الوقت- يعتمد الرئيس الامريكي دونالد ترامب مبدأ البيع والشراء في كل شيء، فالرجل يريد من جميع سكان الارض أموالهم فقط وان كان على حساب دمائهم، فهو البائع الذي يسمع زبائنه ما يريدون. وهذا ما اتسمت به جولة الرئيس الامريكي الى اسيا والتي استمرت 12 يوماً شملت خمس دول آسيوية هي اليابان وكوريا الجنوبية والصين وفييتنام والفيليبين.
وقبيل مغادرته مانيلا عاصمة الفلبين قال الرئيس الامريكي لقد " صنعت أصدقاء كثراً على أعلى مستوى وأعتقد أن ثمار عملنا ستكون مذهلة". هذا التصريح شكل نوع من التساؤل لدى الكثير من القراء والمتابعين لزيارة الرئيس الامريكي الى اسيا، وذلك حول الاهداف الحقيقية من وراء هذه الجولة التي تعد الاكبر على مر التاريخ لرئيس امريكي الى خارج البلاد.
وفي هذا السياق، اعتبر مراقبون أن الهدف الرئيسي من زيارة الرئيس دونالد ترامب لخمسة بلدان آسيوية ليس له علاقة بالسلام في آسيا أو حتى الدبلوماسية لا من قريب ولا من بعيد، بل تعد هذه الجولة الآسيوية مجرد رحلة عمل اخرى كسابقاتها، وذلك لمساعدة الصناعة العسكرية الأمريكية ببيع سلاحها اضافة الى تاجيج الفتن.
ادلة على سياسة ترامب التجارية
ولم تغير الرئاسة الامريكية "دونالد ترامب" منذ تسلمه الحكم من كونه "تاجرا فاجرا"، حيث من اللحظة الاولى لدخوله الى البيت الابيض قام بسحب أمريكا من اتفاقية "الشراكة عبر المحيط الهادئ"( تم التوقيع على المعاهدة في فبراير 2016 خلال رئاسة باراك أوباما بعد عدة سنوات من المحادثات بين 12 دولة في المحيط الهادئ) وذلك بسبب عدم حبه للاتفاقات التجارية المتعددة الأطراف، لأنه في مثل هذه المعاهدات، لا يمكنه أن يسيطر على الجميع، يريد أن يكون سيد كل شيء، حتى لو على حساب دماء الاخرين.
وفي زيارته الاخيرة الى اليابان، ومن يقرأ بين سطور تصريح دونالد ترامب في مؤتمره الصحفي المشترك له مع رئيس الوزراء الياباني "شينزو" في طوكيو يعي تماماً الهدف الحقيقي من الزيارة، حيث قال دونالد ترامب بكل وضوح في ان"شراء كمية كبيرة من المعدات العسكرية الامريكية من طوكيو يعنى المزيد من فرص العمل للولايات المتحدة والمزيد من الامن لليابان".
ولدى ترامب مبدأ اخر الى جانب مبدأه في البيع والشراء، وهو "اثارة التوتر" بين الدول من اجل تسهيل عملية بيع السلاح. حيث استطاع ان يحول من ازمة امريكا مع كوريا الشمالية من شخصية الى عالمية، بادعائه أن كوريا الشمالية هي تهديد لكل العالم المتحضر، في حين أن ترامب على دراية جيدة، أن كوريا الشمالية تدافع عن نفسها فقط ضد التهديدات والغطرسة الأمريكية وان كيم جونغ أون ليس لديه نية ان يهاجم أي بلد آخر.
في حين لـ"كوريا الشمالية" الحق في ان تظهر كل هذا العداء لامريكا، فزعيم كوريا الشمالية وغيره من الناس في البلاد لديهم ذاكرة تاريخية سيئة للغاية بسبب امريكا، حيث خلال حرب شبه الجزيرة الكورية بين عامي 1950 و 1953، كانتامريكا لاعبا رئيسيا في الحرب، دمرت كوريا الشمالية تقريبا، وقتلت حوالي 3 ملايين شخص من الكوريين وكان هذا العدد حوالي ثلث سكان كوريا الشمالية في ذلك الوقت!
وليس فقط كوريا الشمالية ترى في امريكا عدواً، بل ان العالم كله يعلم أن التهديد الوحيد للحضارة العالمية والبشرية جمعاء هو امريكا. فهي حكومة متمردة لا تحترم القانون الدولي والمعاهدات الدولية والأرواح البشرية وحتى مواطنيها. فهي قتلت عشرات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مباشرة من قبل الجيش الأمريكي أو الناتو، أو بشكل غير مباشر من خلال الحروب بالوكالة أو المرتزقة الأمريكيين في سوريا والعراق. وكل هذه الحروب تهدف إلى الحفاظ على الهيمنة العالمية لأمريكا.
ولحسن الحظ، في السنوات الأخيرة، وجدت دول تتصف بالشجاعة وقفت في وجه هذا "الوحش القاتل" وعلى الرغم من العقوبات وغيرها من التدابير الاقتصادية الأمريكية المدمرة، الا إنها لا تزال تقف ضدها. و تعتبر فنزويلا وإيران من الأمثلة على هذه البلدان.
ووقع دونالد ترامب اتفاقا سعوديا بقيمة 110 مليارات دولار في المملكة العربية السعودية خلال رحلة مايو إلى السعودية لبيع جميع أنواع الأسلحة الفتاكة من القنابل إلى الطائرات والدبابات. وهذا رقم قياسي لعقود بيع الأسلحة.
الا انه وبحسب متابعين اقتصاديين لجولة ترامب الاسيوية، لم يوفق الرئيس الامريكي هذه المرة ببيع اي قطعة سلاح لاي بلد من البلدان الخمسة، حيث كانت تتامل مصانع السلاح في امريكا ان يستطيع "افضل بائع سلاح" ان يجلب الكثير من مليارات الدولارات الى الخزينة الامريكية وخصوصاً من التنين الصيني كي ينعش الاقتصاد الأمريكي.
في الخاتمة، ان الشعب الامريكي يدرك تماماً ان الرئيس الحالي لامريكا هو الاسوء على مر العصور، ويبدو أنّ كثيراً من الخبراء الأمريكيين يتخوّفون من الأداء الشخصي لترامب، الا انه استطاع بسياسته التجارية ان ينعش الاقتصاد الامريكي وان كان بالطرق الملتوية، ويبقى السؤال: هل سيقول الشعب الامريكي كلمته قريبا؟ ام ان الشعب الامريكي على وفاق تام مع رئيسه؟!