الوقت- خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تاريخ 6/12/ 2017، ليعلن للعالم أجمع وعلى الملأ بأن "القدس" عاصمة لـ "اسرائيل"، وأمر في نفس الخطاب ومن على نفس المنبر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس مناحا الصهاينة ما كانوا يحلمون به على مدار عشرات السنوات، لكن قرار ترامب لم ولن يمر مرور الكرام وقد شهدنا بأم العين المظاهرات الحاشدة التي تلت القرار وكيف خرج الآلاف من جميع دول العالم للتنديد بهذا القرار ورفضه.
ولكن دعونا نسأل ونتساءل، هل يا ترى ما قام به ترامب يأتي في إطار تنفيذ وعوده أثناء حملته الانتخابية أم الأمر أقدم من ذلك وأعمق؟!، ومنذ متى تم طرح هذه القضية وكيف تم الترويج لها وما دور هوليوود في ذلك؟!.
الحقيقة أنه منذ العام 1995 مرر الكونغرس قانونا يدعو إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ولكن آثر رؤساء أمريكا منذ ذلك الوقت وحتى آخر أيام الرئيس السابق باراك أوباما على إبقاء هذا الأمر في إطار الكلام النظري، وقبل هذا التاريخ بـ"15" عام وبالتحديد في 30 يوليو 1980، سن الكنيست الإسرائيلي، ما عُرف بـ"قانون القدس" والذي يقول أن " قانون أساس: أورشليم القدس عاصمة إسرائيل" وطال الجدل حول هذا القانون واستخدمته سلطة الاحتلال كورقة رابحة لهم في هذا الشأن.
وبعد أن عرفنا إلى متى يعود البدء بطرح فكرة القدس عاصمة لـ "اسرائيل" ورأينا الوجه السياسي لهذا الموضوع نصل إلى الوجه الإعلامي لها وكيف سخر الصهاينة هوليوود لخدمة مصالحهم الخاصة واستخدموها لتسويق مشاريعهم الصهيونية وإقناع العالم بأنهم أصحاب الحق في الأرض الفلسطينية، ومن خلال استديوهات هوليوود قام الصهاينة بتشويه صورة الفلسطينيين وإظهارهم بأنهم هم من يعتدي على الاسرائيليين ليتمكنوا من تبرير جرائمهم تجاه الفلسطنيين.
أفلام خدمت المشروع الصهيوني
وقد بدأت الحكومة الأمريكية في إعداد الرأي العام العالمي لهذا الأمر قبل أي اقدام سياسي تجاه هذا الموضوع عن طريق الأساليب الناعمة، ولسنوات عديدة، دأبت السينما الغربية وتحديدا هوليوود على طرح فلسطين على أنها الأرض الموعودة لليهود من خلال أفلامهم، ومثال ذلك مجموعة من الأفلام الكلاسيكية القديمة مثل "أكسودوس" و "شمشون و دليلة" الذي أخرجه سيسيل ديميل عام 1949 أو "ديفيد وبيثشيبا"، التي تعتبر فلسطين أرضا يهودية، وفيلم "داوود وباتشيع" عام 1951 و"خفايا إيزابيل" عام 1953 وكلها ترمز إلى الشخصية اليهودية، كما أنتج فيلم "حائط المبكى" عام 1969وفيلم "تحيا اورشليم" للناقد الفرنسي هنري شايبيه وتدور أحداثه في القدس، وتابعت هوليوود دعمها لإنتاج أفلام إسرائيلية وكرست كل إمكاناتها لإنتاج أفلام وتسويقها إلى العالم، وصولا إلى أفلام جديدة مثل "ماتريكس"، حيث يظهر الفيلم مدينة زيون، أو صهيون على أنها مدينة الصهاينة الفاضلة.
أو فيلم "الحرب العالمية Z"، الذي يقدم القدس على أنها المدينة الوحيدة السالمة والآمنة، والتي يعيش فيها اليهود. في العديد من أفلام هوليوود، نرى مثل هذه الإشارات وفي أفلام أخرى نرى إشارات واضحة على أماكن مثل القدس ومسجد الأقصى، وكيف تحاول هذه الأفلام إضفاء الطابع اليهودي عليها.
في السابق كان مدراء هوليوود التنفيذيين والمنتجين وبعض الممثلين يخفون هويتهم الصهيونية أو تعلقهم باسرائيل ودفاعهم عنها، أما في السنوات الأخيرة نجدهم يظهرون ذلك علنا، مثال ذلك بطلة فيلم " wonder woman" ، جال جودت، والتي كانت ضابطة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي اليوم تدعم علناً قتل الفلسطينيين وتعترف بالكيان الصهيوني وذلك واضح في منشوراتها، خصوصاً على "انستغرام" في صورة تجمعها بشمعون بيريز.
مثال آخر، الجميع يعرف أن الأخوين وارنر ، مؤسسي شركات الأفلام الكبيرة في هوليوود، هم صهاينة. ويذكر هذا الأمر صراحةً في كتاب "امبراطورية هوليوود"، الذي يتناول حياة مؤسسي هوليوود. النقطة الأهم أنه في السابق عندما كانوا يتحدثون عن تاريخ فلسطين في أفلام هوليوود كانوا يشيرون إلى تاريخ المسيحيين هناك، الآن لا يذكرون هذا الأمر إطلاقا.
الترغيب والترهيب
عندما التقى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع عدد من نجوم هوليوود قبل ثلاث سنوات، قال لهم بالحرف "أنتجوا أفلاما عن إسرائيل"، وهذا الكلام ليس بالجديد على زعماء اسرائيل لأنهم أدركوا أهمية الإعلام ومدى تأثيره وقدرته في تحسين صورتهم منذ بداية احتلالهم لفلسطين لذلك بدأوا في تكريس الأموال والخبرات الفنية والتقنية من أجل ضمان خدمة مصالحها على أيدي القوة الناعمة واسعة التأثير "السينما".
وعمد الصهاينة الذين يسيطرون على جزء كبير من انتاج هوليوود على محاربة كل من يخالف سياستهم أو أفعالهم أو مشروعهم في الشرق الاوسط، والأمثلة على هذا الموضوع كثيرة، من منا لايعرف الممثل الشهير مارلون براندو، الذي دفع ثمن تصريحه الذي يستنكر من خلاله سيطرة الصهيونية على هوليود. كان هذا في العام 1996، ولم ينفكّ براندو يقدم الأعذار والتبريرات مراراً؛ في محاولة منه لكسر الحصار الذي فرضته هوليود عليه. كذلك الحال مع الممثل غاري أولدمان والمخرج أوليفر ستون الذين أعربوا عن قناعتهم بأن هوليود محكومة بيد صهيونية. وحتى الآن يتم نعتهم بأعداء الساميّة.
حتى الممثل الاسباني خافيير بارديم وزوجته الممثلة بينلوبي كروز لم يسلموا من محاربة هوليوود لهم حين وقّعا إبان حرب غزة الأخيرة على عريضة تدين قتل الأطفال الغزيّين.
ختاماً، أصبح واضح للجميع كيف تسير سياسة هوليوود في انتاج الأفلام وكيف تتعمد تشويه صورة المواطن العربي عموما والفلسطيني خصوصا، وكيف أنها تدس السم في العسل في بعض الأفلام من خلال بعض المشاهد التي تنطلي على أغلب المشاهدين.
نحن نعلم كم تملك هوليوود إمكانات فنية وتقنية وخبرات كبيرة في جميع المجالات الفنية ولكن مع ذلك يجب أن يعمل الفنانون العرب والفلسطينيون على تحسين صورة العربي في الغرب وأن يصنعوا أفلام تشكل جبهة مضادة لتلك التي تمولها اسرائيل وسيأتي هذا الأمر بنتائج إيجابية والأيام ستحكم بهذا.