الوقت - بعد مفاوضات طويلة بدأت في العام 2007 واخلال الجانب الروسي بالتعهدات التي قدمها للجمهورية الاسلامية والغاء صفقة منظومة الدفاع الجوي اس – 300 ومن ثم تاجيلها, وبعد تنفيذ الاتفاق النووي ورفع الحظر عن ايران ودخول العلاقات بين طهران وموسكو الى مرحلة التعاون العسكري المباشر في الميدان السوري وتحسن العلاقات بين الجانبين, تسلمت الجمهورية الاسلامية منظومة اس-300 للدفاع الجوي.
نشرت هذه المنظومة حول المنشات النووية والحيوية في البلاد, وظلت تحوم الشكوك عن مدى القدرة الايرانية على تشغيل هذه المنظومة الدفاعية المعقدة والحديثة والقادرة على رصد اهداف الطائرات وضربها في مدى يصل الى 200 كلم.
القوات العسكرية الايرانية قطعت الشك باليقين واثبتت بالنار وبالتجرية الحية قدرة الضباط الايرانيين في مقر خاتم الانبياء للدفاع الجوي على اصابة الاهداف الصعبة جوا. المشاهد الاولية التي بثت لاطلاق الصواريخ من على منصاتها واعتراضها صاروخا بالستيا اضافة الى طائرة مسيرة صغيرة الحجم كشفت حجم القدرة على المناورة ودقة المنظومة وهو امر مفروغ منه وعادي الان انطلاق هذه الصواريخ وتشغيلها من قبل ضباط ايرانيين ادخلها الخدمة الفعلية وبالتالي وجهت القيادة العسكرية رسالة رادعة جديدة بان المنظومة الدفاعية الايرانية باتت مكتملة برا وبحرا وجوا . فالصواريخ البالستية التي تشكل قلقا للقواعد الاجنبية في محيط ايران اضافة للرعب الذي خلقته للكيان الصهيوني كان كافيا بعدم المغامرة بتوجيه ضربة عسكرية ضد الجمهورية الاسلامية , والقدرات البحرية التي كشف عنها في مناورات الولاية بحرا تشكل كابوسا للقطع والفرقاطات المنتشرة على امتداد الخليج الفارسي وفي المحيط الهندي على شعاع اكثر من 300 كلم.
الرسالة الصاروخية اليوم من منظومة اس-300 جاءت لتكمل استراتيجية الردع فالحديث عن الخيارات المطروحة ضد الجمهورية الاسلامية التي تطلقها الادارة الامريكية الجديدة لا يمكن ان تنفذ عسكريا الا من خلال صواريخ بعيدة المدى والهجوم الجوي وبالتالي فان السماء الايرانية اصبحت خطرة على الاجسام الطائرة المعادية صاروخية كانت ام اسرابا لمقاتلات حربية وبالتالي تم تامين المنشات الحيوية بمنظومة حديثة قادرة على اسقاط اي جسم طائر على ارتفاعات شاهقة بمدى يصل الى 200 كلم.
تواجد هذه المنظومة على مقربة من الحدود الايرانية يعني ان الجمهورية الاسلامية والقوات المسلحة قادرة على استهداف الطائرات المعادية قبل دخولها المجال الجوي والتعامل معها في حال تم تشخيص محاولات لهجمات عبر الجو يضاف اليها منظومة "باور 373 " المحلية الصنع المشابهة تكتيكا وعملا للمنظومة الروسية والتي سيكشف عنها قريبا مع تواجد صواريخ اس -200 ومنظومات "صياد" و"الثالث من خرداد " و"طبس" و"تلاش" ما يعني شبكة دفاع جوي قادرة على تغطية اكثر من مليوني كلم ورصد تحركات الاجسام الطائرة على بعد مئات الكيلومترات.
الرسالة الصاروخية الايرانية بنكهتها الروسية اتت لتكشف المساعي التي قام بها العدو الاسرائيلي ودول عربية واوروبية اضافة للولايات المتحدة الامريكية لعرقلة الصفقة التي تاخرت لسنوات عدة ما سمح لطهران بانتاج منظومات جوية محلية الصنع لتدخل اس -300 الخدمة الفعلية موجهة صفعة الی كافة الجهود المعادية للجمهورية الاسلامية والتي حاولت منع طهران من الحصول على هذه المنظومة لابقائها تحت ضغط التهديد العسكري الذي بات اليوم اصعب بكثير بوجود شبكة دفاع جوي تمنع حتى مجرد التفكير بالاقتراب من الاجواء الايرانية الا للذين سيحاولون دفع المنطقة لحرب غير محسوبة النتائج للمهاجمين الذين يدركون جيدا ان الخيار العسكري ضد ايران اصبح بحكم الساقط وفي حال حدوثه فانه سيغير العديد من المعادلات و التوازنات القائمة لصالح طهران وحلفائها وهذا ما يعزز فرضية ابقاء الحرب الباردة مع ايران وحصرها بالاشتباك الاقتصادي و السياسي.
بقلم حسن حيدر