الوقت- تُعدّ جمهورية إيران الإسلامية المزود الرئيسي الذي يقوم بتأمين الطاقة للهند ولهذا فإن الحفاظ على العلاقات بين الهند وإيران والعمل على تطويرها، يُعدّ من أهم القضايا الحيوية للهند نظراً لحاجاتها الاقتصادية المتزايدة لموارد الطاقة.
ووفقاً لتقرير أعدته الوكالة الدولية، فلقد صرح الخبير في مجال النفط والطاقة "ناد علي باي" في مقابلة أجراها مع مراسل المجموعة الاقتصادية " ISCA"، فيما يتعلق بالعلاقات التجارية بين إيران والهند في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات، حيث قال: " تعتبر الهند وإيران هما القوتان الناشئتان الجديدتان في قارة آسيا، وخلال الفترة الماضية كان هنالك الكثير من التعاون في مجالات الطاقة بين هذين البلدين وخلال فترة العقوبات، كانت الهند تعتبر واحدة من المستوردين الرئيسيين للنفط الإيراني وذلك بسبب الطلب المتزايد على موارد الطاقة في ذلك البلد وفي الفترة التي تلت توقيع الاتفاق النووي مع إيران، كانت واردات الهند من النفط الإيراني قد وصلت إلى 800 ألف برميل يومياً وذلك بحلول نهاية عام 2016 واستطاعت الهند خلال تلك الفترة أيضاً أن تسدد ما قيمته 6.5 مليارات دولار لإيران وبلغ حجم التبادلات التجارية الإيرانية مع الهند في عام 2015، تقريباً 16 مليار دولار.
من جهته أكد مدير معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية "نبتا غيتا"، فيما يتعلق بحجم الاستثمارات الهندية بعد مرحلة الاتفاق النووي في صناعات النفط والبتروكيماويات، قائلاً: " يجب علينا أن نعي جيداً بأن إيران هي المزود الرئيسي الذي يقوم بتأمين الطاقة للهند ولهذا فإن الحفاظ على العلاقات بين الهند وإيران والعمل على تطويرها، يعدّ من أهم القضايا الحيوية للهند نظراً لحاجاتها الاقتصادية المتزايدة لموارد الطاقة حيث أبدت العديد من الشركات الهندية استعدادها للمشاركة والاستثمار في حقل الغاز الإيراني "فرزاد بي" ويُقّدر حجم الغاز في هذا الحقل الغازي بأكثر من 21 مليار قدم مكعب، منها 12.5 مليار قدم مكعب يمكن استخراجه ووفقاً للخطة التي أقرّتها وزارة النفط الإيرانية، فإنه سيبلغ معدل إنتاج الغاز في المرحلة الأولى من التطوير، 1.1 مليار قدم مكعب يومياً".
وفي سياق متصل أضاف "باي": "لقد أعلن مسؤولون من وزارة النفط الإيرانية بأنه إذا قدم الهنود عرضاً فنياً ومالياً مناسباً، فإن الوزارة سوف تقوم بمنحهم حق الاستثمار في حقل "فرزاد بي" الغازي وأعرب بأن مصافي النفط الهندية قامت خلال العام الماضي بخفض وارداتها النفطية من إيران إلى 443 ألف برميل في الوقت الذي كانت تستورد حوالي 800 ألف برميل يومياً خلال السنوات الماضية وذلك احتجاجاً على إعطاء السلطات الإيرانية حق الاستثمار في حقل الغاز "فرزاد بي"لشركة "غازبروم" الروسية ولفت إلى أن الهند تعمل خلال هذه الفترة على تنويع مصادر تأمين نفطها وزيادة حصتها النفطية المستوردة من الولايات المتحدة ومن بعض الدول العربية وذلك حتى تتمكن من الفوز بمحادثاتها النفطية مع إيران.
وأكد قائلاً: "إن السلطات الهندية تسعى جاهدة إلى تطوير صناعة التكرير فيها وذلك بسبب الحاجة المتزايدة للوقود في المصانع ووسائل النقل الهندية ولهذا فلقد قامت بالتفاوض مع الحكومة الإيرانية للاستثمار في حقل الغاز الإيراني "فرزاد بي" وذلك بعدما قامت الشركة الهندية " أو.إن.جي.سي" باكتشاف هذا الحقل الغازي في عام 2009 وهنا يجب القول بأنه إذا ما تمت عملية تطوير حقل الغاز "فرزاد بي" في وقتنا الحاضر وخاصةً بعد فرض حكومة "ترامب" عقوبات جديدة ضد إيران، فإن ذلك قد يُعّرض صادرات الطاقة في المستقبل القريب للخطر ولكن في المقابل ستجني الهند الكثير من المكاسب على الساحة الاقتصادية وتعتبر شركة "أو.إن.جي.سي" الهندية من أكبر الشركات الهندية التي تعمل في مجال اكتشاف وتكرير النفط في الهند ومن المتوقع أن تستثمر هذه الشركة 173 مليار دولار من أجل زيادة منتجاتها بحلول عام 2030.
وفي سياق متصل أعلن مدير معهد الدراسات الاستراتيجية "نبتا غيتا"، مؤخراً أن الشركة الهندية "أو.إن.جي.سي" مستعدة لاستثمار 6.2 مليارات دولار في إيران في حالة ما إذا كانت هناك حاجة إلى 5 مليارات دولار أخرى لبناء منشأة للغاز الطبيعي المسال ولقد أكدت وزارة النفط الإيرانية بأن الهند سوف تشتري الغاز المسال بنفس سعر الغاز المسال الذي كانت تشتريه من قطر، أي 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
من جهته أعرب "باي" الخبير في شؤون النفط والطاقة، قائلاً: "إذا اتفقت الهند وإيران على كيفية تمويل عمليات استخراج الغاز من حقل "فرزاد بي" الغازي وتم الاتفاق أيضاً على كيفية بيعه، فإنه سيكون من الممكن التوقيع على تلك الاتفاقية بين البلدين والشيء المهم هنا، هو أن السعودية التي تعتبر شريكاً أساسياً في هذا الحقل الغازي قد بدأت باستخراج الغاز من هذا الحقل منذ عام 2013 وهذا الأمر يعدّ من أهم أولويات جدول أعمال وزارة النفط الإيرانية".
وأضاف: "لقد سعت الهند جاهدة خلال الفترة السابقة وخاصة بعد التوقيع على مذكرة الاتفاق النووية، لاستثمار أموال كثيرة في مجال استخراج النفط والبتروكيماويات والأسمدة الكيميائية والألمنيوم ولهذا فلقد أعلن وزير النفط والغاز "دروماندرابريدان" بأن بلاده تخطط لاستثمار 20 مليار دولار في هذه المجالات مع إيران".
وفي سياق متصل صرّح مدير معهد الدراسات الاستراتيجية "نبتا غيتا"، قائلاً: "نظراً لعدم نجاح مشروع تصدير الغاز الإيراني إلى الهند عن طريق باكستان بسبب بعض الاعتبارات الجيوسياسية ونظراً لحاجة الهند المتزايدة للغاز النظيف الذي ستتضاعف قيمته بحلول عام 2021، فإن السلطات الإيرانية تنوي بناء خط أنابيب لنقل الغاز الإيراني إلى الهند عبر بحر عمان وسيحتاج خط الأنابيب هذا إلى 5 مليارات دولار لبنائه وسيتمكن هذا الخط من نقل أكثر من 30 مليون متر مكعب من الغاز يومياً.
وأضاف: "إن نمو الاقتصاد الهندي بنسبة 10 في المئة خلال السنوات المقبلة سيؤدي إلى زيادة في استهلاك الطاقة في البلاد ولقد توقعت مصادر الطاقة العالمية بأن الهند ستصبح بحلول عام 2050 ثاني أكبر مستهلك للوقود الأحفوري "الغاز والنفط" في جميع أنحاء العالم ونتيجة لذلك، فإن احتياطيات إيران من النفط والغاز، تعتبر من أهم الأدوات الاستراتيجية والضرورية من أجل تحقيق التنمية في الهند ولهذا فلقد أعلن الرئيس الإيراني "حسن روحاني" عند اجتماعه مع رئيس وزراء الهند "مودي"، بأن إيران يمكن أن تلبي احتياجات الطاقة للهند بشكل عقود استراتيجية طويلة الأجل".
وفي السياق نفسه قال "باي" الخبير في شؤون النفط والطاقة: "يُعدّ مشروع تطوير ميناء "تشابهار" الذي افتتحه مؤخراً الرئيس "روحاني" وحضر مراسيم الافتتاح كبار المسؤولين والوزراء من الهند وأفغانستان، أحد أهم المشاريع في المنطقة ولقد تم استثمار مليار دولار في هذا المشروع وتبلغ حصة الهند فيه حوالي 235 مليون دولار وبهذا التطوير، زادت طاقة هذا الميناء إلى ثلاثة أضعاف، لتصل إلى 8.5 ملايين طن سنوياً وأصبح هذا الميناء يمتلك خمسة أرصفة جديدة، اثنان منها مخصصة لسفن الحاويات وسيُسمح للسفن التي تبلغ طاقتها 100 ألف طن بالإرساء في هذين الرصيفين وهذا الأمر سيكون له منفعة اقتصادية مستقبلية كبيرة لإيران".
من جهته قال وزير النفط الإيراني: "ستتمكن الهند عند استخدامها لهذا الميناء من الوصول إلى آسيا الوسطى وأفغانستان ولقد وعد رئيس الوزراء الهندي "نارندرا مودي"، أثناء زيارته الأخيرة لإيران في مايو 2016، بالاستثمار بأموال كثيرة في ميناء "تشابهار" ولقد استثمرت الهند حوالي 500 مليون دولار لتطوير هذا الميناء وسوف تطلق خط سكة حديد من ميناء "تشابهار" وصولاً إلى مدينة زاهدان الإيرانية التي تقع بالقرب من الحدود الأفغانية وسيبلغ طول تلك السكة الحديدية حوالي 500 كيلومتر تقريباً".