الوقت- منذ أكثر من 35 عاماً بدأ رئيس منظمة بدر في العراق هادي العامري حياته الجهادية الحافلة بالمواقف البطولية عندما قرر مقارعة نظام الديكتاتور المعدوم صدام الذي حكم البلاد بالنار والحديد وأذاق اهلها البؤس والشقاء بسبب سياساته الرعناء والحروب الهمجية التي شنها على دول الجوار لاسيما الجمهورية الاسلامية الايرانية والكويت في ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي.
هادي فرحان عبد الله العامري الملقب بـ " أبو حسن العامري" المولود في محافظة ديالى عام 1954 والحاصل على شهادة البكلوريوس في الإحصاء من جامعة بغداد عام 1976 غادر العراق إلى سوريا بعد استشهاد المرجع الديني والمفكر الاسلامي محمد باقر الصدر على يد نظام صدام، واتصل هناك بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق بقيادة آية الله السيد محمد باقر الحكيم، ثم سافر إلى إيران وشارك في تأسيس فيلق بدر الذي كانت له صولات وجولات جهادية مشهودة في جنوب العراق وبالتحديد في منطقة الأهوار.
وقاد العامري بنفسه الكثير من العمليات البطولية في داخل العراق لتخليص الشعب العراقي من ظلم وطغيان نظام صدام، وتعرض خلال ذلك لمخاطر كبيرة كادت تودي بحياته من اجل الوطن.
وبعد سقوط نظام صدام اختير العامري نائباً لتمثيل محافظة ديالى في البرلمان العراقي بين عامي 2006 و2010 ثم وزيراً للنقل في حكومة نوري المالكي بين عامي 2010 و2014.
وعرف العامري بمواقفه المشرفة وأمانته وصدقه واخلاصه وحبه للعراق وشعبه طيلة تلك الفترة التي تحمل خلالها الكثير من المسؤوليات السياسية والتنفيذية والاجتماعية وأداها على أحسن وجه وهو ما شهد به العدو قبل الصديق.
وخلال الانتخابات البرلمانية التي شهدها العراق في نيسان 2014 تمكنت كتلة بدر التي يتزعمها العامري من الفوز بـ 22 مقعداً، وكان الأقرب لتولي منصب وزير الداخلية لولا التدخلات السياسية التي أفضت إلى تولي نائبه محمد سالم الغبان للمنصب.
وخلال سنوات الاحتلال الامريكي للعراق بين عامي 2003 و2011 تمكن العامري من حفظ تلاحم وانسجام قوات بدر وتوظيف طاقتها من أجل اعمار وبناء البلد رغم الصعوبات التي واجهها في هذا المجال من قبل القوات الامريكية والاطراف السياسية المتعاونة معها والتي كانت تسعى لإحباط جهوده لكنه تمكن من إفشالها بحنكته ودرايته.
وبعد احتلال تنظيم "داعش" الارهابي لمناطق واسعة في محافظات الموصل وصلاح الدين والانبار ابتعد العامري عن المحافل السياسية وتفرغ تماماً للعمل العسكري الميداني قائداً لكتائب الحشد الشعبي وملبياً لنداء المرجعية الدينية المتمثلة بآية الله السيد علي السيستاني، حيث تمكن من تحرير ناحية جرف النصر "جرف الصخر" التابعة لمحافظة بابل جنوب بغداد، ثم توجه الى مناطق شمال شرق ديالى ومن بينها المقدادية والسعدية لتحريرها بالكامل من سيطرة الارهابيين ثم تولى بنفسه فك الحصار عن ناحية آمرلي في محافظة صلاح الدين. وفي يوم 6 آذار/مارس أعلن العامري تطهير قضاء الدور التابع أيضاً لمحافظة صلاح الدين من عناصر "داعش".
ورغم المسؤوليات المتعددة التي تحملها العامري قبل احتلال الموصل في 10 حزيران 2014 من قبل ارهابيي "داعش"، لم يمنعه ذلك من الحضور المباشر لقيادة الحشد الشعبي وأبى إلّا ان يسكن ساحات المعارك، مسخراً خبراته القتالية التي اكتسبها في سنين المعارضة كونه قائد فيلق بدر سابقاً لمجابهة عصابات "داعش" برفقة المجاهدين الذين شمروا عن سواعدهم وسطروا الانتصارات تلو الانتصارات بسرعة قياسية جسدت ايمانهم بقضيتهم وحبهم لوطنهم وتفانيهم في سبيل الدفاع عنه تحت قيادة العامري.
ومنذ تسلمه قيادة الحشد الشعبي وحتى هذه اللحظة لازال العامري يبعث الأمل في نفوس العراقيين ويبث اليأس والهلع في قلوب أعدائهم وفي مقدمتهم العصابات الارهابية التي باتت تخشى من سماع اسمه وتفضل الهروب من مواقعها عندما تعلم بوجوده بعد ان جرعها هزائم منكرة غيرت الحسابات لصالح الشعب العراقي وقواه المسلحة.
وللعامري دور كبير في استقطاب المجاهدين وكتائب الحشد الشعبي من جميع انحاء العراق وقد رسم بخططه ونداءاته التي اطلقها منذ البداية المسير الاستراتيجي لتحرير البلد من عصابات "داعش" من خلال تأكيده على ضرورة اشراك الحشد في جميع العمليات التي يخوضها الجيش والقوات الامنية لإيمانه وعقيدته الراسخة بقوة وعزيمة كتائب وفصائل الحشد ومعرفته الكاملة باستعدادها التام لبذل الغالي والنفيس لأداء المهام الموكلة اليها على أحسن وجه.
بهذه المواقف البطولية وغيرها الكثير والتي لا مجال لذكرها الآن نقش العامري اسمه في صفحات المجد التي ستتناقلها الاجيال جيلاً بعد جيل وستتخذها رمزاً وطنيا تفتخر به، لأنه برهن للجميع بأن العراق يمتلك قادة وطنيين يشعرون بالمسؤولية ويضحون بأرواحهم من اجل البلد وشعبه ولا تهمهم زخارف الدنيا والمواقع السياسية والحكومية، بل يزهدون بها ويجودون بأنفسهم دفاعاً عن الحق وإزهاقاً للباطل "والجود بالنفس أقصى غاية الجود".