الوقت- كتب الصحفي البريطاني "جدعون راخمان" اليوم الثلاثاء في مقال له، أن ثمة ضبابية تكتنف أجواء تحديد شخصية مَن يقود العالم عند التركيز في قمة مجموعة العشرين المقبلة، لاسيما والمنافسة محتدمة على هذا المنصب بين كل من ميركل وترامب وبينغ.
وأعاد الصحفي البريطاني في مقاله بـ"الـفاينانشيال تايمز" للأذهان انعقاد أول قمة لقادة مجموعة العشرين في واشنطن أواخر عام 2008، كاشفا: على الرغم من أن مصداقية الولايات المتحدة كانت في ذلك الوقت قد تأثرت بانهيار مصرف "ليمان براذرز" وبالحرب في العراق، إلا أنه لم يكن ثمة شكٌ في أنّ أهم قائد في قاعة الاجتماع آنذاك كان هو المُضيف - الرئيس جورج بوش الإبن.
المنافس الأول لترامب
وتابع الكاتب راخمان معلقاً: بعد مرور تسع سنوات من القمة الأولى، تجري حاليا الاستعدادات لعقد القمة ذاتها في ألمانيا يومَي الجمعة والسبت المقبلين، مضيفاً إنه لم يعد واضحا أن بقية دول العالم يمكن أن ينظروا إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتباره قائدا لهذا العالم، لا سيما في ظل شعاره "أمريكا أولاً"؛ لكن في غضون ذلك ثمة آخرين يتطلعون إلى قيادة العالم ويتقدمون صوبها أمثال "شي جين بينغ" الرئيس الصيني الذي يُنصّب نفسه مُدافعا عن أشكال التعاون الدولي التي يرفضها المستر ترامب.
المنافس الثاني قائدا للعالم
ويرى الكاتب الصحفي البريطاني أن المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، وإنْ كانت قد رفضتْ فكرة أنها قائدة الغرب، إلا أن اسمها بات يتردد بقوة متزايدة على صعيد القضايا العالمية؛ وإذا ما تُرِكَ الأمر لمواطني العالم، فإن ميركل مؤهلة للحصول على وظيفة "قائد العالم"... وقد أظهر استطلاع للرأي نشره مركز "بيو" للأبحاث الأسبوع الماضي وتم إجراؤه في 37 دولة حول العالم، أن نسبة 42% أعربت عن ثقتها في المستشارة الألمانية وأنها "تفعل المناسب من الأمور" - مقابل نسبة 28% للمستر "بينغ" و22% فقط للمستر ترامب.
والقيادة ليست منافسة شعبية بحسب وجهة نظر الكاتب راخمان؛ كما أن كلا من هؤلاء القادة الثلاثة سيُضيف نقاط قوة ونقاط ضعف لطاولة مؤتمر مجموعة العشرين.
وفي هذا السياق قام الكاتب بتلخيص مزايا ومثالب كل من القادة الثلاثة الطامحين لقيادة العالم على النحو التالي:
مزايا ومثالب الرئيس الأمريكي
افتتح الكاتب تصنيفه بالرئيس الأمريكي ترامب، مشيرا إلى مزاياه: كقائد للقوة العظمى الراهنة بما تحظى به تلك من شبكة تحالفات عالمية لا تحظى بها سواها من الدول، فضلا عن أن العديد من دول مجموعة العشرين تعتمد على القوة الخشنة الأمريكية في ضمان الأمن في عالم محفوف بالمخاطر - وإذا كان سلوك المستر ترامب لا يبعث على الطمأنينة، فإن مؤسسات الولايات المتحدة كفيلة بأن تثبت أنها أقوى من الرئيس.
وتطرّق راخمان الى مثالب ترامب قائلا: إن فلسفته الخاصة بـ "أمريكا أولا" تثير الشكوك حول إمكان استمرارية الاعتماد على الضمانات الأمنية الأمريكية؛ كما أن "النزعة الحمائية" للرئيس تقوّض الدور التقليدي الأمريكي كحامٍية لنظام التجارة العالمي؛ فضلا عن أن موقف ترامب من التغير المناخي كفيلٌ بأن يلقى رفضا واسعا؛ وفي ظل ما يتسم به ترامب من نفور شعبي على مستوى العالم فإن أي قائد يُفْرط في الاقتراب منه إنما يُجازف بدفع ثمن محليّ.
مزايا ومثالب الرئيس الصيني
وأما بشأن الرئيس الصيني "شب جين بينغ" فقد كان المرشح الثاني بعد ترامب لمنصب زعيم العالم بحسب كاتب المقال، والذي تجسدت مزاياه بنظر الكاتب كما يلي: الصين تمتلك أموالا كثيرة وأنها على استعداد لإنفاق تلك الأموال في سبيل اكتساب نفوذ؛ وكانت قمة (حزام واحد، طريق واحد) نموذجا قويا على الدبلوماسية الاقتصادية للصين؛ كما أن القادة الآسيويين المتفكرين في توازن مستقبلي للقوى على قارتهم ربما يرون فائدة في التقرب من بكين والابتعاد عن واشنطن؛ وفي أوروبا، ساعدتْ مواقف "بينغ" على صعيدَي المناخ والتجارة في إكسابه شهرة كثِقَلٍ مواز للولايات المتحدة.
إلا أن مثالب "بينغ" لم يغفل عنها راخمان، وذكر منها: إن ثمة حقيقة حمائية تكمن وراء خطاب الصين الخاص بالتجارة الحرّة؛ كما أن المستر "بينغ" أقلّ حرصًا على حرية الصحافة من المستر ترامب؛ فضلا عن أن الصين قوة استبدادية بينما معظم دول مجموعة العشرين الأخرى هي دول ديمقراطية.
مزايا ومثالب المستشارة الألمانية
وفي الختام تطرّق الكاتب الى مزايا ومثالب المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل؛ من حيث كونها تبدو رصينة؛ ومؤمنة بالمجتمع الدولي ومدافعة عن سيادة القانون، وقد اكتسبت احتراما عبر أدوارها في أزمات اليورو، وأوكرانيا، وأزمة اللاجئين، وصدمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكسيت"، قائلا: إن خبرة ميركل إضافة إلى قوة ألمانيا الاقتصادية تجعلها قائدا فعليا للاتحاد الأوروبي؛ فضلا عن أن لديها حليفا أوروبيا قويا هو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتتسم بطريقة تفكير تشبه تلك التي لرئيس وزراء كندا جاستين ترودو.
وعلى مايبدو أن مثالب ميركل قليلة بعض الشيء نسبة بما سبقها، حيث يرى الكاتب البريطاني أنها تفتقر إلى القوة الخشنة، متسائلا لو أن قوات معادية عبرت حدود إحدى الدول، فبمن ستستغيث؟ ربما ليس بألمانيا. إن الطبيعة الحذرة والتاريخ الألماني يجعلان ميركل مترددة في المطالبة بقيادة العالم.
وفي اختتام مقاله أشار الكاتب راخمان إلى أن الأساليب المتناقضة لكل من الولايات المتحدة والصين وألمانيا هي التي ستحدّد المنافسة على القيادة في قمة مجموعة العشرين المقبلة.
