الوقت- نشرت الولايات المتحدة قواتها قرب الحدود المائية لكوريا الشمالية عدة مرات خلال الاعوام الماضية، واقامت مناورات عسكرية مشتركة سنوية مع كوريا الجنوبية واليابان، لكن هل تنوي خوض غمار حرب مع كوريا الشمالية؟
وتشهد المنطقة تواجدا دائما للغواصات، الطائرات القاصفة الاستراتيجية وحاملات الطائرات الأمريكية عند الحدود الكورية الشمالية؛ ودائما ما يتكلم المسؤولون الامريكان عن احتمال شن حرب على كوريا الشمالية، فيما قامت حكومة دونالد ترامب بفرض عقوبات جديدة ضد بيونغ يانغ، وكشفت وزارة الدفاع الأمريكية عن نيتها نشر نظام ثاد (THAAD) للدفاع الصاروخي في كوريا الشمالية.
وكل ذلك هو جانب من الخطوات الاستفزازية الأمريكية ضد كوريا الشمالية، وبعد يوم واحد من اختبار كوريا الشمالية صاروخا بالستيا عابرا للقارات، في اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، أعلنت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي أن بلادها ستتدخل عسكريا ضد كوريا الشمالية إذا ما لزم الأمر، مطالبة في الوقت ذاته كل من الصين وروسيا ببذل المزيد من الجهود لتنفيذ العقوبات ضد كوريا الشمالية.
وعبرت كل من روسيا والصين عن قلقها من التجربة الصاروخية الكورية، وطالبتا بالحوار مع كوريا الشمالية فيما شجبتا التصريحات الأمريكية الحادة ونشر نظام ثاد الأمريكي في كوريا الجنوبية، حيث أن نشر النظام في كوريا الجنوبية قد يؤثر بصورة مباشرة على الأمن القومي الصيني والروسي، مما يشير الى أن للولايات المتحدة أهدافا أبعد من مواجهة صواريخ كوريا الشمالية.
وتجدر الإشارة الى أن مدى رادارات نظام ثاد –يبلغ اكثر من 1000 كلم- يعد من أهم أسباب التوتر بين الصين وأمريكا، حيث ترى الصين أن مدى هذه الرادارات يوفر لها امكانية المراقبة الدقيقة لجانب من الأجواء الصينية. أي أنه على الرغم من أن الهدف الاول لهذه المنظومة هو مواجهة الصواريخ الكورية الشمالية، إلا أنها قد تستخدم لمراقبة الصين.
ويفسر هذا اصرار الولايات المتحدة على نشر هذا النظام الصاروخي وربما نشر أنظمة أخرى في المنطقة بحجة المواجهة مع كوريا الشمالية والدفاع عن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، حيث تقترب أمريكا استراتيجيا من الحدود الصينية.
ويعد تواجد غواصة شاين الأمركية المزودة بصواريخ توماهوك نووية ومشاركتها في الهجوم الصاروخي الأمريكي على مطار الشعيرات في سوريا أبريل الماضي، بالإضافة الى تحليق قاصفتين أمريكيتين خارقتين لسرعة الصوت ومزودة بقنابل نووية قرب الحدود الكورية الشمالية برفقة مقاتلات كورية جنوبية، جانبا من الاستفزازات الأمريكية لكوريا الشمالية، فيما تعلم كوريا الشمالية جدا أن أي تراجع منها سيؤدي الى المزيد من التصعيد الأمريكي. وهنا يجدر بنا التساءل هل يستطيع صاروخ "هواسونغ 14" الكوري الشمالي الجديد ضرب الأراضي الأمريكية؟
في هذا المجال يرى الخبراء أن "هواسونغ 14" قادر على حمل رأس نووي وضرب هاواي وألاسكا، فيما تكشف التقنيات المستخدمة في هذا الصاروخ عن تطور كبير في التقنيات الصاروخية الكورية الشمالية. ومن جهة أخرى تحاول أمريكا استفزاز كوريا الشمالية لاتخاذ خطوات تبرر زيادة القوات الأمريكية قرب الخدود الصينية والجزر المتنازع عليها في المنطقة. في الحقيقة تعد الظروف الحالية في شبه الجزيرة الكوريا مثالية لمضي أمريكا في مخططاتها.
ويبلغ عديد القوات الأمريكية في الجزر اليابانية أكثر من 40 الف جنديا، أغلبهم في جزيرة اوكيناوا. فيما نشرت أمريكا قرابة 23 الف جنديا آخرين مع معداتهم في كوريا الجنوبية.
أما كوريا الشمالية فقد طورت تقنياتها الصاروخية، وتشير التقارير الى أنها رفعت مخزونها من البلوتونيوم المستخدم في صناعة الرؤوس النووية. وقد نفذت كوريا الشمالية حتى الآن 5 تجارب نووية، وبالنظر الى زيادة نشاطها في هذا المجال فمن الممكن أن نشهد قريبا تجربة سادسة. لكن كيف سترد حكومة ترامب على هذه التهديدات الكورية الشمالية؟
بالنظر الى الأسلحة النووية التي تملكها كوريا الشمالية وقدراتها الصاروخية، فهي تعلم أنها ستكون الخاسرة إذا ما دخلت في حرب نووية مع الولايات المتحدة التي تملك تقنيات نووية أكثر تطورا واعداد كبيرة من رؤوس والقنابل النووية. في الحقيقة أن سلاح كوريا الشمالية النووي مخصص لردع امريكا من شن ضربة استباقية تقليدية او نووية ضد كوريا الشمالية.
ويرى زعماء كوريا الشمالية أن التخلي عن البرنامج النووي أمر خطير بالنظر الى تجارب السابقة في العراق وليبيا وشن أمريكا حروبا على البلدين بعد تخليهما عن أسلحة الدمار الشمال. من هذا المنطلق يتضح أن كوريا لا تنوي أن تطلق الرصاصة الأولى في حرب ضد أعدائها الأقوى منها بكثير والداخلين ضمن مظلة حماية الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، إلا أنها رغم ذلك ستستخدم جيشها الذي يبلغ عدد مقاتلين المليون وبرنامجها النووي من أجل ضمان استمرار نظامها وزعميها، وبناء على ما مر فإن أي خطوة عسكرية أمريكية ضد كوريا الشمالية قد تقود الى حرب ضروس في المنطقة، ولذلك يجب أن تضع أمريكا حدا لممارستها الاستفزازية وأن تدخل في حوار مع كوريا الشمالية.