الوقت- في ظل الأزمة الدائرة بين الولايات المتّحدة الأمريكية وكوريا الشمالية، على خلفية برنامج الأخيرة النووي، نشرت صحيفة "ناشيونال انترست" الأمريكية مقالا تحليليًّا جاء فيه: أعلن وزير الخارجية الأمريكي "ريكس تلرسون" أن الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن قنوات للتواصل مع "بيونغ يونغ" بغية الإستعداد لمحادثات محتملة.
سرعان ما تفاعل البيت الأبيض مع تصريحات تلرسون، وطلب ترامب من وزير خارجيته أن لا يضيع وقته مع "رجل الصواريخ الصغير" لكوريا الشمالية.
ردة الفعل التي صدرت من ترامب، تطرح سؤالا مهما على أذهان الجميع، مفاده: هل يريد ترامب أن يعلن حربا واقعية على بيونغ يونغ؟
حسب صحيفة ناشيونال انترست: ليس بالشيء العجيب أن تكون وزارة الخارجية تحت نظر وسيطرة ترامب، بل العجيب أن يظهر هكذا خلاف بين البيت الأبيض وأحد أتباعه.
من الواضح أن الولايات المتحدة اليوم تعمل بسياستين متناقضتين مع ملف كوريا الشمالية. بالإضافة إلى ذلك، قام ترامب في الشهرين الماضيين بتهديد زعيم كوريا الشمالية، في وقت لم يسكت له الأخير أيضا، وكان يرد عليه وعلى تهديداته بتدمير كوريا الشمالية، ولطالما نعته بالمريض النفسي.
في الواقع، وحسب الصحيفة الأمريكيّة، باتت استراتيجية ترامب اليوم تشبه إلى حد كبير استراتيجية سلفه "باراك أوباما": بعد كل تجربة صاروخية أو نووية، تقوم واشنطن برفع مستوى العقوبات، ومن جهتها، تضغط الصين أيضا على بيونغ يانغ، بينما تلجأ الأخيرة إلى خطاب القوّة، والإستمرار في توسع قدرتها. أما الفرق بين الرئيس الجمهوري (ترامب) وسلفه، يكمن في تهديد ترامب الدائم بإعلان الحرب.
ولأن ترامب لم ينفّذ أيّا من تهديداته، ويهوى فقط أن يظهر نفسه أمام الملأ، يبدو أن بيونغ يانغ لا تأخذ كلامه على محمل الجدّ، حتى لو كان ذلك مهمّا وجدّيًّا. والمشكلة تكمن في حال كان ترامب جادًّا في كلامه، لأن أي هجوم مقبل على كوريا الشمالية من المحتمل جدّا أن يؤدّي إلى حرب كوريّة جديدة.
وكما يقول ترامب، ما الذي يجب فعله في الشروط الحاليّة؟
في الواقع، وفي حالة كهذه، يبدو أن التهديد أفضل من التنفيذ، والقيام بأي خطوة عملية. وعلى ما يبدو لن يتحقّق أيٌّ من هذه التهديدات.
إن الحوار مع كوريا الشمالية يضمن حلّا لكثير من الأمور العالقة. فحوار كهذا من جهته أولا أن يعمل على تخفيف الحدّة السياسية المسيطرة على شبه الجزيرة الكوريّة. بالإضافة إلى ذلك، وطبقا لكلام "فيكتور تشا"، سفير الولايات المتحدة المحتمل في كوريا الجنوبية، في حال تعاونت الولايات المتّحدة دبلوماسيا مع كوريا الشمالية، ستكون تصرّفات الأخيرة أقلّ استفزازًا.
بالإضافة إلى ذلك، إن التواصل بين الجانبين يُخفّف قليلا من الشعور بالعزلة والحصار الذي يشعر به المسؤولون في بيونغ يانغ.
بالتالي إن النهج الأمريكي بالعمل على اندلاع حرب بين الجانبين، نهجٌ غير مُجد وخطير، وما قام به "ريكس تلرسون"، تصرّف يقوم به أي وزير خارجية، وهو العمل على إيجاد مكان للصلح، على الرغم من إمكانية فشل مساعيه.
تهديدات واشنطن باتت وكأن الحرب على الأبواب، وما تطبّل له وسائل الإعلام البريطانية، أن قادة الجيش الأمريكي في حال الإستعداد لحرب محتملة مع كوريا الشمالية.
وفي وقت يُعلن الرئيس الأمريكي أن شيئا واحدا فقط بإمكانه حلّ الأزمة، لا تزال القوات الكورية الشمالية تجري اختبارات صاروخية ونووية في شبه جزيرة القرم، في ظل معارضة الولايات المتحدة وحلفائها، بينما تؤكد بيونغ يانغ أن التواجد الأمريكي في المنطقة، هو سبب تلك الإختبارات.
يذكر أن زعيم كوريا الشمالية، "كيم جونغ أون"، أعلن أن سلاحه بلده النووي رادع قويّ يحمي البلاد ويضمن الأمن والصلح في شبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا، ويواجه تهديدات الإمبريالية الأمريكية.
بالتالي لا يوجد طريق للحل سوى ما طالبت به مجلة "ناشيونال انترست" ترامب سابقا، وهو تبنّى النهج الدبلوماسي مع كوريا الشمالية على خلفية تطوير برامجها الصاروخية والنووية.
وقد قالت في وقت سابق: "هناك أسباب تدعو ترامب لزيارة "بيونغ يانغ"، ودعوة زعيمها كيم جونغ أون، لزيارة واشنطن، طالما أن كوريا الشمالية فتحت طريقاً للحوار."
لذلك يجب تنبيه واشنطن من رفض الحوار، فهو يرفع من خطورة المواجهة العسكرية بين كلا الجانبين، ومقتل ملايين المدنيين فى غضون ساعات قليلة.