الوقت- بعد اشتباكات عنيفة دامت لساعات، عاد الهدوء الحذر إلى مخيم برج البراجنة، في ضاحية بيروت الجنوبية، ابتداءً من أولى ساعات مساء أمس الجمعة.
ورغم محاولة العديد من الأطراف، الداخلية والخارجية على حدّ سواء، رسم سيناريوهات مختلفة لاشتباكات "حي الجورة"، إلاّ أن مصادر أمنية من مختلف الأجهزة الرسمية اللبنانية، ومصادر فلسطينيّة عدّة، أكّدت أن لا خلفيات سياسية أو مذهبية للحادث، وقد أوضحت المصادر أن الحوادث "بدأت بإشكال فردي، بين فلسطينيين ولبنانيين، سرعان ما تطور إلى اشتباكات بالبنادق الرشاشة والقذائف الصاروخية".
بعد ساعة على الاشتباك، عمد الجيش اللبناني إلى استقدام تعزيزات إلى برج البراجنة، والرد على مصادر النيران، كما أن اتساع حلقة الاشتباكات دفعت بالجيش اللبناني قطع نزلة مسجد الرسول الأعظم وصولاً إلى ساحة عين السكة في قلب برج البراجنة، وكانت حصيلة الاشتباكات قتيل واحد، لا علاقة له بالاشتباكات أو بأحد الطرفين.
تطوّرات "حي الجورة" كشفت عورة العديد من وسائل الإعلام اللبنانية والعربية التي عمدت لاستخدامها في سياسة تصفية الحسابات السياسيّة مع حزب الله والفصائل الفلسطينية، في حين عمدت وسائل إعلان أخرى على التحريض ضد الفلسطينيين رغم أن الإشكال فردي محض دون أي خلفيات سياسيّة مزعومة، كما أن الفصائل الفلسطينية سارعت إلى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لوقف الاشتباكات، ومنع تطورها، مبديةً تعاونها مع الأجهزة الأمنية، ومع حزب الله وحركة أمل، لضبط الأمن ومنع انفلات الأمور في المخيم ومحيطه، إضافة إلى "نشر قوى التحالف الفلسطيني مسلحين في كامل أرجاء مخيم برج البراجنة، لضبط الأمن ونزع فتيل المعارك"، وفق مصادر فلسطينية.
واللافت أيضاً، أن العديد من وسائل الإعلام عنونت الاشتباكات بمواجهات بين اللبنانيين والفلسطينيين، وكأن هناك تصفية حسابات بين الطرفين، رغم إدراكهم المسبق أن الأمر لا يعدو عن كونه اشكال فردي، بين ابن جعفر وابن القفاص، في خطوة تؤكد عزم البعض على إيجاد الشرخ بين اللبنانيين والفلسطينيين بشكل عام، والفلسطينيين وبيئة "حزب الله" على وجه الخصوص.
الرواية الأمنيّة
وأمّا الرواية الأمنيّة التي تقول بعد إشكال فردي حصل قبل أسبوع أطلق أحد أبناء "آل جعفر" النار على شخص فلسطيني مِن قاطني المخيّم، لكنّه لم يمت بل أصيب بجروح. ما دفع المصاب للرد بالمثل عبر إطلاق النار على شخص لبناني، لتندلع الاشتباكات بين الطرفين وتنهال التحليلات التي لا تمت إلى الواقع بصله.
أبناء تلك المنطقة معتادون على سماع أصوات الرصاص من داخل المخيّم، إلا أن نحو خمس ساعات مِن الاشتباكات المتقطّعة والتي استخدمت فيها الأسلحة الرشّاشة الفرديّة والمتوسّطة، والقنابل اليدويّة، والقذائف الصاروخيّة أثارت الذعر بين سكّان المنطقة، لكن اللافت في اشتباكات الأمس تواجد بعض القناصين على المبان العالية، الأمر الذي يعدّ تطوّراً لافتاً وخطيراً يفرض على كافّة الجهات المختصّة تداركه.
مصدر أمني يوضح لصحيفة "الجمهورية" تعليقاً على الحادث: "ما جرى في مخيم برج البراجنة والاشتباكات التي شهدها، ناجم من حادث فردي، إلّا أنّ عنف الاشتباكات وكثافة النيران خلقت جواً من القلق، خصوصاً أنّ الأمور كادت تتفاقم أكثر وتتمدد الى مخيمات أخرى شهدت ظهوراً مسلحاً في بعض أحيائها إضافة إلى مسلحين في خارجها. وأوضح أنّ الجيش اتخذ إجراءات أمنية مشددة في منطقة التوتر سعياً الى ضبط الوضع ومنع تفاقمه، وملاحقة المتورطين والقبض عليهم".
ورغم أنّه لم تتضح أسباب الخلاف الفردي حيث يتحدّث البعض أن الإشكال بدأ نتيجة إدخال مواد بناء، إلا أنّه لا بدّ من الإشارة إلى أن مخيم البرج يقع على أطراف الضاحية الجنوبية، يضج بتجّار السلاح مع المُشتبك معهم، كما أنّ الحي الذي انطلق منه الإشكال معروف بأنه لتجّار المخدرات، فكثيرة هي الأحكام القضائية و التقارير الأمنيّة، التي يرد فيها ذكر "حيّ الجورة" (اللبناني) والمخيّم (الفلسطيني) في قضايا مخدّرات وسلاح وسلب (إلخ). باختصار اشتباكات الأمس كانت "اشتباكات زعران" لا أكثر، بعضهم لبناني والآخر فلسطيني.