الوقت- انتهجت الإمارات سابقاً سياسة تعتمد "الظل أو الخفاء" منهجاً لها، حيث كانت أبو ظبي تمارس سياستها لعقود طويلة خارج دائرة الضوء الإعلامية وتمكنت هذه الدولة من النجاح إلى حدّ بعيد في هذه السياسة، خاصة فيما يتعلق بموضوع السيطرة على أهم موانئ العالم، لكن الزمن تغيّر الآن بسبب الحسابات الخاطئة لقادة الإمارات والمغامرات غير المحسوبة التي مارسوها في كل من جيبوتي، ليبيا، الصومال واليمن مروراً بمعادتها لجارتها قطر وصولاً إلى طرد مواطنين كويتيين من أراضيها.
طرد المواطنين الكويتيين مسألة قديمة جديدة بدأت خيوطها تظهر للعلن في مطلع العام 2014، حيث تم طرد 8 طلاب كويتيين من الجامعات الإماراتية بسبب انتمائهم السياسي، وتم نفي هذا الخبر حينها من قبل جامعتي الشارقة وعجمان علماً أن وكالة أنباء الإمارات هي من بثت هذا الخبر في ذلك الوقت، وعزت ذلك إلى أن الطلبة خالفوا القوانين والأنظمة الداخلية للجامعتين وشكلّوا اتحاداً طلابياً دون تصريح من إدارتي الجامعتين وكذلك جمع تبرعات وعقد تجمعات غير مشروعة في السكن الجامعي وهو ما يشكّل مخالفة لقوانين دولة الإمارات.
في منتصف الشهر الفائت تكرّر الأمر ذاته عندما منعت السلطات الإماراتية 25 طالباً كويتياً من مواصلة الدراسة في جامعات عجمان والشارقة ودبي، إذ جرى ترحيلهم إلى بلدهم دون الحصول على أي تعويضات مادية أو أدبية، ولم يقتصر الأمر على هذا فقط، بل منعت الإمارات دخول عدد لا يستهان به من الطلبة والأساتذة الجامعيين، فهناك "50 أكاديمياً" ومواطنين كويتيين جميعهم منعوا من دخول أراضيها بحجة انتماءاتهم السياسية والنقابية وموقفهم من قطر أو من الأزمة في سوريا وغيرها من الحجج الغريبة التي لا تتناسب مع دولة تضمّ جميع جنسيات العالم وتدّعي الانفتاح والحريات الدينية والسياسية.
كيف تعمد الإمارات إلى ترهيب الطلبة قبل طردهم
طالبت السلطات الإمارتية الطالب الكويتي في جامعة الشارقة عبدالعزيز العجمي بحزم حقائبه ومغادرة البلاد في غضون 24 ساعة، بحسب تقرير أعدته "العربي الجديد"، وقال العجمي "طلبت منهم معرفة السبب القانوني لإبعادي من البلاد وفصلي من الجامعة، لكنهم نصحوني بعدم البحث عنه، لأن المنع جاء بأوامر أمنية عليا، حسب قولهم"، وهدد الأمن الإماراتي العجمي بإحالته إلى محكمة أمن الدولة بتهمة الإرهاب، بحسب الصحيفة.
وذكرت أحد المصادر الخاصة كيف يتم إبعاد المواطنين، حيث قالت المصادر يتم ذلك عبر اتصال هاتفي من إدارة أمن الدولة في أبوظبي للشخص المراد إبعاده، يطلب منه مراجعة إدارة أمن الدولة فور تلقيه الاتصال، ومن ثم يطلب منه مغادرة البلاد فوراً، خلال مدة أقصاها أسبوع، إلا أنّ هناك بعض الحالات التي يتم وضعها رهن الاعتقال مدة من الزمن ومن ثم يتم ترحيلها من المعتقل مباشرة إلى المطار، وأوضح المصدر أن "قرارات الإبعاد في معظمها تتم تحت بند (مخالفة القرارات)، من دون أي توضيح للقرارات التي تمت مخالفتها، أو تعليل السبب".
ما هو موقف الكويت من هذا الطرد التعسفي لمواطنيها
المعروف عن الكويت أنها تلزم الحياد فيما يخصّ القرارات السياسية تجاه أزمات المنطقة، وقد شهدنا ذلك في "أزمة قطر" حيث التزمت الحياد في هذه القضية، وها هي الإمارات تجعل الكويت تدفع الثمن عن طريق طرد أبنائها من أراضيها، فهل من المعقول أن تلزم الحياد تجاه هذا الموضوع الحساس؟!
الحقيقة نعم تلزم الحياد بل أكثر من ذلك تعاقب طلبتها المطرودين من الإمارات عن طريق منعهم الالتحاق بجامعاتهم الوطنية عبر رفضها لمعادلة المواد التي درسوها في الإمارات وإكمال دراستهم في كلياتها المناظرة لتخصصاتهم، بحجة أن جامعات الإمارات غير معترف بها في الكويت، وقد أوضح هذا الكلام الدكتور عادل مال الله، عميد القبول والتسجيل في جامعة الكويت، بأن "قانون الجامعة واضح وصريح، فإذا كنت قد أتيت من جامعة لا تعترف بها الكويت أكاديمياً، فإننا لن نقوم بمعادلة المواد، وسبب عدم الاعتراف بهذه الجامعات هو أكاديمي بحت ولا علاقة له بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد".
هذا عن الطلبة ولكن ماذا عن المواطنين العاديين الذين تتم إهانتهم من قبل دولة شقيقة وطردهم من أراضيها لاعتبارات غير منطقية تتعلق بتغريدة من هنا وموقف من هناك، وكأنك تعيش في نظام أمني وبوليسي.
الغريب أنه رغم كثرة الشواهد على عملية الطرد التعسفي هناك محاولات كويتية لتجاهل الموضوع أو حتى نفيه إذا لزم الأمر، فهل وصل الضعف والترهل الكويتي في سياسة الوسطية إلى تجاهل الهجمات التي يتعرّض لها الكويتيون في مجلس التعاون؟؟؟، وهل بات الكويتيون مواطني "درجة ثانية" في الإمارات؟!.
الخلاصة؛ بشكل عام إن سياسة الترحيل باتت مستخدمة بكثرة في مجلس التعاون الخليجي سواءً إلى خارج دوله (كمواطني مصر واليمن وسوريا والأردن ولبنان) أو بين دوله (كمواطني الكويت وقطر)، هذه السياسة التعسفية تخرج بشكل بارز من قبل الإمارات والسعودية اللتين تمارسان سياسة عدائية تجاه المواطنين العرب لأسباب سياسية بحتة، ويكمن إرجاع ذلك لخيبات الأمل التي تتعرضان لها نتيجة سياساتهما الرعناء في المنطقة والتي لم تعد بالنفع لا عليهما ولا على أشقائهما العرب.