الوقت - يكتسب إحياء "يوم القدس العالمي" الذي دعا له الإمام الخميني "قدس" في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك من كل عام أهمية خاصة هذا العام نظراً للظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم لاسيّما العالم الإسلامي وعموم المنطقة.
وتؤكد دعوة الإمام الخميني "رض" لإحياء هذا اليوم على ضرورة تنظيم تظاهرات ومسيرات عارمة في مختلف أنحاء العالم تضامناً مع الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة من أجل نيل حقوقه المغتصبة في الأرض والوطن وتنديداً بالجرائم البشعة التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد هذا الشعب المظلوم.
وتحظى القضية الفلسطينية بأولوية قصوى باعتبارها تمثل القضية المركزية لدى كافة المسلمين والأحرار في العالم. وفي هذا العام اكتسب يوم القدس العالمي أهمية مضاعفة لما له من تأثير مباشر على مجمل الأوضاع في المنطقة والعالم. والأدلة على هذه الأهمية كثيرة يمكن إجمالها على النحو التالي:
التصدي لمحاولات تهميش القضية الفلسطينية
بعد اندلاع الأزمة في سوريا والعراق نتيجة دخول الجماعات الإرهابية والتكفيرية إلى أراضي هذين البلدين واحتلال أجزاء كبيرة منها من خلال ارتكاب أبشع الجرائم دخلت المنطقة مرحلة جديدة خصوصاً بعد تصاعد وتيرة التدخلات الأجنبية في شؤون هذه المنطقة. وعلى الرغم من الانتصارات الباهرة التي حققها محور المقاومة على هذه الجماعات لازالت المنطقة تحت تأثير هذه الأزمة، ما أدى بالتالي إلى انحسار التوجه نحو القضية الفلسطينية، وساهم أيضاً في إطلاق يد الكيان الإسرائيلي لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية في إطار مساعيه لتهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك. ومن هنا تأتي أهمية إحياء يوم القدس العالمي هذا العام للفت أنظار العالم مرة أخرى إلى خطورة هذه الجرائم، وإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة من جديد باعتبارها القضية المركزية والمصيرية في العالم الإسلامي.
داعمو القدس بالأمس؛ أصدقاء "إسرائيل" اليوم
أفرزت التطورات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة تبلور تحالفات بين بعض الدول التي كانت تدّعي في السابق الوقوف إلى جانب الفلسطينيين لكنها تحولت إلى الصف المعادي نتيجة المصالح السياسية والمادية كما هو حاصل بالنسبة للسعودية ودول إقليمية أخرى، إذ باتت هذه الدول أو بعضها تنظر إلى إيران على أنها العدو الأول للمنطقة وليس الكيان الإسرائيلي وبادرت كذلك إلى تطبيع علاقاتها مع كيان الاحتلال لمواجهة محور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الصهيوأمريكي في عموم المنطقة. ومن هنا يكتسب إحياء يوم القدس هذا العام أهمية خاصة لفضح الأهداف المشؤومة لهذا المشروع وكشف زيف الحكومات والأنظمة التي توالي وتدعم كيان الاحتلال وتعادي الشعب الفلسطيني والقوى الداعمة له لاسيّما إيران ومحور المقاومة. ومن شأن هذا الأمر أن يضاعف الأمل لدى الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة لمواصلة نضالهم من أجل تحرير أرضهم السليبة واستعادة حقوقهم المشروعة لاسيّما حق العودة.
مقترح "حل الدولتين"
حاولت بعض الأطراف الإقليمية والدولية خصوصاً أمريكا بثّ الروح في ما يسمى مقترح "حل الدولتين" لتسوية القضية الفلسطينية مع الكيان الإسرائيلي على أساس حدود عام 1967، ولكن تعنت كيان الاحتلال وإصراره على مواصلة الاستيطان في الأراضي المحتلة أفشل جميع المحاولات الرامية لإحياء هذا المقترح. كما ساهم إعلان أمريكا عن نيتها نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس في لفت أنظار العالم إلى الدعم اللامحدود الذي تقدمه واشنطن لكيان الاحتلال، الأمر الذي يضفي على يوم القدس أهمية مضاعفة لكشف أبعاد هذه الإجراءات وبيان خطورتها من جانب، والتأكيد على ضرورة دعم الفلسطينيين لمواصلة جهادهم لاسترجاع حقوقهم المغتصبة خصوصاً وأن الفصائل الفلسطينية المقاومة ترفض مقترح "حل الدولتين" باعتباره يساوي بين الضحيّة والجلّاد ويصب في النهاية بصالح الكيان الإسرائيلي.
محاولات التغطية على مخاطر "إسرائيل" وإثارة موضوع "إيران فوبيا"
تسعى الأطراف الدولية والإقليمية الحليفة للكيان الإسرائيلي للتغطية على مخاطر وجرائم هذا الكيان من خلال إثارة المخاوف المزعومة ضد إيران أو ما بات يعرف باسم "إيران فوبيا"، الأمر الذي يستدعي من جميع المسلمين والأحرار في المنطقة والعالم رفع صوتهم ضد هذه التخرصات من خلال إحياء يوم القدس العالمي على أفضل وجه، تضامناً مع الجمهورية الإسلامية في إيران الداعم الأكبر لمحور المقاومة في فلسطين وعموم المنطقة.
التصدي لمحاولات ضرب الوحدة الإسلامية
بعد الأزمات الكثيرة التي عصفت بالشرق الأوسط لاسيّما خطر الجماعات الإرهابية تعرضت الوحدة الإسلامية إلى تهديد مباشر أدى إلى تفكك الأواصر بين العديد من دول المنطقة بسبب وقوف بعض هذه الدول إلى جانب المنظمات المتطرفة والتكفيرية، الأمر الذي يدعو جميع المسلمين إلى التظافر وتوحيد الجهود لإعادة اللحمة فيما بينهم. ويمثل يوم القدس فرصة ثمينة لرصّ الصفوف وتعزيز الوحدة الإسلامية خدمة للقضية الفلسطينية وجميع القضايا المصيرية التي تهم العالم الإسلامي.