الوقت» التحليلي والإخباري حواراً مطوّلاً مع الناطق باسم لجان المقاومة في فلسطین "أبو مجاهد" حيث يأتيكم نص الحوار بالكامل:
الوقت: كيف هي حال المقاومة الفلسطينية الیوم بعد مرور عام علی حرب غزة الاخيرة؟
أبومجاهد: بعد عام علی الحرب الصهيونية التي قام بها الكيان الإسرائيلي علی شعبنا الفلسطيني نستطيع القول إن المقاومة بفضل الله ومن ثم جهود من دعم المقاومة وساندها بالمال والسلاح والعتاد، فهي الیوم حاضرة في الميدان وعلی جميع المستويات. استطاعت المقاومة الفلسطينية علی المستوی الميداني أن تعوض قدراتها وأن تعوض ما استهلكته خلال 51 يوما من الحرب وهي الآن في افضل حال مما كانت علیه ما قبل الحرب الاخيرة علی قطاع غزة. لقد حاول الإحتلال ومن خلال الحرب الاخيرة أن يكسر شوكة المقاومة ويقضي علیها عبر اسلوبين. الاسلوب الاول هو الإسلوب العسكري والطريق العسكري عبر القضاء علی المجاهدين والمقاتلين من خلال ضرب أماكنهم وضرب العتاد والمخازن ظنا منه أن ذلك سيكسر شوكة المقاومة، بالاضافة الی ذلك ضرب العمق الإستراتيجي للمقاومة عبر إرسال الفتن والدسائس من خلال إحداث وقيعة بين المقاومة وجمهورها، وبين الشعب الفلسطيني.
ولكن بالمنطق الاول لم يستطع الإحتلال ان يضرب المقاومة من خلال صواريخها التي استطاعت ان تصل الی مكان لم تفكر مخيلة الإحتلال ان تصل الیها هذه الصواريخ. بالاضافة الی الفعل الميداني الذي فاجأ الإحتلال من خلال وصول المقاتلين الی نقطة الصفر في بعض المواقع العسكرية والإتيان من خلف خطوط العدو وعبر البر والجو والبحر. حیث استطاعت المقاومة أن تلقن الإحتلال درسا لم ینساه. وكذلك علی الجانب الآخر وهو مستوی العمق الجماهيري خرجت المقاومة بعد51 يوما وخرج شعبنا الفلسطيني ليقول نحن ظهر المقاومة والمقاومة هي كرامتنا وعزتنا ولايمكن أن نساوم علیها، رغم أنهم دمرت بيوتهم وقتل اطفالهم إلاّ أنهم بفضل الله عزوجل بقوا ثابتين متمسكين بالمقاومة كخيار لإسترداد حقوقهم وكرامتهم وللدفاع عن أنفسهم.
الوقت: في العام الماضي وفي مثل هذه الأيام اكد قائد الثورة الإسلامية في إيران على ضرورة تسليح الضفة الغربية لمواجهة الكيان الإسرائيلي علی نحو ما توصل الیه قطاع غزة، كيف تسير الأمور في هذا السياق؟
أبو مجاهد: واضح تماما أن تصريحات الامام الخامنئي مرتبطة بالأساس بما يحدث في الضفة الغربية وواضح أن هنالك جهداً يبذل علی المستوی الميداني من أجل تلبية هذه الدعوة الكريمة من سماحة القائد. وهذا الأمر انعكس إيجابا علی جميع المستويات في الضفة الغربية المحتلة في كل لحظة هناك عمل ميداني وعسكري، ومدينة القدس المحتلة والمستوطنات تستهدف وبالتالی نتاج هذه الدعوة واضح تماما في ميدان المعركة. وفي غزة الیوم نستطيع القول إن ثمار هذا الدعم واضحة تماما فيما وصلت الیه المقاومة من قدرات وفيما طورت من إمكانيات وفيما اعدت من مجاهدين ليوم اللقاء وفي الیوم الذي تفرض فيه المعركة. هذا الدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي لم يتوقف هو من عمق الواجب والالتزام تجاه قضية فلسطين وأن هذه القضية هي القضية المركزية للأمة فلإيران وقیادتها كل التقدير والثناء علی ما قدموه ويقدمونه للقضية الفلسطينية علی جميع المستويات السياسية والميدانية والمالیة والعسكرية.
الوقت: الیوم هو يوم القدس العالمي الذي نادی به الامام الخميني (رض) نصرة للشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسیحیة في فلسطين خاصة في القدس، كيف تنظرون الی هذه الدعوة؟
هذا الیوم يمثل يوما لإستنهاض الهمم علی مستوی أن المسلمين يجب أن تكون قبلتهم وبوصلتهم نحو مسری رسول الله عليه الصلاة والسلام والذي يعتبر ثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين واولی القبلتين (المسجد الاقصی) الذي يئن من ظلم وجور الإحتلال، بسبب ما يقوم به الإحتلال من أجل تغيير الواقع الديمغرافي فيه وفي المدينة المقدسة بأكملها. هذا الإلتزام لم نشاهده من أحد وشاهدناه ولمسناه من الإمام الخميني (رض) وهذا الیوم لنا بالنسبة كفلسطينيين هو يوم حافل ويوم لإرساء وتوضيح وتوجيه البوصلة نحو القدس ونحو قضية فلسطين ومركزية الصراع مع الإحتلال. لم نشاهد أحداً يركز علی قضية فلسطين وقضية القدس وينادي بأن يكون هناك يوم لهذه المدينة المقدسة وتذكیر الأمة بأن هناك قدساً مغتصبة لابد من نصرتها. لكن هناك من يقوم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والإخوة في حزب الله والمقاومة الإسلامية وكل الشرفاء والاحرار في هذا العالم الذين يناصرون القضية الفلسطينية. لكن هنالك فرق كبیر بين من يناصر القضية الفلسطينية من منطلق ما تتعرض له من ظلم وجور، وبين من يناصر القضية الفلسطينية من منطلق عقائدي متين صلب مبني علی أساس أن القدس والمدينة المقدسة آية من كتاب الله عزوجل ولايمكن أن نتنصل من مسؤولياتنا تجاهها.
الوقت: ماذا عن الحديث الذي يدور في هذه الأيام حول أن بعض فصائل المقاومة تريد التوقيع علی هدنة طويلة الأمد مع الکيان الإسرائيلي، هل يوجد حقا مثل هذه الأفكار وهل أن المقاومة مستعدة أن تهادن الكيان الإسرائيلي أم أن هذا الكلام يأتي في إطار الشائعات؟
أبومجاهد: حديث كثير یدور من قبل الإعلام يسوده نوع من أنواع المبالغة عما يجري من مفاوضات بين المقاومة وبين حماس وبين الإحتلال وبالنسبة لهذا الأمر أكد لنا الإخوة في حماس في اكثر من مرة أنه أمر عارٍ عن الصحة. بالنسبة لنا في لجان المقاومة كجزء من المقاومة في قطاع غزة نحن لن نقبل بأي هدنة طويلة الأمد تكون بمثابة التفاف علی المقاومة. لن نقبل بأي هدنة لا یكون أساسها رفع الحصار بشكل كامل ووقف كافة أشكال العدوان وفتح المعابر وإعادة الإعمار، وما لم يكن هناك أساس علی موضوع الهدنة فإن ذلك سينعكس باتجاه سلبي فيما يتعلق بجانب ان المقاومة لايمكن ان توافق علی أي شرط ينتقص من شروطها، هذا من جانب. ومن جانب آخر إن الإحتلال مكتوب ومشهود له بانه ينكص العهود وبالنسبة لهذا الأمر نحن حقيقة من حكم أننا علی أرض فلسطين نعرف أن هذا الأمر لم يتم لاننا أمام عدو ماكر هذا العدو ينفذ أجندة وهذه الأجندة لايمكن أن توصل الی هدنة. الصراع مع الإحتلال ممتد وطالما أن هناك شبراً من أرض فلسطين محتل فلايمكن لبندقيتنا أن تنحرف في أي إتجاه من الإتجاهات او أن نساوم علیها تحت أي ظرف من الظروف.
الوقت: ما هي اوضاع الأسری في سجون الكيان الإسرائيلي؟
أبو مجاهد: وضعهم هو وضع مزرٍ وسيء جدا لكن انتصار هولاء الأسری وإنتصار الشيخ خضر عدنان واضح جليا في أن الإرادة الصلبة والعزيمة الكبيرة التي فرضها الشيخ عدنان، تمخض عنها نصر بفضل الله عزوجل. وما هي إلاّ أيام قليلة تفصلنا عن الافراج عن هذا الرجل الذي صمد وصبر طوال أكثر من 50 يوما عبر الإضراب عن الطعام والشراب وعن المقويات ايضا، التي تساعده علی الإستمرار بالإضراب لكنه رفض أن يأخذها وبالتالي هذا عنوان واضح ان إرادة الفلسطيني تستطيع أن تكسر قانون الجرم والظلم الواقع علی اسرانا من قبل الإحتلال. إن موضوع الأسری نعتبره موضوعاً مركزيا بالنسبة لنا كمقاومة فلسطينية، ونحن جزء من صفقة وفاء الأحرار التي تمت قبل حوالي أربعة سنوات، ومن الآن نستطيع أن نقول بان الطريق الوحيد لإستعادة هؤلاء الأسری هي إستراتيجية أسر الجنود وهذه هي الطريقة التي يفهمها الإحتلال الإسرائيلي. والمقاومة مستمرة في هذا الطريق حتی تحرير آخر أسير فلسطيني من داخل سجون الإحتلال. وأخيرا نؤكد أننا والشعب الفلسطيني الذي يئن من جور الإحتلال، سنظل اوفياءا لكل من يدعم المقاومة الفلسطينية والمسجد الاقصی المبارك وأسرانا في سجون الإحتلال.