الوقت- "قائد الانتصارين"عبارة تليق برجل من طراز قائد قوة القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني الذي وفى بالوعد الذي قطعه في 21 سبتمبر/ايلول الماضي. يأتي الوفاء بالعهد من قائد الانتصارين في سوريا والعراق إثر استعادة قضاء رواة، آخر معقل من معاقل تنظيم "داعش" في بلاد الرافدين، ليُنجز وعده في مدينة البوكمال السوريّة التي أدار معاركها عبر التواجد في خطوطها الأماميّة، تلك المعركة التي أطلقت عليها غرفة عمليات حلفاء الجيش السوري من محور المقاومة بقيادة اللواء سليماني "أم المعارك" في الشرق السوري ضد أمريكا.
لم يكن وفاء اللواء سليماني بوعده في إزالة داعش من الوجود في أقلّ من 3 أشهر طارئاً، بل جاء تكريساً لسنوات المواجهة الشرسة التي حضر اللواء سليماني خطوطها الأماميّة منذ اليوم "العلني" الأوّل في آمرلي ولاحقاً جرف الصخر (النصر) إلى أم المعارك الأخيرة في البوكمال السوريّة.
الرجل الذي يُوصف أمريكياً بأنَّه "أقوى رجل في منطقة الشرق الأوسط برمّتها" ظهرت بصماته في كافّة المعارك التي شهدت تواجد لقوّات الحشد الشعبي في العراق، وحلفاء محور المقاومة في سوريا، وقد بدا لافتاً ظهور "اللواء" في عشرات المعارك كجرفالصخر وتكريت وبيجي والفلوجة والرمادي والموصل وإدلب وتدمر وحلب ودير الزور والبوكمال، رغم أنّه رجل الظلّ في كافّة المعارك. ظهور بثّ الرعب في نفوس الأعداء، وزرع أمل الانتصار في نفوس الحلفاء.
لا تقتصر انتصارات اللواء سليماني على الميدانين السوري والعراقي، بل وجّه ضربة قاصمة للمشروع الأمريكي إثر زيارة خاطفة إلى موسكو للقاء الرئيس بوتين تكلّلت بدخول روسيا إلى المعادلة السورية بشكل مباشر الأمر الذي انعكس ناراً وشنّاراً على أمريكا وحلفائها، وبرداً وسلاماً على سوريا وحلفائها. جاء التدخّل الروسي متأخر نسبياً بعد أن كان فيلق القدس بقيادة سليماني قد اتخذ قرار حاسم بدخول ساحة المواجهة ضد هذا التنظيم الإرهابي إدراكاً منها للمخاطر الإستراتيجية التي يشكلها على المنطقة والعالم.
كثيرة هي الشهادات بحقّ هذا الرجل الذي وصف تنظيم داعش بالكذبة الأمريكية، أوروبياً يُقال عنه أنّه وراء الخطط التي اتخذتها السلطات العراقية ، لمنع تنظيم "داعش الوهابي" وحلفائهم من فلول بقايا البعثيين من نقل المعركة إلى العاصمة بغداد تمهيدا لإسقاطها كما كانوا يعلنون في بياناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لتضيف صحيفة "اشبيغل" الألمانية أنّه عندما يظهر اللواء قاسم سليماني في العراق وسوريا في مشاهد المعارك فهذا يعني خطوة مهمة في المعركة المقبلة وتؤكد بعد انتشار مشاهد اللواء سليماني قبيل معركة حلب الكبرى ان نصر حلب سيكون نصر جديد في صفحات اللواء سليماني، وهذا ما حصل بالفعل.
أمريكياً وإسرائيلياً، الإذعان مشابه وان اتسم ببعض العدائية، ففي حين أكّد منتدى التفكير الإقليمي الإسرائيلي أن اللواء قاسم سليماني أصبح بطلًا قوميًا محبوبًا من كافة شرائح الشعب الإيراني نظراً للإنجازات التي تحققت على يديه، تصف مؤسسة "المجلس الأطلسي" البحثية قاسم سليماني بالبطل الفدائي والشخصية التي تمتلك شعبية عارمة في بلاده والمنطقة، بيد أنّ الخبير في معهد "أمريكن انتربرايز" الأمريكي "مايكل روبن" اقترح في إحدى مقالاته على الرئيس الجديد دونالد ترامب أن يقوم باختطاف اللواء قاسم سليماني وأن يجعل هذا الاقتراح إحدى أولوياته الرئاسية. وأمّا مجلة نيوزويك الأمريكية فقد ارتأت أن تقدّمه على غلاف عدد من أعدادها بعنوان: "اله الانتقام .. قاتل أميركا .. والآن يسحق داعش".
هذا غيض من فيض الشهادات بحقّ رجل المواجهة مع داعش من قبل أعداءه، أو من لا تصحّ تسميتهم بحلفائه كأوروبا، وأما شهادات الحلفاء فلا يتّسع ذكرها في هذا المقام نظراً لكثرتها، لذا نقتصر على شهادتين الأولى صدرت عن القيادي في الحشد الشعبي وأمين عام كتائب سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي، الذي قال "لولا بركات وجود المستشارين الإيرانيين لما كان هناك انتصار في العراق"، والثانية عن أحد قيادات البيشمركة الكرديّة الذي أوضح بأن قاسم سليماني قائد شجاع ساعد كل القوميات والطوائف وليت الأكراد عندهم 10 مثله.
ما يُميّز اللواء سليماني أنّه لم يُميّز في حضوره الميداني بين عربي وكردي وتركماني، بين سنّي وشيعي ومسيحيي، بل كان العنوان الرئيسي الذي رفعه هو القضاء على تنظيم داعش الإرهابي والدفاع عن المستضعفين، وهو الشعار الذي رفعه الإمام الخميني منذ انتصار الثورة الإسلاميّة عام 1979.
في الختام، ورغم كلّ الانتصارات التي حقّقها اللواء الحاج قاسم سليماني بدءاً من الحرب المفروضة مروراً بالمواجهة مع الكيان الإسرائيلي في فلسطين ولبنان وليس انتهاءً بالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي إلّا أنّه لم يصل إلى مبتغاه بعد. فقد قال الرجل، الذي حضر اسمه ضمن قائمة الـ100 شخصية الأكثر تأثيرا في العالم للعام 2017، في مقابلة خاصّة مع مراسل موقع "الوقت" الخبري في مكتبه بطهران في معرض إجابته عن الشائعات الواسعة النطاق التي تحدثت عن استشهاده أو إصابته في سوريا: " إني قضيت عمري أقطع السهول والجبال من أجل تحقيق هذه الأُمنية".