الوقت- افاد تقرير صادر عن مركز ابحاث "امريكا الجديدة" يوم الاربعاء الماضي ان عدد الاشخاص الذين قتلوا في امريكا بعد هجمات 11 سبتمبر على يد العنصريين البيض والمتطرفين اليمينيين وباقي الارهابيين الداخليين غير المسلمين هو ضعف عدد الذين قتلوا على يد من كانت لهم افكار تسمى بالافكار الجهادية.
وجاء هذا التقرير في اعقاب الهجوم الدامي الذي شنه شخص ابيض على كنيسة للسود في مدينة تشارلستون في ولاية كارولينا الجنوبية وهو اكثر الهجمات دموية بعد هجمات 11 سبتمبر حيث قتل 9 رجال ونساء سود، ويشير التقرير إلى ان هناك 48 شخصا قد قتلوا بين عامي 2001 و20015 على يد "ارهابيين غير مسلمين" مقابل 26 شخصا قتلهم اشخاص كانوا يسمون انفسهم بالجهاديين.
ان مقتل 9 امريکيين من اصول افريقية على يد شخص ابيض متطرف يعتبر مؤلما لكنه يعتبر هجوما واحداً من بين عدد كبير من الهجمات الدامية التي يشنها اشخاص استحوذ الحقد عليهم بالكامل ويكرهون باقي الاجناس البشرية وهم لايحترمون اي قوانين وقواعد ويطلقون النار كيفما يشاؤون.
ومن الطبيعي ان نرى في بلد يتشدق بالحرية والديمقراطية ويتم بيع السلاح فيه للافراد كأي سلعة وبضاعة حدوث مثل هذه الهجمات الدامية من قبل افراد يعيشون تحت القصف الاعلامي الهائل الذي يبعث على الحقد والكراهية ضد الابرياء.
ولم يمض وقت کبير على مقتل عدد من الشباب السود في مدن فيرغسون ونيويورك وبالتيمور وغيرها على يد الرجال البيض في الشرطة الامريكية وتستر القضاء الامريكي على ذلك حتى جاء مقتل هؤلاء السود في الكنيسة على يد رجل ابيض ايضا فماذا يمكن تسمية هذه الحالة المتفشية في المجتمع الامريكي الا حالة الكراهية والتمييز ضد السود؟
ان التقرير الجديد لمجموعة الابحاث الامريكية الذي يثبت ان هناك عملية قتل ممنهجة ضد السود من قبل البيض يشير الى ان السياسة الحكومية الامريكية في إلصاق اية عمليات قتل وعنف على الاراضي الامريكية الى المسلمين قد ثبت خطأها لأن التقرير يظهر ان عدد الذين يقتلون على يد البيض العنصريين والمتطرفين في امريكا يفوق بأضعاف عدد الذين يقتلون على يد اشخاص لديهم دوافع ايديولوجية من وراء هذا العمل.
وفي هذا السياق يقول الباحث في جامعة "لوول ماساتشوست" جان جي هورغان الذي يجري دراسة حول موضوع الارهاب ان هناك تفهماً داخل المجتمع الامريكي بأن إلصاق تهم الارهاب الى "الجهاديين" يتم تضخيمه بشكل كبير في حين يتم تجاهل التهديدات التي يشكلها اليمينيون، كما يقول مراسل موقع "الانصاف والصحة" الامريكي "جيم نوركاس" في مقال ان الوسائل الاعلامية العملاقة في امريكا تتجنب وصف حادث الكنيسة التي قتل فيها 9 من السود بالعملية الارهابية في حين ان هذا الوصف ينطبق تماما على هذا الحادث الذي تم فيه انتهاج العنف لارعاب جماعة وجنس بشري مدني خاص.
بدوره يقول الطبيب المتقاعد والمتحدث باسم مجتمع المسلمين في مدينة بوسطن الامريكية عبدالقادر عسمل في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز انه اذا قام غير المسلمين بارتكاب جرائم فان وسائل الاعلام العملاقة تبحث مباشرة عن دوافع نفسية وراء قيام هؤلاء بارتكاب الجريمة لكنه في حال قيام اي شخص من المسلمين بارتكاب مثل هذه الاعمال فإن هذه الوسائل الاعلامية تنسب هذه الحوادث مباشرة الى الدين الاسلامي ومعتقدات المسلمين وتنعت ذلك بالارهاب.
وقد انسحبت هذه الازدواجية في المعايير على سلوك المسؤولين الامريكيين الكبار وكيفية تعاطيهم مع الاقليات المذهبية والعرقية واصبحت سياسات الحكومات الامريكية كلها على هذا المنوال ولذلك يمكن القول بأن الهجوم الدامي الذي حصل على كنيسة للسود لم يكن نابعا من كراهية وغضب فردي بل ان هذا الهجوم يدل على حالة كراهية عنصرية واستعلاء من قبل البيض على الآخرين وهذا يثبت وجود مرض عضال في المجتمع الامريكي يستهدف الاقليات الدينية والعرقية ويسلب منهم حقوقهم واذا لم يكن مرتكب المجزرة في الكنيسة ارهابيا فمن هو الارهابي إذاً؟