الوقت- تدمر او كما كانت تسمى مملكة الشرق، وملكتها زنوبيا ملكة ملكات الشرق، أصبحت الآن مستعمرة بيد داعش. حرب خاضها الجيش العربي السوري للمحافظة على المدينة ضد تنظيم داعش الارهابي ولكن النتيجة كانت لداعش. والآن ما هو مصير المدينة من سكان مدنيين الى المدينة التاريخية والآثار. فتنظيم داعش معروف ومشهود له بالتاريخ الاجرامي والهمجي للبشر والحجر، فماذا فعلت الدول العربية والغربية والمنظمات الدولية اتجاه هذه المدينة الاثرية؟
سقوط تدمر وإرهاب داعش
بعد معارك بين الجيش العربي السوري وتنظيم داعش لاكثر من أسبوع إستطاع التنظيم في 20 أيار السيطرة على كامل مدينة تدمر. تلك المدينة التي كانت يوما ما مملكة صمدت في وجهة الامبراطورية الرومانية. واليوم بدأ الإرهاب الداعشي مع دخول عناصر داعش للمدينة، ففي اليوم الاول قام بإعدام حوالي 400 شخص بينهم مدنيون واطفال ونساء، بصورة وحشية وذلك بذبحهم بحجة تعاملهم مع النظام. وكان من بين الضحايا رئيسة قسم التمريض في المشفى الوطني بتدمر، عندما دخل التنظيم منزلها وقام بذبحها مع جميع أفراد عائلتها بذريعة التعامل مع الدولة ايضا. وبعدها قام التنظيم بإعدام حوالي 20 شخصا رميا بالرصاص في المسرح الروماني داخل مدينة تدمر. ولم يكتف هذا التنظيم الإرهابي بإراقة الدماء وقتل الابرياء وإنما أراد تدمير التراث والتاريخ، وعلى الرغم من تصريح المدير العام للآثار والمتاحف مأمون عبد الكريم أنه تم نقل معظم القطع الأثرية الى دمشق قبل سيطرة داعش على المدينة، إلا أن هناك ما يزال القطع الضخمة بالاضافة الى الأماكن التاريخية الواسعة كقوس النصر والطريق المستقيم المحاط بالاعمدة والمسرح والاعبدة التي لا يمكن نقلها. وبعد دخول مسلحي التنظيم الى المتحف الأثري للمدينة، قاموا بتدمير المجسمات التي تمثل عصور ما قبل التاريخ، ثم أغلقوا الأبواب ووضعوا حراسا على مدخل المتحف. وبعد عشرة أيام من السيطرة على المدينة قام عناصر داعش بتهريب السجناء من سجن تدمر الشهير ومن ثم تفخيخ وتفجير السجن. والسؤال هو ماذا بعد؟ فتاريخ داعش مشهور بإجرامهم بحق البشر والحجر، ففي العراق دمروا آثار الموصل ومدينتي الحضر ونمرود الأثريتين.
دور المنظمات الدولية
في اليوم التالي لسقوط المدينة وكعادة مجلس الامن حيال قضايا المنطقة اكتفى أعضاءه بإدانة الأعمال الإرهابية لتنظيم داعش وأعربوا عن قلقهم الشديد حيال مصير الآلاف من المدنيين داخل المدنية بالاضافة إلى الذين تشردوا نتيجة دخول داعش للمدينة، متناسين تقصير التحالف الدولي في التصدي لداعش، ولم يطالبوا كأضعف تقدير بدعم الدول المتصدية لتنظيم داعش كالعراق وسوريا. وفي تصريح للمديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا: إن مدينة تدمر هي موقع استثنائي من التراث العالمي في الصحراء، وتدمير المدينة التاريخية ليس فقط جريمة حرب بل ايضا خسارة كبيرة للبشرية.
ورغم كل هذا الكم من الادانة والاستنكار ماذا فعلت منظمة اليونسكو سوى تكرار دعوتها لمجلس الأمن للإشراف على عملية الحماية لهذه المدينة، حيث قالت بوكوفا "نحن بحاجة الى مجلس الامن، وجميع القادة السياسيين والزعماء الدينيين لمنع هذا التدمير"، ولكن دون أي جدوى. وفي نفس السياق أعلنت المفوضية الأوروبية العليا للسياسة الخارجية والأمن حول دخول داعش لتدمر "أن أعمال القتل وتدمير الميراث الثقافي على يد مسلحي داعش ترقى إلى جرائم حرب". يضاف اليها تصريحات لرؤساء وزعماء دول مختلفة، والتي لم تترجم سوى بإلإدانة والتنديد، حيث لم نر اي موقف حقيقي وجدي للتصدي لتقدم داعش في المدينة التاريخية. فأين هذه المنظمات الدولية التي ترى دولا تقوم بنشر هذه الثقافة الداعشية دون رقيب او حسيب، بالاضافة الى تقديم الدعم المادي واللوجستي لداعش؟ ان سكوت هذه المنظمات وبعض الدول الغربية والعربية حيال أعمال داعش (هنا نعني بالسكوت الإدانة ذاتها) ليس الا مشاركة بالجريمة مع القاتل.
إن مشهد مئات القتلى في شوارع تدمر والآف المهجرين، نشر الرعب بين المدنيين، وتخريب ونهب ممتلكات المواطنين جرائم إرهابية قام بها داعش ولم تلق اي ردع الا من قوات الجيش السوري، ولولا عدد المسلحين الهائل والاستفادة من العربات المفخخة لما استطاعوا السيطرة على المدينة. فأين أعضاء مجلس الامن من البشر في تدمر ومن التراث العالمي المتواجد فيها؟ وأين قوات التحالف العربي المتجهة الى اليمن؟ اليس من الاولى مقاتلة التنظيمات الارهابية من الهجوم على شعب أعزل بريء؟
إننا نرى ازدواجية في المعايير بالنسبة لقضايا المنطقة فالدول الغربية وعلى رأسها امريكا تدعي مواجهتها لداعش وكذلك بعض الدول العربية، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماماً فهي التي تغمض عينيها عن ممارسات داعش إن لم نقل مساعدتها لهذا التنظيم الارهابي في التمدد والاجرام. فكان الله في عونك يا تدمر من تنظيم مجرم وليس دولاً ومنظمات منافقة.