الوقت- من البديهي جداً أن يسعى كيان الاحتلال إلى تلميع صورته أمام الرأي العام العالمي وخاصةً القسم الأوروبي منه، ولكن قناع "المظلومية" الذي ترتديه "إسرائيل" سقط مراراً وعادت وارتدته ليسقط مجدداً، وأجزم لكم بأنه سيأتي يوم تعجز "إسرائيل" عن ارتدائه مجدداً لأن حجم العنصرية والتطرّف القومي فضلاً عن محاربة حرية التعبير تفوح من أركان المؤسسات الإسرائيلية وتصل إلى أركان المؤسسات الأوروبية لكن الأخيرة ترتدي "كمامات" علّها تقيها آثار هذه الرائحة النتنة، فهل شعب أوروبا كذلك؟!.
يمكننا القول إنّه بالرغم من الدور الذي يلعبه اللوبي الصهيوني في تلميع صورة الكيان الإسرائيلي، ورغم السيطرة شبه المطلقة على أبرز وسائل الإعلام العالميّة إلّا أنّ الكيان الإسرائيلي لم يستطع التغطية والتعميّة على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
لا يزال الكيان الإسرائيلي يستخدم شماعة "المحرقة ومعاداة الساميّة" كسلاح بوجه كل من ينتقده، ورغم أن الكيان الإسرائيلي قد نجح في إسكات الكثيرين عبر هذا السلاح الحاد على المدى القريب، إلّا أّن الأسلوب انعكس بصورة ناعمة معاكسة كرّست الصورة الحقيقة للكيان الإسرائيلي ليس في أذهان ونفوس المثقفين والأكاديميين الغربيين فحسب، بل حتى أتباع الديانة اليهوديّة.
وربما يعود ذلك لعشرات الأسباب، أبرزها استمرار الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وارتكاب انتهاكات لا يقبلها العقل البشري بحق أطفال فلسطين كحرق الطفل الرضيع "علي دوابشه" حيّاً، وغيرها من الجرائم البشعة التي تفقد أمريكا واللوبي قدراته الناعمة في نقل صورة مغايرة للواقع الذي يحصل في الشرق الأوسط.
رأي الأكاديميين الغربيين بما يجري في فلسطين
استفاد الكيان الإسرائيلي من ابتعاد الغربيين عن السياسية بشكل عام والأمريكيين على وجه الخصوص للتظاهر بالمظلومية، وبما أن الإعلام جلّه بأيديهم فلا ريب من خلق بروباغندا تساعد في حرف الحقائق وخلق الأكاذيب وتشويه صورة العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً، ونجحت هذه البروباغندا بدعم من اللوبيات الصهيونية في تحسين صورة الصهاينة في الغرب، لكن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي خلال العقد الأخير أحرجت "إسرائيل" في كثير من المواقف؛ نحن نتحدث هنا عن مقاطع مصوّرة يتم نشرها خلال دقائق معدودة من أرض الحدث لا يمكن للصهاينة الالتفاف عليها سريعاً، لذلك بدأ الرأي العام العالمي يرى جانباً آخر للإسرائيليين غير الذي تم تسويقه، ومن هنا أصبحت الحركات الرافضة للانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين تنتشر بشكل كبير، وبدأ الرأي العام الغربي يأخذ منحى أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين.
أمثلة
يوم أمس قالت صحيفة "معاريف" العبرية، إن أغلب الفرنسيين يرون في الحركة الصهيونية مؤامرة يهودية، وجاء في الاستطلاع الذي أجرته منظمة "الطلاب اليهود في فرنسا" أن المواطنين الفرنسيين يؤمنون بأن الحركة الصهيونية هي منظمة دولية؛ هدفها التأثير على المجتمع الدولي وصبغه بالطابع اليهودي، وهو الاستطلاع الذي اشترك فيه ما يزيد عن 1700 فرنسي، يؤمن 11 % منهم بأن الصهيونية ذات أيديولوجية عنصرية.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن 26% ممن أجري عليهم الاستطلاع يؤيدون فرض المقاطعة الدولية على "إسرائيل"، وأن هذه المقاطعة حقيقية في كونها مؤثرة على تل أبيب، وأكثر من 38% يرون أن "إسرائيل" أُنشئت على فكرة معاداة السامية، و57% يعتقدون أن "إسرائيل" تمثل تهديداً حقيقياً في منطقة الشرق الأوسط، والكثيرون لا يرونها دولة ديمقراطية أو دولة علمانية، في وقت أكد أكثر من 59% ممن أجري عليهم الاستطلاع بأنهم يرون الحركة الصهيونية حركة لتحرير الشعب اليهودي.
سبق هذا الاستطلاع الكثير من حملات المقاطعة الغربية لكيان الاحتلال من قبل أكاديميين غربيين أظهروا تعاطفهم مع الأكاديميين الفلسطينيين الذين تم اغتيالهم أو أولئك الذين يتم اعتقالهم من قبل سلطات الاحتلال دون ذنب ارتكبوه أو خطأ اقترفوه، فقط لكونهم فلسطينيين، وهذا بديهي بالنسبة لكيان يسير مسرعاً نحو الفاشية في ظل التطرف والعنصرية المتنامية في كيان الاحتلال ومن قبل قادته والتي تظهر بشكل جليّ في خطاباتهم العنصرية.
منذ عدة سنوات عبّرت مؤسسة حقوقية أوروبية عن قلقها البالغ، من استهداف الأكاديميين والكفاءات العلمية الفلسطينية بالاعتقال، على يد السلطات الصهيونية، وأورد التقرير حينها أنه "بناء على المسح الميداني، تبيَّن أن السلطات الإسرائيلية تعتقل اليوم 41 محاضراً وأكاديمياً فلسطينياً، أغلبيتهم معتقلون إداريون.
معاقبة كل من ينتقد الصهاينة
لا شكّ بأن الغرب وعلى رأسه بريطانيا وأمريكا "حكومات هاتين الدولتين" تقدمان دعماً لا محدود لكيان الاحتلال وكل من يدعمه أما المعارضون لهذا الكيان فيتم معاقبتهم، وقد حدث ذلك مراراً وتكرراً من قبل الحكومات الغربية، فعلى سبيل المثال:
وقّع خبراء قانونيون وأكاديميون من بريطانيا و14 دولة أوروبية، رسالة مفتوحة إلى حكومات بلدانهم يحذرون فيها من التضييق على الحركة العالمية لمقاطعة "إسرائيل" (بي.دي.أس)، جاء فيها إن "مقاطعة الشركات الإسرائيلية والبضائع التي تصنع بالأراضي الفلسطينية المحتلة "ممارسة شرعية لحرية التعبير"، وأضافت الرسالة إن "فرنسا وبريطانيا وكندا وبعض الولايات الأمريكية اعتمدت قوانين وقرارات تنفيذية لقمع حركات المقاطعة، وفي بعض الأحيان تجريم دعم هذه الحركات".
هذه التصرفات التي يمارسها الغرب بحق كل من ينتقد "إسرائيل"، تحمل في طياتها قمعاً لحرية التعبير، وتوجيه اتهامات باطلة بحق الحركات التي تنتقد كيان الاحتلال مثل معاداة السامية وغيرها، كل هذا لم يسكت صوت الحق بل على العكس أفرز حالة من السخط لدى شريحة أوروبية واسعة.