الوقت- بقصد أو بدون قصد.. أقرّت المجموعات المسلّحة الموجودة في الغوطة الشرقية وبما لا يدع مجالاً للشك بأنّ المدنيين الموجودين هناك والذين يبلغ عددهم بحسب بعض التقارير أربعمئة ألف مدني هم رهائن بأيدي تلك المجموعات، وذلك بعد أن بدأت تلك المجموعات بمقايضة إدخال المساعدات الإنسانية مقابل إخراج المدنيين من الغوطة، الأمر الذي عدّه مراقبون تأكيداً من المسلحين على اتخاذ المدنيين كرهائن، ومن ناحيةٍ أخرى استخدامهم كدروعٍ بشرية خلال القتال الدائر على أطراف الغوطة الشرقية.
مساعدات مقابل المدنيين...
وعدٌ أطلقه مسلحو الغوطة الشرقية للقوات الروسية العاملة في سوريا يُفيد بإخراج المدنيين المحاصرين مقابل السماح بدخول المساعدات الإنسانية، وفي هذا السياق يؤكد ناشطون في الغوطة أنّ المسلحين هناك اعتادوا مصادرة المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية التي دخلت إلى الغوطة الشرقية طوال السنوات الست السابقة، ليقوموا بدورهم بتوزيعها حسب ما تشاء أهواؤهم على عناصرهم الموجودة في الغوطة، وعليه فإنّ أغلب العائلات هناك لم تكن تحصل إلى على ما يسدُّ رمقها من المسلحين.
وأكد ناشطون في الغوطة الشرقية أنّ المجموعات المسلحة فرضت حظراً للتجوال خلال ساعات الهدنة وذلك لمنع المدنيين من الوصول إلى قوات الجيش السوري التي أعدّت للمدنيين الخارجين من تحت سيطرة المسلحين مساكن مؤمنة ومُجهّزة بكل التجهيزات الطبية والغذائية وما إلى ذلك من وسائل الراحة والأمان.
أكثر من ذلك.. أكد الناشطون أنّ المجموعات المسلحة قنصت المعبر المُخصص لخروج المدنيين من الغوطة، وذلك بغرض الإبقاء عليهم كرهائن داخل الغوطة، بالإضافة إلى الاستفادة منهم كدروع بشرية مقابل الجيش السوري خلال العمليات القتالية الدائرة هناك، مشددين أنّ المجموعات المسلحة باتت تستخدم المدنيين لحفر الأنفاق داخل أماكن سيطرة تلك الفصائل ولا سيما جبهة النصرة التي حفرت عشرات الأنفاق في الغوطة.
الهلال الأحمر يعتذر!
تأكيد واضح على افتراءات العناصر الموجودة في الغوطة الشرقية؛ أكدت وسائل إعلامية صادرة عن المسلحين أنفسهم أنّ آخر قافلة مساعدات أممية دخلت بلدات ومدن الغوطة الشرقية المحاصرة، في 14 من شباط الماضي، وذلك قبيل التصعيد العسكري الذي شهدته المنطقة في الأسبوعين الماضيين، الأمر الذي يدحض جميع ادعاءات المسلحين بأن الجيش السوري يحاصر الغوطة الشرقية، وأنها أي -الغوطة- تعيش حالةً إنسانية يرثى لها.
ويرى مراقبون أنّه وفي حال صدقت ادعاءات المسلحين بوجود حالات إنسانية صعبة؛ فهي حتماً ناتجة عن ممارسات المسلحين الذين ملؤوا مخازنهم بالمواد الغذائية والمساعدات، رافضين في الوقت ذاته الإفراج عن تلك المساعدات لمصلحة المدنيين.
ونتيجة لإجراءات المسلحين في الغوطة الشرقية وعدم امتثالهم للهدنة التي تُشرف عليها روسيا، واستغلالهم لها من خلال استهداف طواقم الهلال الأحمر السوري التي كانت تحمل مساعدات إنسانية، وأكدت مصادر خاصة في الغوطة الشرقية أنّ عشر شاحنات غادرت مدينة دوما بكامل حمولتها في حين أفرغت أربع شاحنات بعض محتوياتها، وذلك بعد أن حاول المسلحون استهداف طواقم الهلال الأحمر.
وفي السياق ذاته أكد أحد مسؤولي الأمم المتحدة ممن رافقوا قافلة المساعدات أنّ المسلحين حاولوا استهداف القافلة أثناء مرورها من معبر مخيم الوافدين، رغم وجود اتفاق بإيصال المساعدات في أجواء سلمية، حسب تأكيده.
وكان مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قد أكد في بيانٍ له أول أمس الأحد أنّه من المقرر أنّ تدخل قافلة المساعدات إلى مدينة دوما، كما نقلت مصادر إعلامية عن مسؤول أممي قوله إنّ قافلة مساعدات إنسانية ثانية من المحتمل أن تدخل الخميس المقبل إلى الغوطة أيضاً، في حين يرى مراقبون أنّ هناك إجراءات من الممكن أن تمنع وصول المساعدات إلى محتاجيها.
يُشار إلى أنّ إصرار الفصائل المسلحة على الإبقاء على المدنيين حبيسي الغوطة يعود إلى أسباب أخرى غير التي ذكرت، حيث قالت مصادر إعلامية إنّ المسألة تتعلق بمشكلات سياسية دولية، وتبعية الفصائل المسلّحة لجهات إقليمية ودولية، حيث إنّ خروج المدنيين من الغوطة سيُفقد كل التنظيمات المسلّحة شرعيتها المزعومة أمام العالم أجمع، إذ تتدعي أنها تحمي المدنيين وتُحافظ عليهم، وهي بالأصل تختبئ بينهم في عملياتها ومعاركها ضد الجيش السوري، كما أنّه وبحسب مراقبين من الطبيعي أن تستخدم تلك التنظيمات كل الأساليب القمعية لمنع المدنيين من الخروج وأن تستهدفهم وتقصفهم إن اقتربوا من معبر مخيم الوافدين، فخروجهم يعني تسهيل العمل العسكري الضخم الذي سيشُنّه الجيش السوري على مواقعهم.