الوقت- التطرف و العنف في كيان الإحتلال ليس ظاهرة جديدة، فهذا الكيان منذ نشأته عام 1948م قام على التطرف و العنف وإراقة الدماء، و استباحة المقدسات والحرمات وقتل كل من يختلف معه في سبيل السيطرة و بسط اليد. ولكي يحافظ على صورته أمام الرأي العام العالمي وبعد تطور وسائل الإعلام و سرعة انتقال الخبر و الصورة، بدأ بتلميع صورته والسعي لإخفاء الصورة العنصرية الإرهابية المتطرفة التي يتبناها المستوطنون. على الرغم من كل تلك المحاولات، رصد جهاز "الشاباك" خلال الأشهر الأخيرة وجود جيل ثانٍ لتنظيم يهودي يطلق على نفسه اسم "التمرد". حيث قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن تنظيم "التمرد" اليهودي هو تنظيم إرهابي ينشط في مناطق الضفة الغربية ويتجمع أفراده في بؤرة استيطانية يطلق عليه اسم "بلاديم" المقامة على أراضي الفلسطينيين بين مدينتي نابلس ورام الله.
يعد "التمرد" أو " البلاديم" من أخطر التنظيمات الإرهابية التي قامت بأعمال حرق وقتل وملاحقة للفلسطينيين في مدن الضفة الغربية المحتلة، ويأخذ من الجبال والتلال وبعض المستوطنات وكرًا له لتنفيذ هجماته والاختباء من الملاحقة. وعلى الرغم من أن حكومة الاحتلال تعتبره "متطرفًا ومتمردًا"، فإن أصابع الاتهام كلها تتجه نحو معارضي نتنياهو لتسريع إسقاطه عن كرسي الحكم، في حين تحدثت آراء أخرى بأن توقيت إعلان التنظيم يمهد لمرحلة اعتداءات وقتل وحرق خطيرة بحق الفلسطينيين، ستعلق جميعها على ظهر هذا التنظيم.
"الجيل الأول" من هذا التنظيم كان مسؤولاً عن عدة جرائم إرهابية من بينها إحراق بيت عائلة دوابشة في قرية دوما وقتل ثلاثة من أفرادها وإحراق كنيسة على ضفاف بحيرة طبريا، ورأت صحيفة هاآرتس أن إعلان نشوء هذا الجيل الثاني تحذير من "إرهاب يهودي شديد". وأضافت أن أفراد تنظيم "التمرد" الذي انبثق من حركة "شبيبة التلال" اليهودية المتطرفة، يهاجمون الفلسطينيين والأماكن الدينية غير اليهودية ونشطاء سلام ويساريين إسرائيليين، وكذلك جنود وضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي. وذكرت الصحيفة أن عدد أعضاء التنظيم يصل إلى بضع عشرات من الشبان في سن 16 – 25 عامًا، ولا يتصرفون كتنظيم هرمي أو تنظيم منظم، وقائده يدعى مئير إتينغر، وهو حفيد الحاخام العنصري المتطرف مئير كهانا.
وارتكب هذا التنظيم هجمات واعتداءات إرهابية عديدة بعد إخلاء بؤرة "عمونا" الاستيطانية في شباط / فبراير الماضي، بينها إحراق سيارتين في بلدة حواره وقرية بورين، ومحاولة إلحاق أضرار بسيارة دبلوماسية قرب القنصلية الإسبانية في القدس وموقع للأمم المتحدة في القدس أيضًا.
وترفض حكومة الإحتلال تصنيف "البلاديم" كمنظمة إرهابية وتواصل التعامل معه باعتباره اتحاد غير مرخص وفقًا لقرارات المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر برئاسة بنيامين نتنياهو قبل عامين، بعد أن تحفظ نتنياهو على اقتراح وزيرة العدل في حكومته آنذاك تسيبي ليفني بوصفه بالتنظيم الإرهابي ودعا لإعلانه كـ"تنظيم غير مسموح به" فقط. وعلل رفضه إعلان هذا التنظيم كجماعة إرهابية، لعدم صحة مقارنته وغيره من منظمات الإرهاب اليهودي بحركات فلسطينية، مدعيًا في ذات الوقت أنه في حال إعلان هذا التنظيم وغيره من المنظمات التي تعمل تحت لواء "دفع الثمن" كمنظات إرهابية فسوف يكون ذلك خطأ نحو الأسرة الدولية، حيث سيشوه هذا الإعلان صورة "إسرائيل" أمام العالم، ويزيد الشعور بعدم شرعية الدولة، على حد قوله.
وأشار إلى أن أعضاء تنظيم "تمرد" من الجيل الثاني تتلمذوا على أيدي الجيل الأول الذي كان مسؤولاً عن عدد من الجرائم إلارهابية، والتي كان من بينها إحراق بيت عائلة دوابشة في قرية دوما وقتل ثلاثة من أفرادها وإحراق كنيسة على ضفاف بحيرة طبريا، وهو التنظيم الذي انبثق من حركة "شبيبة التلال" اليهودية المتطرفة التي حظيت بالرعاية والدعم والتشجيع من رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرئيل شارون الذي دعاهم لاحتلال رؤوس الجبال والتلال
يذكر أن جرائم المتطرفين الصهاينة كثيرة و قديمة فعلى سبيل المثال في إحراق المسجد الأقصى عام 1969م، وفي 25 شباط/فبراير 1994 قتل المستوطن اليهودي "باروخ غولدشتاين" 29 مسلما كانوا يصلون في المسجد الابراهيمي باطلاق النار عليهم من بندقية رشاشة قبل ان يضربه الناجون حتى الموت. عام 1995م قام المتطرف يغال عمير باغتيال رئيس الوزراء في حينه اسحق رابين لتوقيعه اتفاقات السلام مع الفلسطينيين. وفي 2 تموز/يوليو عام 2015، قام ثلاثة متطرفين اسرائيليين بحرق الفتى الفلسطيني محمد ابو خضير وهو حي في القدس الشرقية المحتلة. ومن خلال إعتداءاتهم على الفلسطينيين و الإسرائيليين على حد سواء يمكن الحديث عن دافعهم الديني المتشدد، وهو ما تؤكده النصوص المحرفة للتوراة و التي تدعو للقتل والدمار لغير اليهود وباسم "الرب".