الوقت - في اطار جهود البلدين لتعزيز علاقاتهما في جميع المجالات وتنسيق التعاون لمواجهة الارهاب قام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاربعاء بزيارة الى طهران التقى خلالها كبار المسؤولين الإيرانيين وفي مقدمتهم قائد الثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي ورئيس الجمهورية حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني.
الزيارة هي الثانية للعبادي الى طهران منذ تسلمه منصبه في ٨ سبتمبر ٢٠١٤ ورافقه فيها وفد وزاري وبرلماني رفيع، حيث تم خلالها بحث آخر التطورات الاقليمية والدولية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين لاسيما في مجال مكافحة الارهاب.
واكد المسؤولون الإيرانيون للضيف العراقي أن إيران تعتبر أمن وتقدم العراق من أمنها وتقدمها، مجددين دعمهم الشامل للحكومة والشعب العراقي في كافة المجالات. وشددوا على ان صمود العراق في مواجهة الارهاب يشكل ضمانة لأمن دول المنطقة.
من جانبه أشاد العبادي بدور إيران بالوقوف الى جانب بلاده في صراعها ضد الارهاب، مشيراً الى إنه في اليوم الذي تعرض فيه العراق للتهديد، لم تتردد إيران لحظة واحدة في دعم الشعب العراقي وقواته المسلحة لحماية أمن البلاد من خطر " داعش " وباقي العصابات الارهابية.
وجدد العبادي التأكيد علی اهمية تطوير التعاون مع إیران في شتى المجالات، معتبراً ذلك من اولویات الحکومة العراقیة، مشدداً في الوقت نفسه على أن أمن البلدين مرتبط بعضه ببعض وهناك تشابك وثيق في المصالح بين الجانبين.
وشهدت العلاقات بين الجانبين خلال ألاعوام الأخيرة نمواً لافتاً على جميع ألاصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية. وقام الرئيس العراقي فؤاد معصوم في آيار الماضي بزيارة الى طهران التقى خلالها قائد الثورة الاسلامية والرئيس حسن روحاني. وأكد البيان المشترك الصادر في ختام الزيارة على الالتزام بجميع الاتفاقات الموقعة بين البلدين ورفض أي تدخل أجنبي في علاقات الجانبين. كما قام نائب الرئيس الإيراني اسحاق جهانغيرى بزيارة الى بغداد فى فبراير الماضي التقى خلالها كبار المسئولين العراقيين، ووقع البلدان العديد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم الاقتصادية فى مختلف مجالات.
ومما لاشك فيه ان تبادل الزيارات بين المسؤوليين العراقيين والإيرانيين يعد خطوة مهمة في تعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في ظل الظروف المعقدة والحساسة التي تشهدها المنطقة من أجل تنسيق الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار في عموم المنطقة.
ومن المعروف ان إيران والعراق تربطهما أواصر تاريخية ودينية واجتماعية متجذرة. ويعتقد البلدان أن القوى الاجنبية التي تسعى للتدخل في شؤون المنطقة هي السبب الحقيقي وراء عدم الاستقرار في هذه المنطقة الحساسة من العالم، ولهذا يتحتم عليهما بذل مزيد من الجهود لمواجهة هذا الخطر المشترك بالتنسيق مع باقي دول المنطقة.
ورغم المؤامرات التي حاكتها وتحيكها القوى الاستكبارية ضد البلدين والمنطقة برمتها والتي برزت بشكل واضح خلال الحربين التي شنها نظام الدكتاتور صدام على إيران والكويت في ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي والكوارث الجسيمة التي نجمت عن هاتين الحربين والتي مهدت السبيل للقوى الاستكبارية وفي مقدمتها أمريكا لتنفيذ مخططها الرامي لتقسيم المنطقة ضمن إطار ما يسمى الشرق الاوسط الجديد، تمكنت طهران وبغداد في عام 2003 الذي شهد تغيير النظام السياسي في العراق وما بعده ونتيجة تسلم حكومة منتخبة لمقاليد الامور في هذا البلد من تقوية علاقاتهما في شتى المجالات خصوصاً وأن الكثير من المسؤولين العراقيين الذين تسلموا مناصب رفيعة وحساسة في قيادة الدولة تربطهم علاقات وطيدة مع إيران منذ زمن معارضتهم لنظام صدام وحتى الآن.
ورغم احتلال العراق من قبل أمريكا وسعي بعض دول المنطقة وفي مقدمتها السعودية لإفشال جهود الحكومة العراقية لتعزيز تقاربها مع إيران، تمكنت طهران وبغداد من إجهاض هذا المخطط من خلال التنسيق والتعاون الكامل فيما بينهما في كافة المجالات لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب.
وبسبب النزعة الطائفية التي تتميز بها أنظمة بعض دول المنطقة ومن بينها السعودية عملت هذه الأنظمة على زعزعة الامن والاستقرار في العراق من خلال تدريب وارسال الجماعات الارهابية ودعمها بالمال والسلاح لتنفيذ عمليات إجرامية في هذا البلد، في حين وقفت إيران منذ البداية الى جانب العراق لدعمه في محاربة الارهاب اضافة الى ما قدمته وتقدمه من دعم سياسي ومعنوي ولوجستي لتمكينه من تجاوز الصعاب في كافة المجالات.
وعندما عجزت أمريكا والدول الغربية الحليفة لها عن إخضاع العراق لإرادتها سارعت وبدعم من الانظمة المرتبطة بها في المنطقة الى إدخال العصابات الارهابية ومن بينها تنظيم " داعش " الى هذا البلد ومكنتها من احتلال بعض مدنه وأراضيه ما جعل العراق يواجه وضعاً أمنياً صعباً للغاية، فكانت إيران السباقة لمد يد العون للشعب العراقي وقيادته لمواجهة هذه الازمة والتخلص من آثارها السلبية على البلد وعلى عموم المنطقة.
وتأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي الاخيرة الى إيران في إطار جهود البلدين لزيادة التنسيق الأمني والعسكري فيما بينهما بإعتبارهما بلدين جارين وتربطهما مصالح مشتركة، ولإعتقادهما بأن أي تهديد إرهابي لأي منهما سينعكس بصورة مباشرة على أمن البلد الآخر.
وقد اثبتت التجارب أن إيران تدعم كافة أطياف الشعب العراقي بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية أو القومية أو المناطقية، وتقدم هذا الدعم دون اي شروط مسبقة من أجل دحر الارهاب واعادة الأمن والاستقرار الى العراق وعموم المنطقة.
وهذا الدعم غير المشروط وتيقن الشعب العراقي وقيادته من إخلاص إيران في وقوفها الى جانبه في محاربة الارهاب عمّق اللحمة والتكاتف بين البلدين. وقد اشاد الكثير من المسؤولين العراقيين بهذا الدعم لقناعتهم بأنه نابع من شعور إيران بأن أمن البلدين واحد لا يتجزأ. وتنظر الحكومة العراقية الى إيران بإعتبارها حليفاً استراتيجياً يمكن الوثوق به والاعتماد عليه في مواجهة الأزمات. كما تنظر إيران الى العراق بنفس المنظار وتضع جميع خبراتها وإمكاناتها في خدمة هذا البلد.
ومن هذا المنطلق تبرز الأهمية القصوى لتبادل الزيارات بين المسؤولين العراقيين والإيرانيين وضرورة تعميق الاواصر بين البلدين خصوصاً وانهما يملكان طاقات بشرية ومادية هائلة في كافة المجالات.