الوقت- أتت رسالة اللواء قاسم سليماني لقائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله السيد على الخامنئي لتؤكد انتهاء عصر داعش وهزيمة المشروع الصهيو-أمريكي الذي فتك بالمنطقة. سنحاول في هذه السطور الإضاءة على أهم محاور هذه الرسالة وما تضمنته من مفاهيم لها الكثير من الدلالات والخلاصات التي يجب التركيز عليها لأنها أخرجت منطقتنا من الظلام الدامس الذي اجتاحها وبالتالي فمن المهم بمكان الحفاظ على هذه المفردات والدفاع عنها بكل ما أوتينا بقوة.
بدأ اللواء سليماني رسالته بالإشارة إلى الفتنة التي بدأت منذ ست سنوات، فتنة شبهها بفتن زمان الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام). فتنة لأنها فتنت قلوب الآلاف من المسلمين وكانت كفيلة بسيطرة ما سمي بداعش على مساحات شاسعة من أراضي المسلمين إن في سوريا أو العراق. فتنة أدّت لتهجير الملايين من منازلهم وإلى البعد عن الإسلام المحمدي الأصيل وإلى تدمير ما يزيد قيمته عن مئات المليارات من بنى تحتية ومنشآت ومصانع. حرب ومأساة جعلت ما يزيد عن ستة آلاف شاب يقومون بتفجير أنفسهم بالمسلمين وبمساجدهم ناهيك عن ممارسات لا يمكن وصفها بالكلمات.
يؤكد اللواء سليماني أن كل ما حصل ويحصل إنما بإرادة وتخطيط أمريكي وقد أكدّ هذا الأمر دونالد ترامب في وقت سابق وقبيل انتخابه ليكون على سدة الحكم في بلاده. حيث اتهم منافسته بأنها وفريقها وراء بناء ما يسمى بداعش. وهذا الأمر أكدته الأحداث الميدانية الكثيرة حيث شكلت القوات الأمريكية غطاء جويا لداعش في الكثير من الأحيان وليس آخرها معركة تحرير البوكمال السورية حيث استمات الأمريكيون في محاولة الحفاظ على تنظيم داعش.
ليؤكد اللواء سليماني بعدها على أن وقوف العراق وسوريا وجيشهما ضد هذا المدّ ساعد في الثبات ضد داعش. وبالفعل لولى صمود النظامين السوري والعراقي وقيادة البلدين في وجه الضغوطات الدولية التي كانت تستهدف إسقاطهم لما تمكن أحد في العالم من المساعدة على مواجهة داعش والفكر التكفيري. ولسقطت هذه الدول منذ بداية الأزمة وخاصة سوريا التي بدأت هذه الحرب الكونية من داخلها.
أشار اللواء سليماني بالاسم إلى الدور المحوري لآية الله السيد السيستاني (حفظه الله). وهنا نعود بالذاكرة إلى الفتوى الصريحة التي أصدرها السيد السيستاني للتعبئة العامة في مواجهة داعش. وما كان لها من آثار مباركة أودت لتشكيل الحشد الشعبي المبارك الذي ومن دون مبالغة وباعتراف العراقيين أنفسهم كان له النصيب الأوفر في هزيمة داعش داخل العراق. وما يؤكد الدور المركزي لهذا الحشد هو السعي الأمريكي منذ اليوم الأول لمنعه من التقدم في الكثير من المناطق وصولا إلى وضع بعض فصائله وقيادته اليوم على لوائح الإرهاب الأمريكية.
أكّد اللواء سليماني أيضا على الدور الذي لعبه حزب الله بقيادة السيد حسن نصر الله في حسم المعركة إضافة إلى دور بقية الفصائل التي قاتلت إن في سوريا أو العراق. وهذا الأمر يشهد به الشعب السوري والعراقي والكثير من المعارك المفصلية كان ركيزتها الأساسية حزب الله وهنا من الجيد الإشارة إلى معارك تحرير القلمون السوري المحاذي للبنان ومعركة تحرير مدينة القصير التي جرت عام 2013 والتي كانت مفصلية في تغيير وجهة الحرب السورية بشكل دراماتيكي.
أكدّ اللواء سليماني في نهاية رسالته على مسألة مهمة للغاية وهي أن رفع العلم السوري فوق مدينة البوكمال لا يعني إسقاط علم داعش بل إسقاط علم المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة. وهذه نقطة مفصلية للغاية. فمن المهم الالتفات إلى الأيدي الأمريكية التي لا تزال تحرّك الفتنة وستسعى عبر طرق وأساليب وأشكال جديدة لإعادة عناصرها إلى ساحاتنا الإسلامية.
خلاصة القول من الواجب أكثر من أي وقت مضى البقاء على جهوزية وحذر وأن نحافظ بكل ما أوتينا من قوة على أوراق قوتنا التي أشار إليها اللواء سليماني في معرض رسالته. ومن المؤكد أن الحفاظ على النصر الذي تحقق لن يكون أسهل من النصر نفسه فنحن أمام عالم متكالب على تمزيق أمتنا الإسلامية ومقدراتها.